الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


Face

يوسف ليمود

2007 / 8 / 27
الادب والفن


أكنتَ بينهم راسما أم مرسوما ؟
وهل من فرق ؟ وهل يصور الراسم غير نفسه معكوسة في أنواتٍ متناثرة ؟ وهل رأى بوذا غير عين ذاته حين رأى في عين الطائر ؟

ترِقّ الأشياء في عينيك لأن ماءك يصفو وسماءَك , فترى الجسد جسدا . بللورةً مغسولة الغبار . كان ثمنٌ , وأمامك أقساط من موت يومي تدفعها - لبللورتك - لن تنتهي إلا به . وهل تأبه ؟ أنت الذي , مثلا , راقد من أربعة أيام على شفا قبر تقيئ الورم , بلعوما ً فاسدا . ثقبا اخترمته تحويلة غير بارعة على آلة وجود غير منضبطة . شهادة بياض هو . جواز عبورك في التراب . لكن , رغم الهشاشة خرجت لجلب التبغ والعصير , بل لتري شجر الشارع حديقة إلهية , والضوء َ , وبقايا عائدين إلى مآويهم . مشيت تلفك نسمة كمرمر حول فراغ تمثال . حملتك الخفة إلى نخلة الطفولة , كانت تفرح أن تتسلقها كسنجاب لطيف بعد عراكٍ أو هروب منزلي . جريدها مائلا كان على شفا أبنيةِ مدفونين منخورة ٍ , وكانت شمسٌ , دائما أعمق اصفرارا من صفحة ذهب . رجعتَ إلى وجوهك التي اختمرت فيك . نبشتها من تربة وُلدتَ لكن ليس فيها تموت . فكرة ً وصلت إليها , بل مخاضا , تلك التي سحرها فعّال لم يزل على ألف ٍ غابرة . ما يشدك إليها ؟ ليس لأن وجهك واحدها . تحسها ذاكرة ً أبعد في سديم كيانك . تموج في حلمك المنسوج من رفات قيامة . في رقدتك , أخرجتـَها من صناديق لوثتها التعاويذ واللفائف . وهبتها أنت صناديق مفرّغة إلا من جماليات معاصرة , جمالياتك أنت , مقاييس مدارك : لهذا شريط تراب أو صفحة زَنك . لذاك هرم من مسحوق الألترامارين . لآخر في الصدر عامود نيون , أصفر | أحمر | بنفسجي , كانتشال ِ مدار ٍ من زمن . هل لضوءٍ أسود أن يوجد أو يوهب لحشد منهم ؟ وتنزلق إلى دور السارد , تزوج من تريد بمن ترى تليق . لكن لن تميت وتقتل كما الساردون بضحاياهم . هم متشبعون بموت عتيق , كجـِرار نبيذ إغريقية في قبو تحت مدينة غافلة . بالأحرى العكس , إنك تحييهم بخميرة البصيرة فتسرد بعجين البصر موت المتفرجين وأنت . بهلوان أنت إذن في خيمة المادة . سوف تنصب ألواحهم في حقل بري كحقول صلبان متموجة على صحراء مخلفات حرب , أو تكوّم خشباتهم في دائرة تستقطبها صالة عرض أو متحف لن تدور حولها أنت . ستكون مفقودا , غائبا حاضرا . وغبش النيون أو الفراغ أو المسحوق أو شاشات الضوء استفهاما تكون .. وعن العنصر المفقود .

تطبع البقعة على فوتوغرافيا مضخمة (صورة لصورة تصور وجها) . تستنسخ ملامحهم بأيدي دهّانين كي توظف الزيف في الحقيقة (زيفا لزيف يقول حقيقة) كبراعة الإله في ثنائياته العريقة . توصل أسلاك قراهم الغارقة بكهرباء عولمة طافحة . تقلم أظافرهم الوهمية استطالت في القرون وتقص . تلصق وتقص . الشعور والذقون وحبات اللؤلؤ والعقود ونظرة الأسى المصرية المصيرية . تفرد اللفائف أشرطة ً , تحوّل التعاويذ مساحات ٍ وأنت مساحة للتشكّل , أسى النظرة إلى رَخامة التصرّف في المادة , ثقل َ الوجود المطل بأعينه الواسعة أجنحة ً أولية لزغب الشكل . وصولٌ إلى صفر الزوائد . صناعة الصمت تسبقها الثرثرة , والصمت ليس سهلا .

الآن تدخل حاسوبك امرأةُ أحبتك وتزال : “أقبّل إنسانك , أشرب ماءك , أتلاشى ذراتٍ في جسدك , أتبدد في رائحتك , أكون أنت وتكونني …” . ترى وجهها واحِدهم . لم يُرسم بعد . رسمتـَه ربما الآن بسطر . سليلة تربتهم هي كما أنت المبتور .. والأعراق يختلط طميها في نهر السلالات مسحوبا في بلعوم القرون .
……………….
استهلال لنص يتماس ويتزامن مع مشروع تشكيلي عن وجوه الفيوم
Youssef Limoud
رابط لمادة سابقة عن الموضوع :
http://www.doroob.com/?p=9869








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين


.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض




.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن