الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادة على تفسخ البرجوازية في مهدها

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2007 / 8 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



لم يبقَ سوى هارولد بنتر ....
التقاليد الأدبية الغنيّة الموظّفة في السياسة للكتّاب الانجليز انتهت
تيري ايجلتون
جريدة "غارديان" اللندنية

السبت ۷ يونيو ۲۰۰۷

لأول مرة وطوال قرنين من الزمان أصبحنا نفتقد إلى مسرحي ، أو روائي انجليزي مشهور يكون مؤهلا ليلقي نظرات انتقادية إلى البنية الحياتية في الغرب .
ربما يمكن أن يكون هارولد بنتر استثناء شامخا وشريفا ، والذي أطلق تصريحه الحكيم بأن
" اشتراكية الشامبانيا أفضل من " انعدام الاشتراكية". وإن مؤلفاته السياسية هي ذاتها مؤلفاته الفنية الثمينة أيضا.
وقد مُنح سلمان رشدي منزلة الفروسية ، وهي بمثابة جائزة من سلطة حاكمة لرجل تحول من كاتب ساخر من الغرب ومنتقد لسياسات حكوماته و بدون رحمة إلى مصفق لمغامراتها الاجرامية في العراق وأفغانستان ومؤيد لها . فقبل سنوات تحول ديفيد هاير من راديكالي إلى اصلاحي متملق لقصر نوتينجهام و البلاط الملكي.
كما كان كرستوفر هيجينو الذي كان يبدو أنه سائر في دربه ليكون جورج ارول هذا العصر ، بل كان ثمة من يرى فيه أنه سيكون اولين فوف بريطانيا ، قد ربط مصيره بالمحافظين الجدد في واشنطن. وكتب "مارتين أميس" محتجا عن المنع والعراقيل التي يتعرض لها المسلمون من تفتيش و تحقيق لمسافرين يبدو أنهم من أصول شرق اوسطية أو أفغانية. ويرى أن هذه الاجراءات هي تمهيد لطردهم من بريطانيا.

لا بد لي هنا أن أؤكد على أشخاص لتوضيح هدفي من المقال. ففي فترة جميلة برزت بريطانيا بلدا رأسماليا صناعيا ، كان لها " شيللي" الذي كان الفقراء موضع همومه وقلقه، و كان لها " وليم بليك" و أحلامه الأشتراكية الطوباوية و الشيوعية ، و" بايرون" الذي فضح فساد الطبقة الحاكمة .. وقد عرّف الشاعر الكبير في العصر الفكتوري " أرتور هيوكلاو" لدفاعه الشجاع عن ثوريي 1848 باسم " الرفيق كلاو ".

