الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموتى يحضرون مهرجان السينما

علي المقري

2007 / 8 / 23
الادب والفن



لم يعد هناك وسيلة إلا وقام بها المخرج حميد عقبي ليقنع وزارة الثقافة بأهمية إقامة مهرجان للسينما في صنعاء بما في ذلك بعث مخرجين عالميين من قبورهم ليتحدثوا عن أهمية المهرجان ويشكرون رئيس الجمهورية ووزير الثقافة على رعايتهما للمهرجان، على نحو ما عمل مع المخرج العالمي بير باولو بازوليني الذي قوّله ما لا يمكن قوله من فنان بحجم بازوليني، ناهيك أنه قد مضى في موت لا يمكن أن يُبعث منه ليقول مثل تلك الأقوال المنسوبة إليه.
فبازوليني الذي توفى عام 1975 نجده يحمل عقبي في الحوار المنشور في (الثقافية): ((رسالة هامة جدا إلى الدكتور محمد أبو بكر المفلحي وزير الثقافة )) يطالبه بضرورة دعم تشجيع الفن السينمائي ومشروع المهرجان، بل يطالب الرئيس علي عبدالله صالح شخصيا ((أن يشجع هذه الخطوة)).
لا يقتصر الأمر على بازوليني ، فهناك آخرون قام ببعثهم عقبي من قبورهم، وأجرى معهم مقابلات صحافية منشورة على صفحات (الثقافية) يشيدون فيها بإقامة مهرجان صنعاء مع إرسال تحياتهم للدكتور وزير الثقافة!.
أما الأحياء ،على قلّتهم ،فلم يخرجوا على هذا السياق .
ولكي لا أمضي بالتفصيل كثيراً، أقول أن من حق عقبي إجراء مقابلات صحافية مع الموتى(!) والأحياء ، ولكن على نحو أن يقوم بنقل أفكارهم بأمانة، ولا يقوّلهم ما لم يقولوه ، أو ينقل ما قيل عنهم على أنها أقوال لهم.
فهل يمكننا أن نتصوّر أن تاركوفسكي وأنجمار برجمان يتحدثان عن أنفسهما بالطريقة التي ظهرا عليه في حوارات عقبي؟.
أقول ذلك وقد قرأت بعض الكتب التي تنهج هذا النهج ،وآخرها كتاب عن الفنان محمد عبد الوهاب.
فما ينشره عقبي ليس وجهة نظر، أو طريقة فنية وأسلوبية، بل هو جناية على هؤلاء الفنانين العالميين يشترك فيها مع الصحيفة التي أتاحت له نشر مثل ذلك، ربما لجهل محرريها أن هؤلاء الفنانين موتى ، أو أنهم يعتقدون أن الموتى لن يقوموا بالاعتراض على ما نُسب إليهم من أقوال.
أما قبل ذلك ،وانطلاقا من السبب الذي أدّى بعقبي أن يقوم بكل ذلك، وهو مهرجان صنعاء الأول للسينما، الذي يروّج لإقامته العام المقبل ، فإن السؤال هو: هل بإقامة هذا المهرجان ننشئ سينما يمنية؟.
وإذا افترضنا ذلك فأين دور العرض السينمائية الكفيلة بعرض أفلام المهرجان؟.
هل نسي عقبي ،وهو في باريس، أنه لا توجد دارواحدة في صنعاء مهيأة لعروض سينمائية مهرجانية بعد أن أغلقت دار سينما حدة وخالدة وهما في حال مهتريئ ، ليتبعا مصير سينما بلقيس وغيرها من الدور التي تم إغلاقها في مختلف المحافظات.
وأيضأ:
هل نسي حال الرقابة على الأفلام السينمائية في اليمن والتي يتنافى معها إقامة مهرجان سينمائي بعيد عن الرقابة كما هو حال مهرجانات العالم.
وإذا لم يكن يعرف فعليه أن يسأل عما تتعرض له الأفلام المشاركة في مهرجان الفيلم الأوروبي، المقام على خشبة مسرح المركز الثقافي اليمني، من تقطيع وحذف وتشويش.
حتى أن فيلم (يوم جديد في صنعاء) للمخرج بدر الحرسي ،وهو الفيلم اليمني الأول في تميّزه، قد واجه رقابة شرسة ليس في عرضه ،فحسب، بل وفي إنتاجه وتصويره.
هل ذهبت في اليأس إلى منتهاه، هنا؟.
لا أرجو ذلك ، فما زلت آمل بإيجاد بنية تحتية للسينما في اليمن ،على نحو ما.
على نحو إيجاد صالات لائقة للعروض السينمائية ، ومشاركة القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.
وعلى نحو أن تقوم وزارة الثقافة بالعمل على إيجاد منح تعليمية إلى خارج اليمن لدراسة الفن السينمائي من إخراج وتصوير وسيناريو وغير ذلك ، كما تقوم الوزارة بتخصيص ميزانيات مالية لعدد من المخرجين لإنتاج بعض الأفلام الجيدة التي يمكن المشاركة بها في مهرجانات سينمائية عربية وعالمية،بدلا من إقامة مهرجان سينمائي في واقع لا ينتج السينما.
ما بقي القول أنني أقف مع طموح المخرج حميد عقبي لإنشاء سينما يمنية، وأنني ألمس موهبته وقدراته السينمائية من خلال كتاباته ، وأدعو وزارة الثقافة إلى تشجيع مشاريعه السينمائية في إخراج أفلامه المرجوة ، لكنني لا أعتقد أن طريقة إقامة المهرجانات كفيلة،بداية، بإيجاد هذا الفن في اليمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟


.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت




.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني


.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار




.. تعمير - المعماري محمد كامل: يجب انتشار ثقافة البيوت المستدام