الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورات المقاومة المسلحة المنفلتة لتحقيق أهداف الاحتلال

سامر عنكاوي

2007 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا داعي للاسهاب في توصيف الحالة اليومية لحياة العراقيين، فهي بالمختصر سيئة بكل المقاييس من حقوق الإنسان والحريات والعدالة إلى قسوة فقدان الأمان وباكيت الخدمات "الماء والكهرباء والعمل المجزي والنقل السهل والتعليم والمستشفيات والصحة والحصول على المواد الغذائية والحاجات اللازمة.....إلخ" وإلى فقدان العلاقات الإنسانية الضرورية بين مكونات الشعب العراقي لمواصلة الحياة بكرامة وسعادة.

احتلال غاشم مصاب بمس من جنون المصلحة، واعي تماما لكيفية تحقيقها وفق أجندة موضوعة بدقة علمية فائقة ودراسة مستفيضة تقوم بها مؤسسات بحثية كبيرة متنوعة متشعبة متخصصة مستقلة إداريا عن بعضها مترابطة تكمل إحداها الأخرى ترسل دراساتها إلى مؤسسات بحثية أعلى تدرس النتائج، وتراعي الظروف الموضوعية والذاتية لبلد مثل العراق، ومستوى التطور الفكري للقوى السياسية العراقية وتعمل على تفكيك عقائدنا وطرق تفكيرنا وسلوكياتنا المجتمعية وتركيبها من جديد للخروج بسلوكيات وطرائق تفكير جديدة والاستفادة منها الى الحد الاقصى.

غياب المنطق والعقل وتراجعهما لصالح العواطف والانفعال والاندفاع والانفلات في تحقيق المصالح المادية القومية والدينية الطائفية لمعظم قوانا السياسية الفاعلة على الساحة العراقية وافتقار هذه القوى للعلاقات الوطنية الاعتيادية الطبيعية "والمفترض المتطورة نحو الأفضل دائما" نتيجة سيطرة العقائد الغيبية الظلامية الجامدة على العقول بدل الأفكار الإيجابية التنويرية لدى الكثير من القوى المعوّل عليها بالتغيير والتطوير.

إرهاب إسلاموي متطرف ظلامي متحالف مع أزلام صدام، ومليشيات شبه حكومية طائفية، والكل مدعوم من إيران، وبمباركة الاحتلال الذي بتقديري يقوم بإدارة الإرهاب وليس صناعته، ولكن هل يستطيع الاحتلال الحد من ظاهرة الإرهاب بتقديري الجواب، نعم بالتاكيد، ولكن بعد تحقيق مصالحه "ومنها النفطية" في العراق..

النفط وفي أحسن الأحوال التي مر بها العراق كان يتحول جزء كبير منه إلى أسلحة فتاكة تقليدية وكيمياوية ونووية، رشاشات ومدافع ودبابات وطائرات قتل بها أولادنا وآبائنا، وتم تشريدنا في المنافي نتيجة اقتتال داخلي تمت فيه تصفية الأحزاب لبعضها جسديا وحروب خارجية أحرقت الأخضر واليابس من أجل تنفيذ أجندات حزبية وفئوية ضيقة، أو توافق هذه الحروب مع جنون العظمة وحب السلطة والتسلط للحاكم المستبد الظالم.

ومن المفارقات العجيبة الغريبة وللدلالة على استبداد ودكتاتورية الحكام العرب والمسلمين وفسادهم وبمقارنة بسيطة بين الدول النفطية التي فيها حكم وطني مستقل وبين الدول التي يسرق نفطها من قبل الغرب نرى الفرق الواضح في مستوى معيشة الفرد من جهة، والفرق الفاضح بين الحاكم الوطني الفاسد والسارق الأجنبي العقلاني، مثلا [ وعلى سبيل فنطازيا السباحة في الحلم أو لقراءة الصادق من الصور بالمتخيل منها] أن نقارن حال الشعب العراقي في زمن صدام ذو السيادة والمستقل! وبين حال الشعب الكويتي الذي يسرق نفطه من قبل الشركات الأجنبية، مقارنة الشعب الجزائري أو الليبي ذو السيادة والمستقل وموارده النفطية الهائلة التي لا تسرق وبين شعب الامارات التي أصبحت منارة للتقدم والعصرنة والتي يسرق نفطها من قبل الشركات النفطية العالمية، مقارنة مستوى معيشة الشعب الايراني والذي لا يسرق نفطه، ومستوى معيشة الفرد في العربية السعودية التي يسرق نفطها من قبل الغرب!!


قانون النفط قانون غير متوازن ظالم مجحف في كل فقرة من فقراته وفي كل حيثية من حيثيات هذه الفقرات، ولكن آن الأوان أن يدرك البعض أن موضوعة قانون النفط ليست اقتصادية فقط وإنما سياسية بالدرجة الاولى ولا يمكن تناول هذه الموضوعة من وجهة نظر اقتصادية فقط لاننا سنبتعد عن الموضوعية والتي تقول إنه لا يوجد هناك سياسة من دون مصالح اقتصادية ولا يوجد اقتصاد من دون سياسة مصالح وأغلب ما كتب عن القانون كان راي السياسي في قانون النفط من الناحية الاقتصادية وهذه مفارقة وتخبط في الاختصاص, المطلوب رأي السياسي في قانون النفط من وجهة النظر السياسية ورأي الاقتصادي في قانون النفط من الناحية الاقتصادية، اقتصاديا القانون مجحف وظالم ولا يمكن أن يقر في أي بلد مستقل سياسيا واقتصاديا, أما من الناحية السياسية يجب أن يكون هناك استقلال ناجز, واقتصاد قوي, وحكومة وطنية منتخبة, مدعومة من قبل شعب موحد منظم وبمشاعر وطنية عالية, واستقرار سياسي داخلي وعلاقات خارجية طبيعية, ولا أرى في العراق أي من هذه المواصفات.

الحياة جميلة على هذه الارض، وأجمل وأثمن ما فيها الانسان، ومن خلال اتصالاتنا المستمرة باهلنا واصدقائنا في العراق، وبعد فقدان الامل في انتقالة نوعية في الحالة الامنية "مما حوَّل حياة العراقيين الى جحيم لا يطاق" يرى بعض العراقيين انه ان كان بالامكان مقايضة حياة ودماء العراقيين بالنفط فستكون العملية صفقة خاسرة ولكن ليس تماما.

اعتقد انه اصبح من الواضح للجميع ان الامريكان لاتغريهم عيوننا السود بل عتم سواد النفط، وهنا اتعجب من الذي يقول إن قانون النفط مجحف، وكيف لا يكون والعراق يئن من احتلال عسكري مفروض وواجب جاثم على صدور العراقيين وموضع خلاف بين رفض وقبول، ومن فرقة وتخندق مجتمعي ديني وطائفي وقومي وجغرافي، وقد أبدع رجال ديننا ومعممي طوائفنا وسياسيينا اليوم في العراق في تقسيم المقسم وتجزئة المجزء، وفي إيجاد طرق جديدة للحروب والاقتتال والدمار.

لا شرعية لقانون النفط الا شرعية انقاذ ما تبقى من الشعب العراقي والعراق.

ان النفط " الذي جاء المحتل من اجله " لا لحاجته اليه وانما لضرورة بسط النفوذ والهيمنة " هو الخطوة الاولى لادارة اهم مصدر للطاقة لحد الان, ومن بيده النفط يمسك باطراف الخيوط الرئيسية للحياة الاقتصادية للدول الصناعية" هو المفتاح السحري لتحقيق الاحلام الامبراطورية للمحتل في السيطرة على العالم.

للسيطرة على النفط العراقي والخليج والحوض النفطي للمنطقة برمتها يجب وقبل كل شي:
احتلال العراق لموقعه الجغرافي وتكوينه التاريخي الديموغرافي والانثروبولوجي وعوامل اخرى, وقد بدا هذا البرنامج بالاعتماد على اداة لم تخيب ظن الامريكان ابدا وهي عنجهية وغرور صدام حسين المقبور.
نخبة موجزة من اعمال صدام في خدمة الامريكان
• تصفية الاحزاب العراقية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي ابان الحرب الباردة وتشريد المعارضين من القوى الاسلامية والقومية وغيرها في المنافي بعد قتل عدد منهم وتسهيل الخروج لاخرين والذين اعتمدت اميركا على مشاركتهم لاستكمال سيناريو احتلال العراق ولاعطائه مشروعية عراقية ودولية.
• خوض الحرب مع ايران ووقف امتدادات الثورة الاسلامية الفتية وقد كان هذا مطلب امريكي وقت ذاك.
• احتلال الكويت لتحقيق الوجود الفعلي للامريكان في الخليج العربي, وتصريف مخزونات اجيال من اسلحة قديمة تم بواسطتها سحب كل المخزون النقدي للكويت والسعودية والخليج, ولضرب تقاربات البلدان العربية واضعافها لتسهيل خضوعها للامريكان فيما بعد, وظهور اميركا كقوة فائقة القدرة, وتسريع انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي.
• سحق البنية التحتية وزيادة البطالة وشل الحياة الاقتصادية نتيجة الحروب, تزامنا مع حصار اقتصادي, وسحق الوطنية نتيجة لاستئثار الصداميين بالسلطة والثروة, وتربية الانتهازية والجهل والامية في الشخصية العراقية عن طريق حرمان الشعب من الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني, ومنع الكتب العلمية والثقافية من التداول, وتشويه الادب والفن والمسرح وتهميشه وتسطيحه وتسفيهه, واذلال العراقي تحت ضغط الحاجة.
• مقابر جماعية وقتل بالجملة مما مهد الطريق لقبول الشعب العراقي بالامريكان بدل الشيطان الذي كانوا يرتجوه لانقاذهم من ظلم واستبداد وبطش صدام.
• الحصول على اسلحة ممنوعة دوليا لم نقطف ثمارها لا على صعيد تحرير فلسطين او تحقيق القوة والمنعة للامة العربية ( الواحدة ) كما كان يدعي صدام؟

هكذا مهد صدام لاحتلال العراق وهكذا توج اعماله الاجرامية بحق الشعب العراقي خدمة للامريكان وانتقاما من الشعب العراقي تلبية لشعور بالنقص حاد ومركب وتعبير عن الحرمان من الاسرة والحنان.

بعد تتويج أنشطة نظام صدام بسقوطه واحتلال العراق, يحتاج الامريكان لتمرير القوانين المجحفة ومنها قانون النفط الى:
1- حكومة ضعيفة منقسمة على نفسها بمحاصصة بغيضة.
2- فوضى امنية تفضي الى ارباك الشعب والحكومة وترغم الجميع على القبول باي حل للخلاص, حتى وان كان القبول بقانون النفط المجحف الاستغلالي, كمن يعترف ويقبل بالظلم تحت ضغط التعذيب بدوائر الامن.
3- شعب ممزق منهك مسلوب الارادة والكرامة نتيجة الازمات المزمنة, لا يقوى حتى على النضال السلمي او الاعتراض.
4- تهديدات خارجية خطيرة وتآمر من دول الجوار لسد المنافذ على الحكومة.
5- انقسامات مجتمعية حادة " طائفية في الحالة العراقية " متناحرة مع بعضها.
6- وجود سلاح وبوفرة وبمتناول الجميع لجعل الصراع دموي بين ابناء البلد الواحد.
7- تعميق العقائد في المجتمع واشاعة ثقافة عدم تقبل الاخر, وهذه مهمة رجال الدين المعممين السيئين والاحزاب الطائفية.

