الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايها الناس كفى هدرا للمال العام

خالد عيسى طه

2007 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يقول العالم الاجتماعي الدولي .. فرانكلين تومبي .. ان الدول هي كائن حي له حياة مقدرة ومحسوبة .. يولد ويزحف بطفولته ويمشي في الارض وهي تهتز بين اقدامه .. ثم يبدو عليه الضعف ويهرم وتدب فيه شيخوخة .. حيث يصبح كألقرد .. وينتهي من الوجود.
عند تومبي .. هذا هو حال الدول وتطور شعوبها .. تومبي لايقول شيئا " وهو عالم جليل معروف " مثل هذا القول دون اثبات بل اعطى في تفسيره هذا كثيرا من الواقعيات جديرة بالدراسات وألتمعن ويعزو عوامل تعرية الدول لاسباب متعددة منها :-
1- ضمور هيكلة الدولة وقلة هيبتها عند ابتعادها عن ارادة الشعب .. وألشعب مصدر السلطات كافة .
ب- تخمة العيش عند الفئة العليا الحاكمة .
ج- اختلال توازن العدالة وفقدان موازينها وجعل الجهاز القضائي واجهات بدون تفعيل .
د- فساد الذمة وألضمير .. خلقا وتصرفا وسيرة في مفردات الحياة .. وبرأيي ان اسرعهم في انهاء الدول ومقوماتها .. هو الفساد .. بكل ماتحماه هذه الكلمة من ابعاد .. وهي تأتي على الحالات التالية :-


فساد الذمة
فساد القول
فساد التصرف
فساد في فهم الدين وألفساد في تطبيقه
فساد في التقاضي
فساد في الوصول الى الاهداف
فساد في تحقيق الاهداف الوطنية للشعوب

بأعتقادي ان العراق المعاصر .. عراق اليوم .. هو حالة من الفساد الكامل .. وألفساد في تاريخ العراق ادوار :-
في دور العهد الملكي .. لم يكن هناك بابا للمجاهرة بألفساد وكان الفاسد المرتشي الغير صالح لتصرفاته .. يتحاشاه المجتمع وينبذه جانبا ليصبح وحيدا .
في ايام حكم سعيد ومدرسته وألذي كان يفخر بأنه من اتباع السفير الانكليزي كورنل وايز ويجاهر بأن الحكمة .. ان يصادق الانكليز ويتابعهم ويحصل مايستطيع للعراقي ولشعب العراق .. ثم يطالب بألمزيد .. رحمة على نوري السعيد وتفهمه قياسا على مانراه في يومنا هذا .
نرى نخبتنا السياسية " كما يطلقون على انفسهم " يزاودون البعض على البعض بقربهم للمخابرات الاجنبية وخاصة ال سي آي اي ولا يتحرجون ان يصطفو مع جيش الاحتلال وجنوده لدخول العراق .. ولا يرتجف لهم جفنا عندما يطلبون من الامريكان قصف المدن الامنة وقتل الشيوخ وألاطفال وأغتصاب النساء .. حتى انهم لايستنكرون ماحدث في سجن ابو غريب .. ويقال انه لازال الفعل الشنيع مستمر .
لم نر ولا نذكر .. ان رجال العهد الملكي .. استعانوا بالجيش الاجنبي في ضرب عشائر الفرات يوم تمردت او ضرب الاكراد يوم طالبوا بحقوقهم الانسانية وألشرعية وهم فوق قمم جبالهم الشامخة بكل صلابة وأصرار .. وألعناد في فرض حق تقرير المصير على العاصمة العراقية بغداد . وفي ذلك العهد ايضا ماكان الفساد بابا يخول المرتشي او المختلس او السارق ان يظهر للمجتمع ويمشي بطوله رافع الرأس وعليه تهمة الرشوة والاختلاس او الفساد .. وألرشوة عيب .. والاختلاس جريمة ونكسة عكال .. يقاطع من اجلها اهل المحلة من يساكنهم في المنطقة .. وفي عهود العراق السابقة .. كان العيب ينتقد من المجتمع ولا يمكن هضمه او الانسجام معه او تقبله في ذلك الوقت .. على عكس ايامنا هذه .. حتى قيل ان واليا من ولاة العثمانيين اندهش لكثرة الفساد الموجود في محلة من المحلات البغدادية .. فذهب اليها وعقد جلسة وأخذ يتساءل .. لماذا هذه المنطقة مشهورة بكثرة الفساد ..؟
فنهض احد الحاضرين وقال : افندينا .. لقد تبدلت الدنيا كثيرا .. في ايامنا لم نكن الا ثلاثة نتعاطى الفحشاء .. محمد افندي وكان جالسا وحسين افندي وأنا .. اما اليوم فثلثي مجلسك يتعاطون الفحشاء .. فهل انت منهم يامولانا ..؟
هكذا الحال في الرشوة وألفساد وقلة الاخلاق .. اليوم رئيس الوزراء الجديد الجعفري .. يعطي امرا يمنع بعض وزراء رئيس الوزراء السابق من السفر خارج العراق ويطلب البدء بألتحقيق على قانون " من اين لك هذا " والكل يتهم الكل بألفساد وألرشوة .. بل ينصب بعضهم على البعض الاخر محققا متهما اياهم بألرشوة وألفساد .. وهو نفسه مرتشي وفاسد ولا يحتاج ان نشخص مانعني بألاسم وأللقب .
اما مرحلة عبد الكريم قاسم .. فان هذا الزعيم كان قمة النظافة السياسية وألمالية وعاش رئيسا للدولة وزعيما لها بتوابع وقتل من قبل البعثيين في دار الاذاعة وفي سرواله اربعة دنانير فقط .. وبألمقارنة الكل يعرف كيف عاش صدام حسين وكم ترك من ثروة .
وفي عهده وهو في هذا التعفف .. لانرى ذمما تباع ولا ذمما تشترى ولا فسادا مستشري .. الكل يحاولون بناء العراق بألشكل الذي يحقق طموحهم الشرعي .. ثم جاء نظام صدام .
اقول .. للآنصاف .. ليس هناك صفة انسانية في شخصية صدام حسين .. انه وحش كاسر يفوق داركيولا في شرب دماء ضحاياه .. ويفوق هتلر في بطشه على الشعوب المغلوب على امرها ويفوق جوزيف استالين يوم بطش في اعضاء حزبه بحجة تطهير الحزب من البرجوازية .. ولكن وبكل صراحة .. ان مثل شخصية صدام القاسية ارعب الذين تساورهم الرغبة في الفساد وألرشوة من الاتيان بها .. فآمنوا بان ما اصدره الرئيس العراقي السابق من قانون مشهور يخص بألتعامل مع المناقصات الحكومية وارساءها الى مستحقيها والتي تتطلب حسا وطنيا عاليا وضميرا نزيها وكفاءة عالية في منع هذا العطاء مهما كانت قيمته لهذه الشركة او الجهة التي تستحقها بأعتبارها اقل الاسعار وأحسن العطاءات من حيث سرعة التنفيذ والكفاءة العالية في العمل مع وجود السمعة العالمية لها .
ان ليس من السهل ان نختار شخصا يستطيع ان يضع هذه النقاط في سلة واحدة ليختار الاحسن والاقرب لمصلحة العراق الوطنية والمادية .. وهي لاتقل عن ما يتطلب في قاضي المحكمة عند اصدار الحكم لاي متهم امامه .
هكذا وجدنا .. ان الثلاثة عقود وألنصف التي مر بها صدام حسين.. كانت الرشوة وألفساد تقل كثيرا عن ماهو جار في الدول الاقليمية والمجاورة .. وقد لمست هذا اثناء ممارستي في ادارة مكتب الاستشاري القانوني للشركات الاجنبية وكيف تنظر هذه الشركات الى المفاوض الحكومي العراقي بعين الاحترام والتقدير وعدم التفكير بألتأثير عليه او بأرشاءه وبأي طريقة .. وفي كل الاحوال كان يعامل الموظف العراقي المسؤول عن المفاوضات بشكل متميز .. هكذا استطاع صدام ان يبعد جهاز التنفيذ وخاصة ضمن تنفيذ قانون المشاريع الكبرى الصادر في سنة 1982 والتي حقق بموجبه مشاريع انمائية كبيرة منها .. الطرق الكثيرة التي نفذت وفق اعلى المواصفات العالمية مثل .. طريق بغداد- فلوجة-عمان .. بغداد – بصرة .. بغداد – موصل .. والطرق التي تربط المسالك التجارية بين المدن العراقية المهمة ومنها ميناء ام قصر ومعامل السمنت والمئات من المشاريع .. ولولا جنون وقسوة هذا الوحش وتسببه في مجيء المحتل لكان العراق ان يخرج من عنق الزجاجة ويصبح دولة عصرية .
نحن امام واقع جديد ولا نستطيع ان نبك على ماضينا كما بكى العرب على طليطلة ومجدهم في اسبانيا او مناطقهم في الاسكندرونة او قدسهم في فلسطين ..علينا ان نتعايش مع الواقع .. ونصطف ونتراصف كرجل واحد بعيدين عن الطائفية والمحاصصة .. ضاربين بيد من حديد من يتعاطاها او يتوسلوا بها من اجل مصلحة خاصة .. وعلينا ايضا ان نحكم ضمائرنا ونحتكم الى عدل الله ودياناته كافة في تحريم فساد الذمة وألرشوة .. وهذا يجعلنا نستصرخ رئيس الوزراء الحالي الدكتور ابراهيم الجعفري .. ان يشكل لجنة عليا لمكافحة الرشوة وألفساد ويعمل بشعار .. من اين لك هذا .. ويحصي ماكان عليه الموظف وألوزير او المسؤول قبل التعيين وبعد التعيين .. وان يكون هذا القانون متساويا في التعامل كأسنان المشط لافرق بين فراش ورئيس دولة .. مع احالة المتهمين المتوفر ضدهم ادلة قانونية مادية على قضاء فيه صفة الاستعجال او على ان يبث في مصيرهم خلال فترة قصيرة محددة ليكونوا عبرة للغير .. بغير هذا سيكون العراق والشعب العراقي في خبر كان ويذهبوا بين ارجل الشعوب وأقدامها .. حيث ان الثلاثة الثلاث تجثم على صدره ونفسه .. الفقر والمرض والجوع .. المثلث الاول .. والطائفية وألفساد والانتماء بحضن الاجانب .. هذا المثلث الثاني وقد تظهر مثلثات اخرى ولا زال العراق جثة هامدة يأن من بطش الدكتاتور صدام حسين وبربرية جنود الاحتلال وقسوتهم .

والى الله مرجعنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني