الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدار.. فضائح بالانتظار

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2007 / 8 / 26
القضية الفلسطينية


سنوات كثيرة مضت على فضيحة الاسمنت-- والتي وكما يعرف شعبنا كله-- كان أبطالها شخصيات فلسطينية مرموقة، قاموا وعبر شركات مسجلة باسم أقاربهم، بتزويد بناة الجدار الإسرائيليين بالاسمنت، لتحقيق أرباح مالية خيالية.. مضت السنون ولم ينسى شعبنا تلك الفضيحة، ومازالت رائحتها تزكم الأنوف.. وثار الشعب حينها وهاج يطالب بفتح ملفات تلك القضية .. لكنها وكغيرها من قضايا الفساد إما أغلقت.. أو انه تم لفلفتها لتترك في قلوب المناضلين غصة، ولتضع في طريقهم عقبة كأداء، حيث تسببت بإحباط عدد من المناضلين.. وأكثر منهم من أصحاب الأراضي المتضررين من الجدار.. ولكن يبدو ان مسلسل الفضائح لم ولن ينتهي-- مادام المجرمون لم ينالوا عقابهم، الأمر الذي يشجعهم وغيرهم على الإقدام على جرائم اكبر واخطر.. ولكن هذه المرة مع اتخاذهم لاحتياطات أكثر-- وأولها ارتداء عباءة الوطنية، ورفع الشعارات المنمقة التي تحاكي هموم الناس.. وكما ان الجدار مازال قبلة لكل المناضلين من شتى الأطياف-- فانه أصبح اليوم أيضا جاذبا لأصحاب المشاريع المشبوهة، التي تخفي وراءها عار اكبر من عار فضيحة الاسمنت.. والحكاية اليوم تدور وتستهدف الأرض على جانبي الجدار.. وهدفها الرئيسي توجيه الضربة القاضية للنضال ضد الجدار-- بنزع ملكية الأرض من الفلاحين المجاورين له، والقضاء على البعد الشعبي لمقاومته..
أمر غريب يجري منذ شهور في مناطق الجدار.. محامون وسماسرة يجوبون القرى المحاذية للجدار-- وخصوصا تلك المجاورة للمعابر والبوابات الاحتلالية-- التي يقال أنها ستعتمد مستقبلا كمعابر دولية يتنقل عبرها التجار والعمال الفلسطينيين من وإلى إسرائيل.. رائحة نتنة تفوح من وراء حركة هؤلاء السماسرة والمحامين الأوغاد القادمين من رام الله ومن شتى المدن الفلسطينية الأخرى.. ومن بينهم أيضا من هم من داخل الخط الأخضر من إخواننا الفلسطينيين حملة الجنسية الإسرائيلية.. السرية تحيط بتحركاتهم والغموض يلف كل شي.. ولا احد ممن يقابلهم يعرف الحقيقة أو يعطيك جوابا شافيا عن ماذا يريد هؤلاء الغرباء الحاملين لحقائب السمسونايت والعقود الجاهزة وخرائط الأراضي.. تسال الناس فتسمع جملا غير مكتملة – دولارات وشركات وعقود بيع أراضي – تحاول ان تفهم أكثر فلا تنجح لان الجميع يقول لك ناصحا: لماذا تسال وماذا تريد ان تعرف..؟؟..
الخوف والقلق يملئان قلبي وأنا الذي لم اترك موقعا واحدا من مواقع الجدار إلا زرته، وشاركت بمسيرة للاحتجاج على إقامته، وكم تعرضت أنا ورفاقي المناضلين من شتى الأطياف، وأصدقاءنا الدوليين للخطر ونحن نحاول إيقافه.. ولم يدر بخلدنا ان هناك من بني جلدتنا من سيأتي يوما ليطعننا بالظهر، ويستغل مصائب أبناء شعبنا ليحقق أرباحا خيالية، ويكون جزء من مشروع يهدف لتأبيد الجدار، ويتعامل معه على انه أمر واقع سيبقى إلى الأبد كحدود لدولتنا المنشودة.. وينزع ملكية الفلاحين التاريخية للأرض، ويحولهم بعدها إلى عمال أجراء فاقدي الانتماء الحقيقي للأرض والدافع القوي للنضال من اجل عروبتها.. والأخطر من ذلك ان تحويل ملكية الأراضي في مناطق الجدار من الفلاحين وعموم الشعب إلى ملكية لشركات يعني إنهاء البعد الشعبي لمعركة مقاومة الجدار. أي أننا لن نستطيع مستقبلا إيجاد من يقف معنا في هذه المعركة المصيرية ضد الجدار، فليس هناك من يجد الدافع المباشر لمقاومته، كون الأرض ستصبح ملكية لشركات ورؤوس أموال، يقيم أصحابها في العواصم والمدن المترفة.. تذكرت ذلك وتذكرت ان من باع ارض فلسطين قبل النكبة الكبرى-- كانوا من الأغنياء ملاك الأراضي الكبار، الذين باعوها بالجملة-- ووفروا على الكيرن كيميت الإسرائيلية عناء مساومة كل فلاح مالك للأرض على حدة..
فأي مناطق صناعية يتحدث عنها هؤلاء المستثمرون والسماسرة..؟؟ ولماذا هي مناطق مشتركة مع الإسرائيليين وتقام على الجانب الفلسطيني من حدود عام 1967..؟؟ ولماذا صادرت إسرائيل مؤخرا مساحات جديدة من الأرض خلف الجدار.؟؟ وما المانع في هذه الحالة ان يتملك الإسرائيليون جزء من هذه الأرض..؟؟ وما الذي يمنع ان تكون هذه المصانع مصدر تلويث رهيب لبيئتنا-- كما هو حادث الآن في المصانع التي بدا الإسرائيليون بإقامتها في منطقة الجدار بمحاذاة قرية نزلة الشيخ زيد غربي بلدة يعبد-- حيث تنتشر الآن في قرية العرقة أمراض الربو على نحو كبير.. وتساءلت باستغراب لماذا سجلت بعض الشركات نفسها كشركات تقديم خدمات.. ولم يدفعون الأموال الطائلة ويقومون بإغراء الفلاحين..؟؟ ولماذا دخل على خط شراء الأراضي سماسرة ومحامون وشركات من داخل الخط الأخضر..؟؟ وبعد فحص وتحري وجمع للمعلومات تبين ان الشركات ستقدم الأرض للمستثمرين الفلسطينيين والإسرائيليين لإقامة مصانعهم عليها.. وان هذه المناطق هي بالنسبة لإسرائيل مناطق حدودية-- أي ان الجدار سيكرس كحدود دائمة-- وبما ان هذه المناطق الصناعية ستعتبر مناطق حدودية-- فلن تخضع لأية قوانين واضحة-- لا قوانين عمل ولا غيرها.. والمدهش حقا ان هذه المناطق وحسب مصادر إسرائيلية ستستوعب في العام 2008 ما يقدر بمائتي ألف عامل، وقد تم الاتفاق على ان يكون اجر العامل الفلسطيني فيها 120 شيقل يوميا-- يصل لجيب العامل الفلسطيني75 شيقل منها فقط، وتتلقى شركة الخدمات الفلسطينية أل 45 شيقل الأخرى، وبذلك يكون دخل هذه الشركة سنويا أكثر من نصف مليار دولار.. الأمر الذي يعني بناء طبقة من المستفيدين من الجدار-- تشكل ومنذ اليوم لوبيا ضاغطا على القيادة الفلسطينية لضمان مصالحها-- كحصولها على الإعفاءات الجمركية مثلا..!! وحزنت وأنا أرى شركات محترمة تجادل وهي تشتري أراض في تلك المناطق-- حتى تلك البعيدة عن البوابات لتقيم عليها مستودعات للمواد.. حزنت وأنا اسمعهم يغلفون عملياتهم القذرة بعبارات من مثل مصلحة الشعب وتطوير الاقتصاد.. ويتعاملون مع الجدار كأمر واقع يستسلمون له ويحاولوا استغلال وجوده لتحقيق مكاسب أنانية ضيقة، فيضيقوا بذلك الخناق على الحملة الشعبية لمقاومة الجدار-- التي تتواصل بشرف منذ سنين لتعميق الرفض الشعبي والرسمي للجدار، وحشد التأييد الدولي الداعم لنضالنا العادل في سبيل إزالة الجدار نهائيا من على أرضنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا