الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد كيف تنامين!؟

محمد مسلم الحسيني

2007 / 8 / 24
الادب والفن


كيف تغمض عيناك يا بغداد وهي التي تلألأت بشعاع قمر العشاق وهو يتراقص على صفحات مائك وسنائك!؟. كيف تغمض عيناك يا بغداد وتتركين قمرنا، وهو حبيبك ورفيق عمرك، وحيدا فريدا... حزينا كئيبا... تائها ضائعا بين النجوم وبين الغيوم ! ..... كيف تنامين وخصلات شعرك المهفهفة تتماوج مع حركة أغصان الصفصاف وسعف النخيل حين يهب النسيم العليل بين ثناياك ورحابك.... كيف تنامين وأنغام "الجالغي البغدادي" ترن في كل أذن من آذانك وبكل ركن من أركانك!؟
كيف تنامين يا بغداد وتتركين شارع ابي نؤاس بؤنسه وناسه، بزحمته وصخبه ، بأنواره و حركته ، بمطاعمه و"مسقوفه".... مهجورا.... مغدورا.... يبحث عنك !؟. كيف تنامين وليالي هارون الرشيد العتيدة صورة من لياليك وصفحة من تراثك... كيف تنامين وقصص الف ليلة وليلة جزءا من قصصك وفلما من أفلامك ...! لا يا بغداد فأنت والنوم ضدّان لا يجتمعان!
بغداد... أين عشاق زورائك ... أين مدينة ألعابك....أين زحمة أسواقك...أين شارع النهر ...أين النخل والشجر...أين دجلة الخير... أين رحلة الليل ...أين الشاي والهيل...!؟ تكلمي... تحدثي... أجيبيني...

إفتحي عينيك يا بغداد...نحن لا ننظر الى بهاء الدنيا وجمالها إلاّ من خلال عيونك... ولا نستمع الى أهازيج الطيور وألحانها الاّ في ربوعك... ولا نشعر بلذه الحب والحياة إلاّ في ثناياك..... فلا حراك لنا دون حراكك... ولا إستقرار لنا دون إستقرارك ...ولا سعادة تنتظرنا غير سعادة قربك... ولا شمل يلمّنا غير شمل أرضك وسمائك..... .
إستيقضي فالنوم لا يليق بك يا بغداد......
نحن كالأيتام بدونك....! أنت أمّنا ولن تروق لنا أمّ غيرك.... وأنت ملاذنا ولن تهدأ أنفسنا بصدر غير صدرك.... وأنت سكينتنا فلن تغمض عيوننا بليل غير ليلك.... نحن لا نفرح إلاّ بفرحة نصرك... ولا نتبسم إلاّ لبسمة ثغرك... ولا نرتوي إلاّ بماء دجلتك... ولا نطرب إلاّ بعزف عودك وقانونك... ولا نشم إلاّ عبيق وردك ورياحين ياسمينك... ولا نتلذذ إلاّ بأكل "شبوطك وقطانك"... ولا نضحك إلاّ لفكاهاتك ونوادرك ...ولا نستمع إلاّ لقصصك وأحاديثك ! إفتحي عيونك لنا يا بغداد ، فنحن بدونك ضائعين...! فلا أرض تأوينا... ولا ماء يروينا... ولا صدر يضمنا أو يحوينا... ! بغداد كيف تنامين....!؟
إستيقضي ، فستجدين بئس ما تجدين....!. ستسمعين نواح الثكالى بديلا عن أهازيج الأفراح في أزقتك وأحيائك فما أقبح ما ستسمعين! ستشاهدين قمم المنائر الساحرة التي كانت تعانق الغيوم قد سوّيت بالأرض فما أبشع ما ستشاهدين !. سترين دماء الأبرياء تجري رخيصة كالأنهار في أديم رصافتك وكرخك فما أنكى ما سترين! ستشمين روائح بارود الغدر والضغينة بديلا عن عطر المسك والعنبر فما أكره ما ستشمين! ستعرفين بان أواصر الحب والألفة بين أركانك وثناياك قد قطعت إربا إربا فما أحزن ما ستعرفين!
ستدركين بأن أبناءك قد هجروا أرضك لأن أيادي الغدر والظلام لم تعف أحدا منهم ، حتى تماثيلك ورموزك لم تسلم منهم! فما أدهى ما ستدركين ! حتى طيور "السند والهند" التي تزورك في ربيعك وصيفك قد هجرت أعشاشها وغابت عن سمائك وفضائك فما أغرب ما ستلاحظين ! ستجدين الأعداء في أرضك قد تكاثروا... والحاقدين من حولك قد تناثروا... ! الكل ينهش في جسدك... ويعبث بروحك...ويدمر في كيانك.....فمنهم من يريد حرقك وقتلك لأنك جمعت بين جمال الطبيعة وأناقة الجغرافية وبداعة التأريخ...! ومنهم من يريد أن يسلبك ويسرقك لأنك غنية بمائك ونفطك ونخلك وعقولك ... ومنهم من يريد أن يدفنك ويطمرك لأنك رمز الحضارات ومكرمة الدنيا ودرّة الزمن...! بغداد كيف تنامين....!؟
كيف تنامين والكارهون يتربصون فيك !؟ . يكرهونك لأنك الحياة وهم الموت ،ولأنك النور وهم الظلام، ولأنك الوجود وهم العدم...... يتربصون بك لأنك الحب وهم الكراهية وأنت الإخلاص وهم الغدر وأنت العلم وهم الجهل...... يحقدون عليك يا بغداد حيث أنت الغنى وهم الفقر وأنت الصبا وهم الشيخوخة وأنت الخير وهم الشر.....
بغداد كيف تنامين، وأنت حضارة الأجداد ...مستقبل الأحفاد ...وواحة الأمجاد...!؟ إستيقضي...تيقضي...إعترضي...إنتفضي...تحرري....وإنتصري...فإنك بغداد....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي