الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أين سيأخذني ظلّك هذا المساء؟

نبيل الجندي

2007 / 8 / 25
الادب والفن


حواريّة نثرية، غير رومانسيّة، أشبه بانهيار سلسة حجريّة، يرجى توخي الحيطة والحذر، فهي مسكونة بجنيّة تسترخي فوق الورق، وبين السّطور!!
!!
هو:
إلى أين سيأخذني ظلّك هذا المساء؟..
يا امرأة تُحَبُّ من الألف.. وحتى ما بعد الياء!
يا سيّدة المواسم والقطوف الحانية.. أناديك غجريّاً بجوفي قوافل من عطش، وصحراءُ اشتياقٍ رحيبةٍ حارقة!!
أيّتها المعشّشةُ فيّ ذاكرتي بصخب السّنونو وموسيقى الغَجر، وجُموحِ مهرٍ قَلِقٍ يمتدُ نسبُه إلى سفينة نوح، وهدوء نايٍ عتيقٍ يهبطُ نازفا ًمن أعالي الجبل.
تعتادين الغياب!! وتتركينني كبوْح هستيريّ على أطلال الصّهيل، أشعث أغبر على مواقد الرّماد حول مضارب القبيلة الرّاحلة.
أيّتها المعتّقة كلغة النّعناع إذ يقولها علانيّة لشاينا المسائي..
أيّتها الخاطفة كسيف البرق، المجنونة كرقصة السّتائر وهي تستجيب لهبوب الرّيح.
أين سيأخذني ظلّك الظّليل هذا المساء؟
!!!
هي:
حَلَفت بك ضفائري، وغيمة عطري، ورعشة المرايا، والكحل الشّريد المزنّر لغابتيّ اللوز، بأنّي مسكونة بك..تحتلّني كما يحتلّ الأزرق صفحة السّماء، وتستحوذ عليّ كما التردّد يحتلّ قلب امرأة دفعت للتّو لقارئة فنجانٍ كلّ حليّها أملاً بيمناك تطرق باب بيتي، وبقميصك تعلّقه على مشجب فرحي، وبصوتك يهذّب في أذنيّ برعم اللغة.. وحتى بحذائك الرّجولي يستريح عند عتبة البيت قرب قطته، لتنام ربّتُه (البيت) في أمانٍ ودهشة -يا الله- فاخرة.
ليتك يا سيّد الكلمات الآسرة تعلمُ أنّ سطوري فارغة إلا بامتلائها الطّافح بكْ، وأن لا صوت يعلو على حيرة شفتيك، وهي ترسمني امرأةً من زهو، فلا عشتُ إن لم يعشْ بك فيًّ الزهوُ وكلّ الغرور!!
وليتك تعلم أنّ لحظات العمر هاربة وضالّة على غير هُدى.. فقط لولا..ااااااه هَديُ العَسل بعينيكَ ما كنتُ اهتديت!!
فكَم من الوقت احتجتَ حتى تعقّبتَ رّوحي، ونمّطتَ الهديلَ لتدخله في متن "لسان العَرب"، آه كم أغويتَ تاءَ التّأنيث لتمزجها عطراً، وبوحاً، وجنوناً، وحنّاءً وحياء؟ وكم من الوقت أفنيت كي تجلّي الرّابط البهيّ بين تورّد الورد وبين احمرار الشّفق؟؟ آه منك يا سيّد الدّهاء!!
!!!!
هو:
لماذا تغيبين كما تغيب الشّمس في المساء؟
ليتك تعلمين كم تعثّرت خطوتي، وتاهت بوصلتي، واضطربت ساعة يدي، وتعانقت أصابع اليمين مرةً مع الشّمال وتعاركت تارةً أخرى..
في الغياب ذَبُلَت لحظاتي وانطفأ على موانئ الانتظار فرحي.
الآن أدركت أنّ في انطفاء الشّمس غروباً نهاية مشهد، وهل العمر إلا محطة انتظار؟
فإلى أي المحطّات سيأخذني ظلّك هذا المساء؟؟
!!!!!
هي:
- إلى خيمة نائية في كستناء الشَّعر الطّويل، وإلى غابة حففتها – كما قلتُ- لكَ بكرمين من اللوز، ترى فيهما رسمَك، وتقرأ عليهما تعاليمَك، حيث تكون وحدك سيّد الأشّجار، لتَعُبُّ من عطرٍ ما أفسَدَته خلائقُ الأرض ولن تمتلئ به سوى رئة عاشق يتلو القصيدة التي لم يُخلق من يتلوها بعد.. فاقرأني بسم ربّك الذي خلق!!
- وإلى حيث تعود غداً أو بعد غدٍ، لا فرق، فالدقائق في هيبتك واقفةٌ، لتعود وقد أسَرْتَ نجمةَ الصّبح، وحبست ماردَ الصّهيل، وأنهيتَ أسطورةَ القمر الذي توّه العاشقين الحمقى دهوراً وسهّرهم إذ حَسِبوه ما حَسِبوه، فما حَبَسوه إذ حَسِبوه ولكن شبّه لهم!!

!!!!!!
هو:
أيقنت الآن بأنّي لم أعد مجرّد مقامر بحوريّة من ورق.. فأعود -كما اعتدت العوْد- بخفيّ حُنين وخيبته وهوانه على العاشقين.
الآن أعلن توبتي أنا المتورّط من رأسي، من كلّي، من حبري، من نَزَقي، من لغتي.. حتى خلخال قدميك..
أعلن توبتي عن توبتي، وأعلن بكامل قواي العقليّة عن جنوني، لأعرف -يا أميرة الرّوح- أين أروح بظلّك الظّليل هذا المساء، لا يهمّ أين أمضي أو أهيم، في حقل، أو في حانة، في شارع، أو في خيمة،
فما دامت الرّوحُ نشوى بحدائق الحنّون وغيمات الياسمين، فليس مهماً أين أكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05