الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة بن سباهي ....الجزء الثالث

عبد الرزاق حرج

2007 / 8 / 21
سيرة ذاتية


أن الجلاد كان دائما هنا في قلب الصوره وفي خلفية الآفكار ,,بما فيها الآفكار الآكثر أفتخارا بأنسانيتها وتقدميتها ......بير لاغركفست ...روائي سويدي
عندما دخلت مدينة الموصل وترجلت من الباص كان الجو في غاية الرداءة ورأسي مملوء بالحمى والآحلام وأصوات الآزليه ترن في مسامعي بالهواء وطنين بدون أصوات غنائيه ..أشبه برشقات ماء بارد ..كانت ضجة الناس بالكراج تحرك أعقاب السكائر وعلب العصير المخسوفه والفارغه وأثلاث الصمون التي تلونت أنسجته باللون الرمادي بأرجلهم الراكضه على طوابير الباصات المزدحمه ..بعد دفع الكراء الى سائق التاكسي الذاهبه الى أربيل كان ميزان النهار يميل الى الظهيره .. وجه السائق يلمع وخدوده كسقايتين نحاستين مقلوبتين ..وعيناه اللوزيتين تنظر الى ركابه الخمسه بترقب !!..كنت الوحيد أنا عربي اما الباقون يرتدون الزي الكردي ويتراطنون باللغه الكرديه ..دبيب الخوف يسري في مفاصلي وفمي يند برطوبه حاره كلما أقتربنا الى نقطة تفتيش ..أحس نفسي كحشره حقيره تدعس وتأن تحت الشئ المرعب والثقيل ..لكن أشتعلت بالآمل والارتياح عندما دنت السياره من المدينه البارده والسماء ودعت أمطارها ولم يكن أي خيط لآشعة الشمس ..قلت مع نفسي ..ها .. لقد طوينا مرحلة من الآحلام المزعجه وأنا أسير الى الآمام قرب قلعة أربيل تذكرك بالقوه الذكريه عندما يكون الجنس بدون حنان !!..أعواد الحديد الرفيعه تشوي لحم الخرفان والبقر على صفائح معدنيه مستطيله سوداء يتوسطها جمر الفحم وروائحها تذكر الجائع ..تناولت وجبة من هذا الطعام المشوي من هذه المطاعم المتنقله أمام القلعه التاريخيه .. توجهت الى كراج دهوك ..ركبت أحدى السيارات المتجه الى دهوك ..عند مدخل المدينة كانت نقطة تفتيش كبيره ..أمروني بالنزول من السياره لآني شخص غريب بالرغم أخرجت لهم جميع هوياتي الشخصيه .. ساقوني الى أمن دهوك مساءا ..أنتظرت في غرفة الآنتظار ....كنت مشوش الذهن والتعب من الرحلة ..دخل أحد الآشخاص الى غرفة الآنتظار وصلعته تلمع من ضربات أضوية الغرفه ..ظل ينظر الي بعيون حائرة ..قال لي ..أليس أنت فلان بن فلان ..قلت نعم ..وهز رأسه وشفتيه عليها أبتسامه قصيره ..وقال ..لماذا لم تتذكرني ..أنا كنت سجين معك في أبي غريب ..ركض الى الباب وصاح بأعلى صوته باللغه الكرديه من فتحت الباب الواسعه على معارفه ..دخلوا أصدقاء السجن وزنزانات الآعدام ..كانت الآحضان دافئه وقبلاتنا حاره لبعضنا البعض وأخذوني الى مكتب وثير وكبير وقالوا لي نحن ضباط هذه الدائره ..أخذوني الى أحد مطاعم المدينه ليلا وأتفقوا مع أحد الفنادق النظيفه في المبيت فيه بعدما عرفوا واجهتي بالذهاب الى زاخو صباحا واللقاء بالصديق (عبد الآحد فرانسو) الملقب( أبو فريد) الذي بقى في السجن مده طويله قدرها أكثر من أثنا عشر عاما لكن وافاه الآجل قبل شهر من العام الحالي ..تشذىالفجر في ثوبه الكحلي على فضية ثلوج ليل كردستان المتدفق برطوبة عيونه الصخريه ..فطرت وصعدت كوستر ياباني ومعي ورقة السماح بالذهاب والاياب في أراضي كردستان المأخوذه من أمن دهوك .. أبصاري تتفحص السماء الصحوه وأقول مع نفسي عسى اليوم يكون جميل .. زاخو مدينه جميله وبيوتها شبيهة بالطراز الآوربي القديم وواجهاتها الخارجيه نظيفه وشوارعها وطرقها لامعه ..عندما وثب( أبو فريد) في مقابلتي في مقر عمله في أدارة الحزب الآشوري كانت قامته القصيره منحنية أكثر من المعتاد ويشكو من كثرة الآمراض ويقول لي ..هذه بقايا أمراض السجن !!..صور المستقبل عند السجين رجوعه الى الوراء !!..أعتقل عام 83 وحكم بالآعدام عام 84 وتنزل منه عام 85 وأطلق سراحه عام 96 من سجن أبي غريب..يعمل في أحدى مقرات الحزب الآشوري ويدير شؤون الحزب من هذه البلدة رائعة الجمال ..كان مقر الحزب هو بيت كبير وفيه عدة غرف كبيرة وصغيرة ومكتب علق فيه صور رفاقهم الذي قتلوا من قبل النظام السابق وشعارات حزبهم وصليب المسيح ويحوي على مكتبة ..تحدثنا عن ذكرياتنا في السجن وعن المعارف والآصدقاء وخصوصا عن( سمير شمعون )الذي لاقى أهانات من مقر حزبه الشيوعي في دهوك هذا الشجاع الذي أفرط شبابه في سبيل قضيه مضحكه وحصار الآحزاب الكرديه حول نشاطاتهم والفقر الآقتصادي الذي يعانون منه ..أسهبنا في الحديث عن بغداد التي تعيش بأقل كبرياء في زماننا الغير مسؤول عن دورانه ..سألني ..ما وجهتك حاليا ..قلت السفر الى تركيا ومن هناك أبحث عن بديل أفضل ؟؟؟..قال نعم ..لكن مطلوب منك الآن تزكية حزبية أو شخصية مصحوبة بأورقك الرسمية مع الفيزا في دوائر الجوزات في أربيل وبعدها تحصل على الخروجية من أبراهيم الخليل ..تمتعت عدة أيام في هذه المدينه الملمومة حول نفسها كأمرأة محافظه ..رحلت من هذه المدينه الى دهوك ومن ثمه الى أربيل لكن بقى ظل (أبو فريد) يذكرني بزاخو الهدوء والجمال ...يتبع









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!