الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأطروحة السلامية الإسرائيلية في ظل التشكيك الفلسطيني بشرعية المؤسسات الوطنية...

يونس العموري

2007 / 8 / 20
القضية الفلسطينية


ما بين الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، والدعوة لإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) تكمن الحلقة المفقودة في سجال فلسطيني فلسطيني، يتم من خلاله اختصار وتقزيم حقائق مسار القضية الفلسطينية، التي يبدو أنها قد عبرت مرحلة جديدة من مراحل البحث عن حلول ما بأي الأثمان لواحدة من اعقد قضايا العصر وأخطرها، الأمر الذي يهدد مصير شعب بأكمله، ويحمل هذا التهديد في طياته جملة من المخاطر على مستوى المنطقة برمتها... وحيث أن قادة الحل والربط وأولي الأمر من الشعب الفلسطيني باتوا منشغلين بسجالاتهم وأفعالهم على الأرض لتثبيت ولاياتهم وشرعيتهم التي تعتبر منقوصة ومشكوك في حقيقتها على خلفية التنازع الدامي مابين أقطاب السجال الداخلي تطل علينا مرة أخرى ما يسمى بإطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية سواء تلك العلنية أو ما يتم الحديث عنه من خلال القنوات الرسمية غير المعلنة، حيث تتزامن هذه المفاوضات واللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية في ظل تسابق محموم للوصول إلى خريف هذا العام (موعد انعقاد مؤتمر بوش للسلام) لتقديم رؤية فلسطينية إسرائيلية في محاولة مشتركة لنيل رضا البيت الأبيض وللحصول على جوائز الترضية من إدارة بوش في ظل محاولة الأخير لإعادة ترسيم جغرافية المنطقة من جديد، القائمة على خطط التقسيمات العرقية والطائفية كمقدمة من مقدمات مشروع الشرق أوسطي الجديد أو الكبير ... تشكل فيه الدولة العبرية (الدولة العظمى) على مختلف المستويات والصعد...
وفي ظل هذا السجال الفلسطيني الداخلي الذي يعتبر جزء من السجال الإقليمي، تحاول كافة الأطراف المتصارعة بالعمق الفلسطيني تثبيت ما يمكن تثبيتها من حقائق هي تريدها على الأرض وتتمسك فيها، ففي الوقت التي تعتبر حماس فيه أن المجلس التشريعي شرعي وقانوني ودستوري تشكك بشرعية المجلس الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية، وفي الوقت الذي تطالب فيه حركة فتح بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة وتتمسك بشرعية وقانونية ودستورية منظمة التحرير، تحاول تهميش وتقويض أركان المجلس التشريعي الفلسطيني ذاته... وهكذا يتواصل الجدال والسجال في اطر دائرية الشكل وكأن كل الأطراف تشترك في لعبة هدم المعبد الفلسطيني على رؤوس الجميع....
بهذا الوقت بالذات تتواصل الأطروحة الإسرائيلية في محاولات إستقطابية للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي بهدف نشر رؤيتها للحل (الخلاق) أو لما يسمى صناعة السلام مستفيدة بطبيعة الحال من حالة الشرذمة الحاصلة بالعمق الفلسطيني والمحدثة لخراب وتدمير أركان وأساسات البيت الفلسطيني الداخلي الذي فقد الحد الأدنى من التوافق وبات كل شيء مختلف عليه فيه، فلا شرعية لمؤسسة وطنية مدنية كانت أم أمنية أو حتى دستورية... حتى تلك النضالية والكفاحية قد طاولها التشكيك... ولا شرعية لقائد يحظى بالإجماع الوطني... ولا شرعية لبرنامج سياسي متوافق عليه... وبالتالي لا شرعية لأي أطروحة من شأنها إخراج الواقع الفلسطيني من أزماته الراهنة...
من هنا لابد لنا من أن نبحث حقيقة المسار السياسي التي تعتمده تل أبيب في ظل الحسابات الإقليمية والدولية والمحلية سالفة الذكر، حيث تأتي التصريحات لكبار المسؤولين الإسرائيليين ولأقطاب دائرة صنع القرار، والتي أكدت مجددا المواقف الإسرائيلية المعروفة حول مبادئ التسوية مع الفلسطينيين. وتأتي تلك التصريحات بموازاة جهود حثيثة من أجل التوصل إلى اتفاق مبادئ مع السلطة الفلسطينية يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية للتسوية...
ولا شك أن هذه التصريحات تهدف إلى خفض سقف التوقعات لدى مسئولي السلطة الفلسطينية ممن وضعوا كل "بَيضهم" في سلة التسوية. ويمكن التوقع أن الإسرائيليين سيحاولون إرجاء بحث تفاصيل قضايا الحل الدائم مع الفلسطينيين والاكتفاء بصيغ عامة وفضفاضة تقبل عدة تأويلات، يملك القوي القدرة على تأويلها. كما وتنطلق الحكومات الإسرائيلية في طرحها للتسوية من الحفاظ على أغلبية يهودية في إسرائيل، ولم تستبعد الخطط الإسرائيلية التي طرحت مؤخرا إجراء تبادل سكاني بين مستوطنات وبلدات عربية داخل الخط الأخضر لتخفيف (الخطر الديمغرافي العربي). مع الأخذ بعين الاعتبار اللاءات الإسرائيلية المعهودة والتي باتت جزء من المشهد الإستراتيجي الإسرائيلي والذي قبل العرب ومعهم الجانب الفلسطيني الرسمي التسليم بتلك اللاءات كجزء من سياسة الأمر الواقع دون التصريح المباشر والصريح بهكذا قبول.. إلا أن حجم الممانعة والرفض تراجع ويتراجع لصالح ما يسمى بالحل المؤقت أو إعلان المبادىء والإطار العام للحلول.. وهو ما يرضي إسرائيل بالظرف الراهن على الأقل بل هو ما تريده إسرائيل آنيا وحاليا بهدف استثمار ما يمكن استثماره من حالة شيوع أجواء صناعة السلام للعبور مجددا نحو العمق العربي والإسلامي وتطبيع ما يسمى بالعلاقات.... إن هذه اللاءات والمتمثلة بقضية القدس وعودة اللاجئين واندحار الاحتلال حتى حدود الرابع من حزيران لعام 67 قد باتت واضحة بالعرف بالإسرائيلي كخطوط حمراء لا يمكن القفز عنها.... في ظل تراجع الخطوط الفلسطينية الحمراء...
كل هذا يجيء في ظل التنازع الفلسطيني ودون أن يملك الطرف الفلسطيني رؤيته الفاعلة والفعالة والرافضة لمشاريع صناعة التسوية والسلام الإسرائيلية... وفي ظل انهيار المشروع الوطني الفلسطيني المعهود والمعلوم منذ عشرات السنين... وظل الانشغال بالتشكيك بالشرعيات والمؤسسات الفلسطينية...
وإذا ما أمعنا النظر بما يجري على أرض الواقع فإننا سنلاحظ أن الجانب الإسرائيلي يعتمد على تسويق رؤيته من خلال أولا اللعب على حبل المتناقضات الداخلية الفلسطينية والاستفادة إلى أقصى الدرجات من مسلسل التشكيك بالشرعيات والمؤسسات الوطنية وبالتالي تملك إسرائيل وحدها أن تقرر أي مؤسسة من الممكن التعاطي معها أو تلك التي من الممكن مقاطعتها على اعتبار أن الأطراف الفلسطينية المتناحرة هي من شككت ببعضها البعض أولا...
وثانيا الاستفادة من الانقسام العربي الرسمي وتشتت وشرذمة أنظمة الحكم ما بين المحاور الدولية والإقليمية التي صنعتها أمريكا خدمة لأهدافها ولأهداف حليفتها وربيبتها إسرائيل...
وثالثا الاستفادة من الحالة العالمية والدولية السائدة والتي تدور بالفلك الأمريكي في ظل سيطرة وسيادة مفاهيم أنظمة العولمة الجديدة على الرؤية العالمية الأممية وهو الأمر الذي يلحق السياسات وبالتالي الأنماط الاقتصادية بالمشروع الواحد والوحيد الأحادي الشكل والقطب... وهذا ما بدا واضحا من خلال إطلاق ما يسمى بمشروع وادي السلام قبل أيام في منطقة الغور والذي لخص ويلخص الرؤية الإسرائيلية لأشكال الحلول المقترحة ونماذجها القائمة على الدمج ما بين الدوائر الإستراتيجية الثلاثة المحلية والإقليمية والدولية... وكان من الواضح أن الكلمة العليا والفاصلة لإسرائيل... والذي أدخل إسرائيل إلى قلب المنطقة من خلال إشراكها بالمشروع الاقتصادي الأكبر ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأردن واليابان في مناطق الغور ذات البعاد الإستراتيجي...
اعتقد أن المؤسسة الفلسطينية الجامعة ما لم تتوافق على إعادة صياغة مشروعها الوطني من جديد وإنجاز حالة التوافق ووقف التحريض على المؤسسات الشرعية والدستورية للشعب الفلسطيني... وإيقاف مسلسلات التشكيك بالشرعيات... فإن الجانب الإسرائيلي سينجح بتسويق اطروحاته السلامية الاستسلامية في المنطقة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