كان "توماس كارلايل" أحد الأصوات الأكثر احتراما في انجلترة الفيكتوريائية أدان واستهجن النظام الاجتماعي الذي جعل من العلاقات المادية صلات وحيدة تربط بين البشر." لقد كان جون راسكين" الوارث الكبير لهذا النقد الأخلاقي للرأسمالية ، والا لم يصبح ، لا هو ولا كارلايل مبدعين خلاقين ليتركوا أثرهم الكبير على مليام موريس أعظم شاعر اشتراكي.
عاصر موريس في اواخر القرن التاسع عشر " اوسكاروايلد" الذي اعتبره الانجليز كاتبهم المحبوب ، و غدا مبعث اهتمام اجتماعي كبير عندهم، و اعتبره الايرلنديون حمهوريا اشتراكيا.
كان الكتّاب الاشتراكيون في العقد الأول من القرن العشرين في بريطانيا ، من أمثال " اج. جي. ويلز" و "جورج بردناشو" فرسان الأدب والفن. كتبت فيرجينيا وولف في الفترة التي في مجال الفن عن التسلط على الناس الآخرين، وكتبت عن التسلط و القتل و الاستيلاء على الأرض ورأس المال ، اتخذت مكانتها على يسار كل الكتاب الانجليز الكبار.
ولم يأت ِ كل النقد والنتقاد الاجتماعي من اليسار. " فقد أدان " دي . اج. لورنس" اليميني الراديكالي الارضية الأساسية التي تشجع البشر لتكريس كل طاقاتهم في المنافسة على التملك وكسب الثروة. كان يرى أن الملكية مرض روحي . الحداثة كانت حركة تقدمية صاعدة، لكنها من الوجهة السياسية وقعت في المصلحية و المساومة السياسية ، لكنها انتقدت القيم البنيوية و اتجاه التمدن الغربي . شهدت 1930 أولى المؤلفات الأدبية الواعية اليسارية. الالتزام السياسي لم يعد مخالفا للفن بل أعتبر جزء حيويا من أهدافه.
في دولة الرفاه بعد الحرب العالمية الثانية بدأ الفساد لينخرها. ظهر ط فيليب لوركين" الذي يمتلك منصبا غير رسمي رفيعا في تلك الفترة، كان عنصريا يكتب عن قمع المضربين و ضربهم. كثير من الشباب الغاضب في العقد 1950 انمسخوا , تحولوا إلى " أنصاف بشر يعانون سوء الذوق". سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت الفترة الثانية للتحولات السياسية الحاسمة للقرن كانت تفتقد إلى عمالقة بشموخ سارتر وبرشت. أيريس مردوك كان يحتمل أن يحظى بهذه المنزلة لفترة ما، لكنه نزع إلى اليمين و الذات . دوريس ليسنج أيضا انتابتها إلى حد كبير نفس الحالة.
لقد تحمل مهاجرون من أمثال " نايبول" و رشدي و سبولد و ستوبا أن يصوروا مثل الايرلنديين في الماضي، قسما من آثارنا الأدبية الحديثة .
لكن المهاجرين ، مثلما تشهد آثار "نايبول" و "توم ستوبا" على الأغلب لا ينزعون إلى تحدي المألوف و أساسيات للأمكنة التي لجأوا اليها، بل يودون اكتسابها والأخذ بها
هذه المسألة تصح على "جوزيف كونراد" و "هنري جيمز" و "تي اس اليوت" .."وايلد" الذي نوعا ما كان له رأيه المستقل ، الا أنه في نفس الوقت كان يبدي تحديا لعصره ، و يجامل المعايير المألوفة.
الشيوعي الكبير الشاعر " هيومك ديارميد" قضى مع أفول ليل التاتشرية الأسود. كان رشدي واحدا من الأصوات القليلة الذي احتفظ بهذا الميراث حيا.لكنه بعد تأييده لسياسة البنتاغون واصطفافه معا ، علينا البحث عن كاتب آخر للنقد الساخر اللاذع في جهات آخرى.
ثمة عوامل عديدة تلعب دورا في هذه التراجعات والارتداد. المال، و الاطراء والتقاليد المحافظة المشلّة و فشل بديل للرأسمالية. كثير من الكتّاب في بريطانيا يتعاطفون مع المهاجرين وأصدقاء لهم، لا يحبون طوني بلير و يناهضون الحرب في العراق، لكن نادرا ما يوجد شاعر وروائي يذهب أبعد في هذه القضايا لكي ينظر إلى الرأسمالية باعتبارها سبب و منشأ كل المشاكل. بدلا من ذلك، لهم فرضيات في أن صلة طبيعية تربط بين الأدب واللبرالية اليسارية.ونظرة خاطفة إلى الشخصيات الكبيرة في الأدب الانجليزي تكفي لدحض مثل هذه الادعاءات.

تيري ايجلتون أستاذ الأدب الانجليزي في جامعة مانجستر والحائز على كرسي
جون ادوارد تيلور
ترجمة: حميد كشكولي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين وفريدة.. قصة حب وتفاصيل مضحكة بسبب فروق عادات الجزائر و


.. التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن




.. إسرائيل وإيران.. حلقات التوتر


.. تقارير: إسرائيل ستبقي جيشها في قطاع غزة لأشهر حتى العثور على




.. احتدام المعارك في ولاية -سنار- بين الجيش السوداني و-قوات الد