الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذات الطباع الغامضة

سعيدة لاشكر

2007 / 8 / 24
الادب والفن



هي الآن صديقتي الحميمة, تعرفت عليها اتر حدوت مشاجرة في المدرسة, مشاجرة حادة بين أستاد وأحد التلاميد, الكل واجم وصامت, إلا هي كانت تضحك وتضحك بدأت العيوت تلتفت إليها وتؤنبها بشدة ولأنها كانت قريبة مني أمسكت بمعصمها وأبعدتها قليلا عن ذلك الجو المكهرب, جلسنا على أحد الكراسي وسألتها هذا السؤال الطبيعي :
- لماذا تضحكين؟
أجابت والضحك لا يفارق محياها:
- ولماذا لا أضحك؟
رددت:
- لكن الضحك له أوقاته وأسبابه ومثل هذه المناسبة أي المشاجرة ليست أبدا سبب للضحك.
نهضت عن الكرسي ضاحكة:
- ومن نحن حتى نضع أسبابا للضحك ونسعى لنحد ونقنن الضحك من نحن حتى نعبس في الوجوه ونطلب من الذي يضحك أن يكف عن الضحك؟
استغربت حالتها هذه أهي طبيعية, أم أن بها خطبا ما, تركتها لشأنها ورحت لحال سبيلي,
بعدها وفي كل مرة أراها أجدها تضحك فقلت في نفسي ما بال هذه الشابة أتراها خالية من أي هم في الحياة لتغمر هكذا في الضحك؟ فأردت أن أعرف السبب لعل الضحك يجد طريقه إلي أيضا, لذى بدأت أتقرب إليها أسير معها, أجلس معها, أستفسر منها , لكني دائما لا أظفر بشيء, لكن ما استغربته أكثر أني سرعان ما ألفتها سرعان ما دخلت قلبي وتربعت على عرشه في كل مرة أتذكرها يأتي وجهها البشوش أمام عيني, فينتابني السرور ويسترعيني الحنين لمجالستها ولو أني رأيتها بالأمس فقط .
هكذا أصبحنا صديقتين مقربتين وفي كثير من الأحيان حين أكون حزينة أو مستاءة من شيء ما أو كارهة التحدت إلى أحد تأتي إلي بوجهها الجميل وتجلس بجانبي, أحدرها من أني في هذه الأتناء لست بصحبة جيدة لأحد, لكنها رغم ذلك تجلس وتتجادب معي رغما عني أطراف الحديت, لا أدري لكنها تملك طريقة خاصة في التخفيف عن الإنسان وحفظت عن ظهر قلب كلماتها المأتورة: " ما جدوى الحياة بدون ضحك؟ ماذا سينوبنا منها في كل الأحوال؟ ماذا ستستفيدين من انغماسك في الأحزان, لن تستفيدي سوى الألم والمرض وكبرك قبل الآوان؟ انفتي عنك الآحزان والهموم وعيشي بسلام افتحي دراعيك للإبتسام والسرور وعيشي بقلبك السليم المليء بحب كل الناس."
بهذه الكلمات وأكثر كانت تزيح عني أتقالا ولا تتركني إلا حين تغتصب من بين شفتي ابتسامة واسعة, لا وليس هذا فقط بل و تشترط فيها أن تكون صادقة وفعلا دوما تكون صادقة.

بهذه الوتيرة مرت الأيام وتعرفت إليها أكثر وأحببتها أكثرولا أذكر أني رأيت وجهها خالي من البسمة إلا في يوم واحد,
حينها أذكر أني سألتها عن بيتها عن والدها ووالدتها كانت أول مرة أذكرهما وما كدت أنتهي من سؤالي حتى أرى ابتسامتها تختفي وملامحها تظطرب, استغربت بحتت بين كلماتي لعلي قلت شيئا خاطئا لكن لم أجد, وبعد لحظات استأدنت بالإنصراف لمشوار ضروري فتركتني وانصرفت, ورحت مجددا أبحث ماذا قلت لها لتتصرف هكذا فكرت قليلا وما لبتت أن قلت في نفسي يالي من غبية ربما والديها توفيا وأنا قلبت عليها المواجع بذكرهما حسنا لابد أن أعتدر لها في الغد.

في الصباح كنت جالسة في الساحة الواسعة للمدرسة أتصفح أحد الكتب فإذا بي أسمع صوتها ورائي وهي تقول:
- مرحبا إيمان آسفة جدا لأني تركتك أمس بتلك الطريقة
التفت إليها مبتسمة:
- مرحبا تعالي واجلسي و لا داعي للأسف فأنا من يجب أن يعتدر منك
- وعلى ماذا ستعتدرين؟
- لا أدري ربما لأني تدخلت في شيء لم يكن علي التدخل فيه,
- هذا ليس ذنبك فسيأتي يوم لا محالة تسأليني فيه وأسألك لكني لن أنتظر هذا اليوم بل سأحكي لك الآن سأحكي لك لأنك الوحيدة الصادقة في حياتي,

كانت هذه المرة الأولى التي أراها هكذا لا تعرف أتبتسم أم تخفي الإبتسام أتركز عينيها في عيني أم تزيغ بهما في الفضاء تركتها تتحدت وأنا أنصت باهتمام,
أكملت:
- سألتني أمس عن والدي فقلبت علي المواجع التي أحاول أن أنساها, ربما ستظنين أنهما توفيا أو بعيدين عني, لكن لا عزيزتي هما قربي معي وتأكدي أن أقسى بعد حين يكون الشخص قريبا منك يجلس بقربك وفي نفس الوقت بعيد تفصل بينكما أميال لا يمكن قطعها أو التخفيف من مسافتها.
قبل مذة لم أعد أذكر أهي قصيرة أم طويلة عشت حياة سعيدة في ظل والدي أمرح أتسلى وأغترف من حبهما وحنانهما الكبيرين, لكن هذا لم يدم طويلا, ففي يوم من الأيام انفصلا عن بعضهما ومن هذه النقطة بدأت سلسلة عذابي التي لا تنتهي, تزوجت أمي أنجبت وكونت أسرتها ثم وكذلك فعل أبي تزوج أيضا وكون أسرته وأنا كنت الصدع بينهما لا أنتمي إلى أي أسرة, أمضي فثرة عند أمي فلا أعامل جيدا, دائما أحس أني مجرد دخيلة زوج أمي لا يطيقني وأمي محتارة في أي صف تكون, أتكون في صف الظالم أم المظلوم ودوما وكانت تكون في صفه فمن لها غيره وان انحازت إلي فستخلق المشاكل لنفسها فماذا تفعل؟ تتوسل إلي أن أذهب لأبي وأمضي فثرة لديه وهكذا أفعل فأجد نفس المعاملة وأكثر زوجه أبي تحقد علي وتكرهني وتخلق الشجارات لتبعدني وتلقي اللوم علي في كل شيء وأبي المسكين واقف مكتوف اليدين لا يحرك ساكنا ويأمل أن أعود من حيث أتيت لتنتهي الخلافات والشجارات وأظل أنا دخيلة معذبة وحيدة وغير مرغوب في وجودي في أي مكان, لا أعرف إلى أين أذهب وإلى من ألجأ ومع من أتحدت لكن سرعان ما وجدت متنفسا صغيرا ألا وهو النسيان أن أنسى وأعيش كما لو كنت سعيدة ما إن أخرج من البيت حتى أرغم نفسي على الإبتسام والتغاضي عن كل شيء وأوهم نفسي أني بخير فألفت كل هذا وأصبح جزءا من حياتي
بعد أن انتهت نظرت إلي تحاول قراءة أفكاري عبر نظراتي
وقالت:
- إذن ما رأيك في كل هذا عزيزتي إيمان
أجبت بشيء من التردد:
- وفعلا صدقتك لم أكن أتصور أن تكون خلفيتك هكذا لكن لا عليك ففي يوم بحول الله ستستقلين وتعيشين الحياة التي تريدينها
- نعم كل هذا كلام وفرق شاسع بين الكلام والفعل

وبعد حوار بسيط ودعتني وودعتها
سرت خطوات وأنا أفكر فعلا حياتها جحيم لكن هل فعلت الصواب بخلق حياة وهمية لنفسها تكون فيها في قمة السعادة هل حققت مرادها بهروب مؤقت من واقع مرير هل الحل أن تضحك وتمرح وتترك الهموم والمآسي والأحزان أم أنه بداية مشاكل أعمق لا أدري ولم أعد أريد أن أدري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي