الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق هوية وطن ام وطن بلا هوية

ثائر سالم

2007 / 8 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد اثبتت تجربة ، قوميات واديان المنطقة وشعوبها ، خطورة وخطأ سياسات ثقافة التعادي والتكاره والتعصب ، وثمنها الباهض. وعدم قدرتها في النهاية تحقيق اي منفعة، لاي طرف دون مراعاة مصالح وحقوق الاخر،( قومية كانت ، ام شعبا ، ام دولة ، ام نظام حكم). وان محاولات العزف على عناصر الاختلاف بين هذه التنويعات ، والسعي لفك ارتباطها ببعض، لم تتمكن من تغيير جغرافية وتاريخ المنطقة. كما ان سياسات تعظيم الاختلاف بين اقوام وتكوينات المنطقة ، لم تنجح في تغذية مناخات التناحر والتصارع بينها وتجاهل مزايا منافع التعايش المشترك، والتعاون الاخوي، داخليا واقليميا. ولا في تغييراو تعديل حقيقة خارطة التنوع القومي الديني المذهبي.

كان الوطن في كل المراحل التي مرت بها المنطقة والشعب العراقي ، الهوية الاساس والاقوى تاثيرا ، على ضمان استمرار الدولة سيرها في طريق التحديث والتطور للمجتمع. وكان الهوية الوحيدة ، من بين كل الهويات الاخرى ـ عقائدية ام اثنية ـ التي تتمتع بقدرة احتواء الجميع وتلك الهويات، وعدم التناقض معها، بل بتوفير مناخات تضمن لها، التطور وتاكيد غنى مساهمتها في حضارة البلد. بل ان بلوغ هويات اخرى ، اهدافها الجزئية ، هي غير ممكنة اقليميا او داخليا او دوليا، دون اسناد الاخر ، شريك وطن، او جار يترابط ويتبادل المصلحة والتاثير معك.

تلك حكمة تاكدت في محطات تاريخية عدة، دفع العراقيون فيها ثمنا باهضا، ولازالت تتاكد اليوم في شواهد عدة. والامر لا يتعلق على ما اظن، في صعوبة البناء، او مواجهة اطماع الخارج،( الخارج هنا الاقليمي حينما يكون الامر وطنيا ،ودوليا حينما يكون الامر مشروعا ضد المنطقة)، منفردين، متناقضين او متحاربين فحسب، وانما بالدرجة الاولى، بسبب فشل كل تجارب سياسات المراهنة على الخارج، والاستقواء به على الشريك ، التي لن تتكشف يوما الا عن وعود كاذبه ونوايا سيئة.
فالخارج لايمكنه ان يقدم مصلحة ، الكل العراقي ـ طرف او اطراف منه ، على مصالحه التي لابد لها وان تتناقض ، اليوم او غدا، في منطقة ما ، بهذه الدرجة او تلك ، مع المصالح الوطنية. ان العراق اليوم ،كدولة ومجتمع، يواجه خطر التشرذم الى بنى وتكوينات ماقبل الدولة والمجتمع المدني. او خطر الانقسام الى دول ضعيفة ، اقرب الى كيانات هشة، لاتقوم على اسس الدولة ، يتحكم فيها الضعيف والصغير قبل القوي والكبير، من دول الجوار.

. ويبدو ان من الصعب على العراق ، كبلد قائم على تنوع ، اعراق وثقافات واديان ومذاهب ، تجنب تدخل قوى ودول واقليمية وعالمية، لها امتداداتها الجغرافية والتاريخية، ومصالحها المشتركة، ونفوذها في العراق. هذه الحقيقة يدركها الجوار وغير الجوار، كما يدركها العراقيون ذاتهم.

ان الاعتقاد بامكان حصول التقاء مصالح ظرفي( آني)، بين مشروع الخارج والمشروع الوطني ، وتحويله الى تحالف ستراتيجي ، يحقق التوازن في المصالح والمنافع، انما هو امر تقف دونه عوائق وحقائق موضوعية هامة يصعب القفز فوقها. فالاختلاف في حجوم الدول ، وفي مستويات التطور الاجتماعي والاقتصادي ، يجعل حاجة الدول لبعضها، وقدرة ووسائل تأثيرها على بعض ،متباينة في مدى هامش المناورة ، وفي عدد الخيارات السياسية والاقتصادية المتاحة ، وفي اثمانها الاقتصادية على البلد.

الامر الذي يجعل افتراض التوازن في هذه العلاقة ، وبلوغ او ادعاء التكافؤ فيها ، مهما كانت الارادات والنوايا ، افتراض يتناقض مع احكام السياسة وقواعد عملها ، ومع منطق التاريخ ، الذي تؤكده احداثه وتجاربه، او ادعاء ينم عن جهل سياسي، او تضليل مقصود، يقوم على محض اكاذيب.

فالعراق الذي كان دوما لقية ثمينة ، حتى بالنسبة لتلك الدول التي تفصله عنها محيطات وبحار، لغناه المادي ، ولثقل تاريخه وقدرية جغرافيته ، كان اغلب الاوقت ضحيتها ، في كل تاريخه القديم والحديث. كان مطمع الايرانيين والاتراك ومنطقة صراعهم وتنافسهم حتى حسم الاسلام العربي الامر، ولكن الى حين... حين خضع لاحتلال هولاكو، واستعمار الانكليز وتحرير الامريكان اليوم .

هذه الحركية التاريخية التي استباحت واجتاحت العراق، في اوقات عدة ، لم تقدم لنا دليلا تاريخيا ،على تمكنها يوما من تدمير تنوع العراق ، القومي والديني والمذهبي، رغم بشاعة الجرائم التي ارتكبت، ومظاهر الفرقة التي حصلت، ونجاح محاولات تغذيتها باستثمار تعرض طرف ما لظلم او تمييز حاكم ، حقا وتوهما، الا ان نجاحها لم يكن الا مؤقتا، ولم يستطع تغيير اسس علاقة المواطنة التاريخية ، والضرورات التي لازالت تستدعيها.

ويبدو ان قدرية التاريخ والجغرافيا ، بالنسبة للعراق او لدوله المحيطة ، لم تكشف حتى الآن ، سوى عن مساوئها ، وتكاليفها الامنية العالية ، بل وباتت تمتد الى كل ميادين الحياة الاخرى. فعراق قوي اقتصاديا وعسكريا، وذات امتداد ونفوذ اقليمي ، لم يكن مرغوبا به، كما هو الحال ، اليوم ، مع ايران ، فكلفة خطر جار قوي ، عسكريا وامنيا ، هي ذات ابعاد استراتيجية، تنموية، اقتصادية، وسياسية ، على مستقبل البلد.

ولا سيما حينما تكون سياسة البلد تقوم على منطق ، القوة والابتزاز، واشاعة اجواء التوتر والخوف وعدم الثقة، واعتماد المفاجأه والمباغتة ، في التعامل مع المشكلات ، التي تنشأ بين الدول المتجاورة. وسيكون الامر اكثر سوء بالتاكيد حينما تترافق بسياسات خاطئة داخلية، لها امتداداتها التاريخية وتاثيراتها الموضوعية ، الاقليمية المتبادلة (تنوع الاعراق والديانات والثقافات) ، على المصالح النفطية للدول الاقليمية في هذا الصراع ، والتنافس على دور اقليمي وحضاري في ، محيط متنوع الحضارات.

. وفي ظروف تعرض الدول الاقليمية الى ضغوط ابتزاز " الحرب على الارهاب" ، كان من مصلحة الجميع تقديم العراق قربانا ، او ان يكون السد الذي يقف بوجه هذا الطوفان الذي ارعب وهدد الجميع، او ساحة المعركة وخط الدفاع الاول ، الذي سيمتص (الصدمة والرعب) . وسيتعاظم دور العراق الستراتيجيي في المنطقة ، وفي ظروف اي صراع ، دولي ـ اقليمي ، على اي من دول المنطقة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى