الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للمقاومة أيضًا، حدود أخلاقية

عبير قبطي

2003 / 10 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


الاربعاء 8/ 10/ 2003
*يجب القول إن هذه ليست أخلاق شعبنا ولا يمكننا أن نناضل ضد قتل الأبرياء في طرف، ونشرعن أو على الأقل نبرر قتل الأبرياء في الطرف الآخر*
أذكر أني ناقشت مرة متطرفًا يمينيًا أيد بشدة الاغتيالات التي ينتهجها جيش الاحتلال الاسرائيلي، وكانت حجته أن الجيش يقوم بقتل اناس مرشحين لتنفيذ عمليات تفجيرية في داخل إسرائيل، حينها اجبته "هذا يعني انك تشرعن العمليات التفجيرية لأنه إذا كنا سنسير بحسب نفس المنطق فان الانتحاريين يقومون بقتل أشخاص مرشحين للإلتحاق بجيش الإحتلال وإرتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني!".

لقد صادف يوم السبت أنني كنت في حيفا وقد ذهبت مساء العملية التفجيرية الى منزل عائلتي كركبي ونجار، اللتين فقدتا ولديهما في العملية، كان موقفًا غريبًا وصعبًا في نفس الوقت. العائلتان تنتظران الجواب النهائي من أفرادها الذين ذهبوا للتعرف على الجثة، كان هذا بعد الإنتظار ساعات طويلة في المستشفى ليتحققوا من أمر إبنيهما، كغيرهم من العائلات الإخرى، كان الإنتظار أشبه بقشة أمل تعلقوا بها، رغم أنهم على إدراك ان أمر وفاتهما كان شبه حتمي بحكم عملهما في المطعم.

الأم في عائلة كركبي كانت تنتظر التعرف على الجثة، مع أنها قبل ذلك او بعده لن تصدق أنها فقدت إبنها.
مطانس كركبي إبن الثلاثين تزوج قبل حوالي السنتين، لم ينجب الاولاد بعد. في ذلك اليوم كان على وشك ان يقتنع بمرافقة صديقه في نزهة الى القدس، ليته فعل!
أسامة نجار إبن التاسعة والعشرين متزوج وأب لطفلة (3 سنوات)، كان يعمل طاهيًا في المطعم، ومما سمعته انه قرر يومها او حينها تبديل نادل والعمل خارج المطبخ.
حين وصل خبر التعرف على الجثة وتأكد الامر كنت في ساحة عائلة نجار، وقف الجميع عاجزًا أمام صراخ الأهل الذي ملأ فضاء حيفا.

حيفا وفسوطة عرفتا في ذلك اليوم ألمًا وحزنًا شديدين، ففسوطة ايضًا فقدت إثنين من أبنائها، حنا فرنسيس وشربل مطر.
عملية قذرة بكل المقاييس، قذرة تمامًا كالإغتيالات، كهدم البيوت كجرائم لانهائية سواء نوعًا أو كمًا يرتكبها الإحتلال.
ولكن حان الوقت لان لا نتردد في رفضنا لهذا الاسلوب القذر من المقاومة، هذه ليست أخلاق شعبنا ولا يمكننا أن نناضل ضد قتل الأبرياء في طرف ونشرعن أو على الأقل نبرر قتل الأبرياء في الطرف الآخر، وإذا كنا سنفعل ذلك فهذا يعني أننا نفقد إنسانيتنا ونتحول الى انصاف بشر نتحرك بواسطة الكراهية والحقد والعنصرية، فلنحذر من خلط الاوراق بين التضامن الوطني المشروع وحماسنا لمقاومة الاحتلال البشع وجرائمه، وبين إعتبار كل من لا يوافقنا عدوًا لنا لا يهم إن قُتل.

من يُقتل في العمليات التفجيرية ليسوا جنودًا على الاغلب، بل هم أشخاص قد يكونون يساريين يناضلون ضد الاحتلال، أو حتى رافضين للخدمة العسكرية، قد يكونون أطفالا لا يعرفون شيئًا عن الاحتلال، ومن الممكن أن يكونوا عربا من مواطني الدولة. إذا كنا نبرر هذا بانه ثمن لا بد منه فالسؤال هو: هل أصحاب هذا الادعاء على إستعداد لدفع هذا الثمن بأنفسهم، ام يقولون ما يقولون في حين أن من يُقتل هم آخرون؟!

نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال الرئيس الفرنسي ماكرون عن اعتراف بلاده بالدولة الفلس


.. الجزائر ستقدم مشروع قرار صارم لوقف -القتل في رفح-




.. مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب رفع العلم الفلسطيني خلال


.. واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في سياستنا ودعمنا العسكري لإسرائيل




.. ذا غارديان.. رئيس الموساد السابق هدد المدعية العامة السابقة