الامريكان مطمئنين تماما الى سهولة تحقيق هذه النقاط عن طريق استغلال وتوظيف المقاومة العراقية المسلحة والارهاب وايران ومليشياتها القوية الفاعلة على الساحة العراقية,

ودليلي هنا ان اول من حرض على الارهاب والمقاومة المسلحة هو بوش عندما قال لو كان بلدي محتلا لقاومت المحتلين وهو تكلم عن مبدا طبيعي انساني حيث ان كل انسان تتعرض حقوقه في بلده للانتهاك يقاوم, ولكن هل كان بوش مضطرا للاشارة الى هذا المبدا " هذا الكلام يحتاج الى وقفة وتامل " بتقديري هذه كانت دعوة صريحة مفتوحة للمقاومة المسلحة تلاقفتها قوى سياسية وطائفية ظلامية غبية بدون ادنى تفكير او تمحيص او استشراف للنتائج الوخيمة, هكذا يتم تدمير حاضر ومستقبل العراق وهكذا يتم اللعب بنا كبيادق على رقعة شطرنج من قبل المحتل اتساقا مع مصالحه, والملام هنا بعض العراقيين نتيجة جهلهم المدقع وانسياقهم وراء عقائدهم وعواطفهم وانفعالاتهم, كروبوتات يحركها المحتل لا حياة فيها ولا عقل, لا حول لها ولا قوة.

ولضمان فاعلية المقاومة والارهاب واستمراريتهما لاضعاف الحكومة عمل المحتل على:
- حل او الغاء الجيش العراقي, وتم حرمانهم من حقوقهم, وبالتالي تعميق شعورهم بالغبن للحصول على مقاومين يجيدون استخدام السلاح ومنظمين ومنضبطين وتحت سيطرة الامريكان واستعمالهم عند الحاجة كورقة ضغط للمساومة مع الحكومة الضعيفة تماما كما يجري الان على الساحة العراقية.
- فتح الحدود على مصراعيها لدخول الارهابيين لضرب كومة عصافير للايجاز وليس الحصر, اضعاف الحكومة, تقليل خطر الارهاب على مصالح الولايات المتحدة في الخارج, حماية الامريكان داخليا, وضمان تمويل المقاومة والارهاب بالمال وتزويدها بالسلاح, وهم تحت السيطرة الالكترونية بواسطة اعقد الاجهزة الكومبيوترية وعن طريق السماء المزروعة وبكثافة باقمار صناعية وكاميرات تستطيع ان ترى ما تحت الارض قبل ما فوقها, وبتقديري ان عملية التخلص من الارهاب ميسور بعد انتفاء الحاجة اليه.
- تعميق الطائفية التي مهد لها صدام وتشكيل حكومات محاصصة ضعيفة انتهازية مصلحية لا تملك الا ان تخضع للامريكان لحاجتها اليهم.

الخلاصة

المقاومة المسلحة من دون تعبئة شعبية وتفاهم بين الاحزاب والقوى السياسية العراقية المختلفة هي:
1- مطلب امريكي وتحريض وتحفيز من بوش بالدرجة الاولى, اكد بوش هو اول من حرض على المقاومة والارهاب لضرب كل العصافير بحجر واحد, اضعاف الحكومة, خلق فوضى امنية, شعب منهك مسلوب الارادة مغلوب على امره لتمرير قانون النفط.
2- مطلب ايراني لانهيار العملية السياسية وفشلها وابعاد الامريكان عن المنطقة لاستكمال برنامجها النووي, ولتقسيم العراق وتحقيق المطامع التوسعية في جنوب العراق واقامة نظام ولاية الفقيه لاستحالة تحقيق هذا في العراق الواحد.
3- مطلب لقوى الظلام من القاعدة والمتحالفين معها وما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق لتقسيم العراق ايضا واقامة دولة الخلافة على جزء من العراق لاستحالة قيام دولة الخلافة على ارض العراق الواحد.

كل له اهدافه وكل له اجندته لتحقيق مصالحه ولاخير يرتجى من الطائفيين,
نحن بانتظار الوطنيين الغيورين الحريصين على العراق والشعب العراقي الذين سيطرحون المشروع الوطني الديمقراطي لانقاذ العراق من ازمته الحالية,
تراجي ذهب
المصالح الطائفية الحقيرة ( الصغيرة ) تتقاطع قطعا مع المصالح الوطنية الكبيرة









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب