الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات هاشم جواد ..آعترافات بهزائم مؤجلة

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2007 / 8 / 23
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


مذكرات جواد هاشم ، كشف مبكر لطائفية البعثيين وهويتهم الدموية
تشكل مذكرات جواد هاشم محطة مهمة في الكشف عن خفايا السياسة وحقيقة الشعارات البراقة الزائفة التي حاول البعثيون ترويجها عند مجيئهم للحكم مرة ثانية.. للتمويه على مرارة ودموية تجربة (الحرس القومي) وعصاباته من الجلادين واللصوص وقطاع الطرق.. ومحاولة نسيان فظاعات وجرائمهم ازاء شرائح الشعب العراقي تكمن الاهمية الكبرى في هذه المذكرات.. بأن من رواها..كان احد المقربين من القرار السياسي والكواليس التي تدار فيها القرارات وتتحكم بمصير الامة العراقية.. وهو وزير في اول حكومة شكلها البعثيون بعد انقلابهم الاسود على (عبد الرحمن عارف)... وجاء للوزارة بخبرته وشهاداته العلمية دون ان يكون عضواً في حزب البعث..
او السائرين في ركابه او المؤيدين لنهجه.. او المشاركين بانقلاباته ومؤامراته ولذا فأنه لم يستمر في منصبه طويلاً وسط الدسائس والمناحرات التي يحيكها أغلب اعضاء القيادة المزعومة لمايسمى بمجلس قيادة الثورة وهم قطيع من الاميين وأنصاف المثقفين والضباط الفاشلين والجلادين من بقايا مكاتب الحرس القومي..
هذا هو نسج القيادة البعثية منذ بداياته.. كما يصفها د.جواد هاشم في مذكراته..التي جاءت بداياتها الاولى في امسية شتائية باردة من شباط 1980 جمعته مع الشاعر الاكبر محمد مهدي الجواهري في منزله في ابو ظبي..
وفي تلك الامسية التي لاينساها د.جواد طلب الجواهري منه وعداً بأن يكتب مذكراته..
ووفاء لهذا الوعد ولتسارع التطورات السياسية.. فيما بعد وظهور الاتجاه الدكتاتوري الشمولي بوضوح وتركز السلطات بيد صدام حسين الذي قاد العراق والعراقيين الى الدمار والمقابر الجماعية والسجون.. والفقر والحصارات.
ولممارسات النظام الشوفينية ازاء القوميات والاقليات الاثنية.
والنهج الطائفي الذي يحكم رؤية القيادة البعثية ويتحكم بتصرفات البعثيين من اصحاب السلطة والقرار..
كل هذه الظروف دعت جواد هاشم ليكتب هذه المذكرات ..والتي تلقي ضوء ساطعاً على بدايات هذا التوجه الدكتاتوري وهذه العقليات الطائفية المحصورة آنذاك بين كواليس مخفية واجتماعات مغلقة وجلسات خاصة.. دون ان يطّلع الشعب العراقي على حقائق الاشياء وبواطنها بسبب تمويهات أعلام زائف وموجه فالمذكرات تسلط الضوء..على البدايات الاولى للرؤية الطائفية التي كانت تتحكم بالقرارات والنهج السياسي.. وظهر بشكل فضائع ومجازر بعد ان كشرت الصدامية عن انيابها المتوحشة.
واضطر د. جواد لمشاهداته لهذه الممارسات الطائفية من تقديم استقالته لاكثر من مرة لعدم انسجام هذه المنظومة مع انكاره وتربيته وشهاداته العلمية .. التي يحملها.
كان جواد هاشم نموذجاً للتكنوقراطي الغريب وسط عصابة من الوزراء الجهلة الذين لا يجيدون سوى الخضوع والخنوع.. للمسؤول تميزت المذكرات بنزاهتها وحياديتها.. حيث رغم ماهو معروف عن صدام من صورة تختزل بشاعة الدكتاتور وهمجيته..
فانه قدمه بامانة.. عند تعرفه لاول مرة.. بانه سياسي محنك.. يتصرف بروية ويخطط لاشيائه بصبر وأناة.. وكان له جماعته الخاصة وفريق خاص من المخبرين والانتهازيين.. في معركته على السلطة مع احمد حسن البكر الذي نجح الاخير بازاحته وتصفية مؤيديه بما سمي اعلامياً بمؤامرة (1979) ـ حيث لم تكن في حقيقتها الا الفصل الاخير من مسرحية التسلق الى السلطة ولو على حساب رفاق دربه ومسيرته ويصف جواد هاشم وصفاً مثيراً اللقاء بين صدام والبكر في ليلة 17تموز1979 والذي تم في حديقة منزل خير الله طلفاح الذي طلب فيه الاخير من البكر التنحي ـ ليبدأ تاريخ دموياً وفصلاً من فصول الابادات والحروب لم يعرفه تاريخ العراق مطلاقاً.
في اكثر من موضع يسلط الضوء جواد هاشم على اساليب المنظمة السرية التي ابدع في تفصيلها الكاتب العراقي المعروف (حسن العلوي).. وكاد ان يكون د. جواد واحداً من ضحايا اساليب هذه المنظمة التي كانت تبتكر اساليبها القمعية بسرية تامة..
في تصفية خصومها من السياسين والحزبيين.. وكانت تتطور هذه المنظمة بتطور القبضة الدكتاتورية على مقاليد الحكم واستمرارها.
وكاد يذهب د.جواد هاشم.. ضحية لدسائس هذه المنظمة..
التي تعتمد على تقارير المخبرين والوكلاء المندسين في كل مكان من مؤسسات الدولة والسفارات والمؤتمرات...
حيث كاد د.جواد هاشم ان يذهب ضحية لتقرير لاحد العرب البعثيين العملاء للنظام الصدامي..
خلاصة الامر مذكرات جواد هاشم تميط اللثام عن البدايات الغامضة للعصابة التي تحكم في مقدرات العراق والعراقيين اكثر من ثلاثة عقود..
وملامح هذه البدايات التي لم يطلع عليها العراقيون الابعد عقود من زمن الحكم الصدامي..
وتتركز هذه البدايات على منطلقات الطائفية والسرية والقمع التي تتحول الى قرارات مصيرية..في مذكرات د.جواد هاشم.. دروس وعبر لابد من استخلاصها لمجتمع جديد يعيشه العراق نواته التعددية واطاره السياسي الدستورية والديمقراطية..
ولتجاوز وطي هذه الصفحة السوداء.. لابد من كشفها بجرأة دراسة منهجها وتحليله.. لكي يكون عبرة لاجيال العراق القادمة والتي يتمنى الكاتب ان لاتشهد فصولاً دموية كفصول البعثيين ولاقيادات جاهلة واجرامية كقياداتهم.
كتاب من الذاكرة الحيه.. يمكن الوقوف والرجوع اليه في اعادة كتابة تاريخنا الوطني من جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم