الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تصريحات براك والاستراتيجية العدوانية الامبريالية الجديدة
احمد سعد
2007 / 8 / 19مواضيع وابحاث سياسية
*براك نفسه اليوم ينسجم وحكومة اولمرت في اطار سياسة خلط الاوراق وفق الاستراتيجية الامريكية الجديدة التي تعمل على تشويه حقيقة الصراع في المنطقة. فوفقا للإستراتيجية الامريكية- الاسرائيلية الجديدة يجري تهميش القضية الفلسطينية*
في ظروف التطور والصراع الحاصلين في منطقتنا وعالميا في المرحلة الراهنة اصبح من الاهمية السياسية بمكان، ومن الضرورة الموضوعية التدقيق في الكشف عن الطابع الحقيقي والمدلول السياسي الحقيقي، والبعد الاستراتيجي لمختلف المواقف والتصريحات الرسمية وغير الرسمية الصادرة من افواه مسؤولين ومؤسسات من داخل التحالف العدواني الاسرا-امريكي والامريكي- الصهيوني. ومن هذا المنظور يمكن ويجب تقييم التصريح الذي ادلى به وزير "الامن" الاسرائيلي في حكومة اولمرت كاديما- العمل ايهود براك يوم الجمعة الماضي لصحيفة "يديعوت احرونوت"، والذي اعتبر "ان السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين مجرد خيال".
واوصى بعدم سحب القوات الاسرائيلية المحتلة من المدن الفلسطينية منذ العام الفين. صحيح التقييم بان نجاح ايهود براك وهزيمة عمير بيرتس في المنافسة الداخلية على رئاسة حزب "العمل" كانت من النتائج المباشرة لفشل الحرب العدوانية الفاشلة الاسرا- امريكية على لبنان المقاومة الوطنية. وصحيح التقييم بأن ايهود براك صقر يميني متطرف معادٍ للحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية ويديه ملطختان بدماء المجازر والجرائم التي ارتكبتها بحق قادة فلسطينيين ( يوسف النجار وزملائه) وبحق الشعب الفلسطيني ومواطنينا ابناء الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل في اكتوبر، مجزرة القدس وهبة جماهيرنا الاحتجاجية في اكتوبر الفين، فهذا التاريخ المخضّب بدماء الضحايا اوصل ايهود براك في بلاد تسير بوتيرة سريعة نحو اليمين والعنصرية الفاشية الى منصب وزير الحرب "الامن" في حكومة ايتام ارئيل شارون و"قواريط" شمعون بيرس من حزب "العمل". كما انه صحيح ايضا ومن غير المستبعد ان براك يجهّز نفسه لدخول حكومة اكثر يمينية وتطرفا تحت رئاسة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود اليميني المغامر المعادي لأية تسوية سياسية "شبه عادلة" مع الفلسطينيين، فبراك ينافس نتنياهو في التطرف وفي المواقف الاكثر يمينية. كل هذا صحيح، وغيض من فيض مجرم مشعل الحروب ومفجر المجازر، وابصم بالعشرة علامة الموافقة. ولكن فوق كل هذا، والى جانب وقبل كل ذلك، فان تصريح براك ينسجم مع الاستراتيجية الامبريالية الامريكية في المنطقة، ويعتبر جزءا عضويا من الاستراتيجية الاسرا-امريكية والامريكية الصهيونية لإعادة ترتيب الخارطة السياسية في المنطقة استنادا الى قاعدة خلط اوراق الصراع بشكل ديماغوغي، وبشكل يضمن "رعاية وتوفير" المصالح الاسرا- امريكية والهيمنة الامبريالية على حساب نهب خيرات وثروات المنطقة، والانتقاص من السيادة السياسية الحقيقية لبلدانها وانظمتها. ففي القاموس الممارس للاستراتيجية الاستعمارية الجديدة لا يجري تداول او استعمال مفاهيم ومصطلحات مثل حركة تحرر قومي ومقاومة وطنية وصراع طبقي ومطامع امبريالية، بل جرى تنظير استبدالها بمفاهيم ومصطلحات مناقضة لها تماما ومعادية لها تماما، مثل "الصراع الكوني ضد الارهاب" وضرب "حركات الارهاب" "والانظمة التي تؤوي الارهابيين" و"الحرب الاستباقية- او الحرب الوقائية" لتبرير شن الحرب ضد انظمة وبلدان تعتقد ادارة عولمة ارهاب الدولة الامريكية او حكومة الاحتلال الاسرائيلي انه من المحتمل ان تقوم بأعمال ارهابية معادية ضد المصالح الامريكية او الاسرائيلية، وقد برزت هذه الاستراتيجية العدوانية بأنيابها المفترسة أكثر من أي وقت مضى بعد التفجير الاجرامي في واشنطن ونيويورك في سبتمبر 2001. وبممارسة هذه الاستراتيجية عمل المحتل الاسرائيلي على الخلط بين المقاومة الفلسطينية والارهاب، وكأنه لا يوجد احتلال اسرائيلي ولا يوجد شعب يرزح تحت نيره وجرائمه ويناضل من أجل حريته. وكلنا يذكر كذبة ايهود براك بعد فشله وفشل رب نعمته الرئيس الامريكي كلنتون في ليّ ذراع خالد الذكر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وأخذ موافقته على التنكر لحق عودة اللاجئين والإنتقاص من السيادة الفلسطينية على الارض الفلسطينية المحتلة، في حينه ادّعى براك "ان عرفات ليس بذي شأن، وليس ندّا وانه يمارس الارهاب ضد اسرائيل!!" براك نفسه اليوم ينسجم وحكومة اولمرت في اطار سياسة خلط الاوراق وفق الاستراتيجية الامريكية الجديدة التي تعمل على تشويه حقيقة الصراع في المنطقة. فوفقا للإستراتيجية الامريكية- الاسرائيلية الجديدة يجري تهميش القضية الفلسطينية كما تعمل ادارة بوش وحكومة اسرائيل على تجاهل انها القضية المركزية والمحورية على ساحة الصراع الاسرائيلي- العربي في المنطقة، كما تتجاهل حقيقة ان الصراع الاساسي بين وجود احتلال اسرائيلي للاراضي الفلسطينية ولاراض سورية ولبنانية، وانه لا يمكن التوصل الى سلام عادل يضمن الامن والاستقرار في المنطقة الا بزوال الاحتلال الاسرائيلي، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. بدلا من هذه الحقيقة يعمل وينشط التحالف الاستعماري الامريكي- الاسرائيلي على تصوير وكأن الصراع الاساسي في المنطقة هو تارة بين العرب والفُرس (بين الدول العربية والنظام الايراني ومطامعه في المنطقة)، وتارة اخرى بين الانظمة العربية "المعتدلة"، والمقصود المدجّنة امريكيا، وبين الانظمة والحركات المتطرفة والارهابية وتقصد ايران وسوريا وحزب الله ومختلف حركات المقاومة.
وبناء على هذا التقسيم الاستعماري الجديد تعمل ادارة عولمة الارهاب الامريكية وحكومة الاحتلال الاسرائيلي على بلورة نتيجتين اساسيتين: الاولي، اقامة حلف وتحالف سياسي وعسكري- استراتيجي تحت رعاية "البيت الابيض" بين الانظمة العربية "المعتدلة" واسرائيل لمواجهة ولضرب التحالف الآخر المكون من ايران وسوريا وحزب الله وحماس وغيرهم. وفي اطار هذا التقسيم تهمّش القضية الفلسطينية وتصبح ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية، الحق في الحرية والدولة والقدس والعودة في خبر كان. وانطلاقا من هذا التقسيم والمنظور يدعو بوش وادارته وبحماس وتأييد من حكومة الاحتلال الاسرائيلي الى عقد "مؤتمر السلام" الذي يستهدف نسف اسس السلام العادل واشعال الفتن و"الفوضى الايجابية" والحروب.
والثانية، تصعيد النشاط التخريبي الامريكي- الاسرائيلي من خلال تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية، مثل تأجيج الصراع بين الشيعة والسنة في العراق، او بين التيارات الوطنية والتقدمية المعادية لاستراتيجية الاختراق والهيمنة الامبريالية وبين دواجن الاستراتيجية الامريكية بالرداء الطائفي والمحاصصة الطائفية كما في لبنان، وبين التيارات الوطنية والاسلامية برداء العلمانية والظلامية كما هو الحال في المناطق الفلسطينية المحتلة بين فتح وحماس، بين الشرعية الفلسطينية والبلطجة العسكرية للدوس عليها من "حماس" في قطاع غزة. وهدف تحالف الشر الاسرا-امريكي من وراء هذا التقسيم الدخيل هو تفتيت الوحدة الوطنية وطمس القضية الوطنية وتضييعها وصرف انظار الشعب المصادرة حريتُه وسيادته الوطنية عن عدوه الحقيقي- الاحتلال والنضال لكنسه وتنظيف بلاده من دنسه. فمن سخريات القدر ان ايهود براك في تبريره لتصريحه امام كتلة حزب "العمل" يوم السبت الماضي ادعى انه بتصريحه كان يقصد دعم سلطة ابو مازن وضد حماس، يقول "لم تتغير نظرتي للفلسطينيين. اقول لكل من احاوره ان من واجبنا تقوية رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن ورئيس الوزراء سلام فياض، وسنبذل كافة الجهود للتخفيف عن الفلسطينيين والمساعدة في مهمة المبعوث الدولي، طوني بلير وخافيير سولانا ووسطاء آخرين". طبعا يقصد براك العمل على مواصلة تفتيت الوحدة الوطنية الفلسطينية والوحدة الاقليمية الفلسطينية، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في دولة مستقلة على كامل التراب المحتل منذ السبعة والستين.
إن مواجهة المدلول الحقيقي لتصريح براك الذي ينسجم مع الاستراتيجية الامريكية الامبريالية الجديدة ويقوم بخدمتها، ضد مصالح شعوب وبلدان المنطقة وضد الحقوق الوطنية الفلسطينية، في المقام الاول، يستدعي وحدة كفاح قوى اليسار والتقدم والحرية، مختلف القوى الوطنية وحركات المقاومة الشعبية والوطنية في المنطقة واولا وقبل كل شيء، اعادة اللحمة الى الوحدة الوطنية الكفاحية الفلسطينية والى وحدة الاراضي المحتلة بين الضفة والقطاع، وحدة متمسكة بثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز