الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع الحزب الشيوعي مشروع ضد ثالوث الدمار

صادق البلادي

2007 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


عندما عزم بوش وادارته من المحافظين الجدد على غزو العراق بذريعة تطبيق قرارات الامم المتحدة بازالة اسلحة الدمار الشامل كان الحزب الشيوعي العراقي قد تبنى موقف مناهضة شن الحرب على العراق بتلك بذريعة ، وبقي علىهذا الموقف ، ولم يلهث وراء قطاره حتى بعد أن صار أمرا واقعا و تم انهيارنظام البعث .وأيد الحزب حملة العالمية " لا للحرب لا للدكتاتورية ". وكان الموقف ينطلق من تقديرللعواقب التي ستؤدي الى تدمير ما بقي من العراق نتيجة سياسة البعث الفاشية طيلة أربعين عاما بما فيها من حروب داخلية واقليمية ، ومجزرة حلبجة والانفال والمقابر الجماعية ، وسنوات الحصار الذي صار سلاح ابادة جماعية ،و استخدامه الى جانب اليورانيوم المنضب المشبعة به أرض الجنوب خاصة.، وأكمال ما تركه النظام الفاشي من تدميرومسخ نفسية الفرد العراقي ، وتسطيح وعيه أيما تسطيح.وأن الحرب
ليست هي السبيل لإقامة البديل الوطني الديمقراطي.

لقد كان الحزب الشيوعي في السابق يتميز بكونه المبادرو السباق في طرح البرامج والحلول لقضايا العراق الستراتيجية
والآنية ، ومن ثم نشرها وغلغتها في صفوف الجماهير، حتى تستحوذ على عقول الجماهير وعواطفها فتتحول الى قوة مادية تزيح العوائق من أمامها فتحقق خطوة في مسيرة الشعب نحو غد أفضل ، حيث الوطن الحر والشعب السعيد. فكانت
الوثبات والانتفاضات وثورة 14 تموز، والاضرابات و التضاهرات العمالية والطلابية. غير أنه الآن لم يعد يمارس هذا الدور الريادي ، وصدور المشروع الآن فقط ، مصداق لما نزعمه.

وإذ يشير المشروع الى بعض الخطوات الهامة التي تحققت خلال العملية السياسية ، في مقدمتها اقرار الدستور في استفتاء عام ، وانبثاق المؤسسات الدستورية وقيام الحكم المنتخب ، يشيرالى المأزق الخطير الذي وصلت اليه العملية السياسية ، التي أفضت بها نتائج الانتخابات ليكون أساس الحكم قائما على نهج ونظام المحاصصات، والطائفية خاصة ، بدل أن يرتكز على الوحدة الوطنية و التوافقات الوطنية التي تقتضيها ظروف انهيار الدولة بسبب الاحتلال . وان تعزيزوتثبيت مثل هذه الوحدة الوطنية يتطلب "تأكيد روح المواطنة ، والتصدي للطائفية ووضع حد لنهج المحاصصة في الحكم وفي مؤسسات الدولة ، ونبذ توظيف الدين لاغراض سياسية وإبقائه في منأى عن التنافس والصراع السياسيين ، ونبذ أشكال التعصب الديني والمذهبي والقومي والعشائري والمناطقي جميعا." ( الفقرة الرابعة من الأهداف )، و" اتخاذ اجراءات جدية وحازمة لتطهير الاجهزة الامنية والعسكرية من الاختراقات والعناصر المسيئة والفاسدة وتكثيف الجهود لاعادة بنائها على اسس مهنية وباعتماد مبدأ المواطنة والولاء للوطن الى جانب الكفاءة والنزاهة ، وتمكين هذه القوات من ممارسة دورها وانجاز مهماتها بفاعلية ، عبر مراجعة الاتفاقية الامنية مع القوات متعددة الجنسية ، وتأمين تحسين تدريبها وتسليحها وتجهيزها." ( الفقرة الرابعة من منظومة الاجراءات الواجب اتخاذها لتحقيق الآهداف ) ، وينطبق هذا على جميع أجهزة
الدولة ومؤسساتها بالطبع.


وانطلاقا من البرنامج الذي تمسك بالاسترشاد بالفكر الماركسي وسائر التراث الاشتراكي وضع المشروع أمامه انجاز مهمات مرحلة التحرر الوطني المتشابكة في ذات الوقت "، مع عمليات القضاء على مخلفات ومرتكزات الدكتاتورية ، وبناء الدولة العراقية على اسس دستورية ديمقراطية اتحادية ، وإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي . وتتداخل جميع هذه العناصر، إضافة إلى العوامل الخارجية ، لتضفي على الأوضاع صعوبة استثنائية ". وبتحديد المرحلة يتحدد التناقض
الآساسي في الصراع ، الذي يضع على رأس المهمات مهمة "استعادة السيادة الوطنية الكاملة ، والتخلص من تركة الاحتلال بجوانبها المختلفة " وما تتطلبه من " الإسراع في تهيئة مستلزمات إنهاء الوجود العسكري الأجنبي، باستكمال بناء القوات المسلحة وأجهزة الأمن وحفظ النظام، ووضع جدول زمني لانجاز هذه المهمة" ( فقرة 2 ).الى تشخيص الهدف الهام في هذا الصراع اقتصاديا ألا وهو "وحماية الثروات الوطنية ، لا سيما النفطية، والاعتماد أساساً على الاستثمار الوطني المباشر في استغلالها وادارتها "( فقرة 8 ) .

إن التمعن بهذا التشخيص الدقيق للمرحلة ومهماتها تبين كم هم على غير حق أولئك الذين يتهمون الحزب بالتخلي عن مهمة الوقوف ضد الآحتلال ، وتخليه عن الشيوعية. نعم ثمة تحول هناك في الخطاب ، لكنه تحول تقتضيه مجمل ظروف متعددة ، ولا ينم عن تغير في الموقف والمنهج.إضافة الى أن هذا الخطاب كثيرا ما يجري التعبير عنه بصوت خفيض ، بل خافت أحيانا ، قد يكون سببه أحيانا الغرق في وهم " أن شعبنا ليس يقرأ ما بين السطورفقط ، بل يقرأ حتى الممحي وما قد
يدور في الآذهان" ، وهذا نقص كبير ، خاصة في وقت الفضائيات والانتيرنيت. وليت الحريصون على تحقيق بديل ديمقراطي ، الذين لا بد أنهم مدركون أن هذا يتطلب تقوية تيار اليسارالديمقراطي يعيدون النظر في مواقفهم تجاه الحزب الشيوعي ، دون أن يعني ذلك التوقف عن توجيه ما لديهم من النقد لسياسات الحزب، ومؤآخذات على مواقفه ، فليس لليساري سلاح أمضى من سلاح النقد.

ومع تشخيص المرحلة وهدفها الرئيسي يبقى " ضمان الأمن والاستقرار ، ودحر قوى التخريب والارهاب ، واعادة الحياة الطبيعية الى البلاد." الهدف الأول ، إذ لا هدف يعلو فوق حق الانسان في الحياة ، وبكرامة. ولتحقيق هذا الهدف لا بد أيضا من "الانهاء السريع للميليشيات وإزالة بنيتها ، وحصر السلاح بيد الدولة واجهزتها ".( الفقرة 3 من الاجراءات ).
وكان الحزب قد شخص من قبل أن الفساد والإرهاب هما وجهان لعملة واحدة. ولذا فليس من المستغرب أن يطالب بــ :
"محاربة الفساد المالي والاداري على جميع المستويات ، ودعم الهيئات الرقابية المتخصصة في هذا الميدان ، وتطوير الآليات والتشريعات التي تحمي المال العام. " ( فقرة 7 من الاجراءات ).

و هكذا فإن الحزب يشخص بصواب تلازم الإحتلال والارهاب والفساد كثالوث الدمار في لعراق ، للتغلب عله ينبغي تعبئة القوى اللازمة لإنقاذ اللوطن من التفكك والدمار، كي لا تسقط المنطقة و العالم في حروب لا نهاية لها. وتعبئة القوى ليس على أساس المحاصصة التي أثبتت فشلها ، بل بالعكس بــ "وضع حد لنهجها في الحكم وفي مؤسسات الدولة ، وبنبذ توظيف الدين لاغراض سياسية وإبقائه في منأى عن التنافس والصراع السياسيين ، وبنبذ أشكال التعصب الديني والمذهبي والقومي والعشائري والمناطقي جميعا" ، بل على أساس " تجميع وتوحيد القوى الوطنية العراقية ، ذات المصلحة الحقيقية في إقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد المزدهر." لــ "بناء نواة صلبة لتحالف سياسي - اجتماعي يؤمـّن لها سنداً ثابتاً ، ويحفظ وجهتها ويجتذب اليها ما يوسع قاعدتها من القوى الجديدة ".إن الحزب يرى إقامة جبهة
وطنية على أساس تحالف سياسي- اجتماعي ، وليس فقط من أجل الوصول الى أغلبية برلمانية ، حتى وإن كانت منطلقات مكوناتها متنقاضة.

وفي هذا المشروع أيضا ما يؤكد ويكشف عن ادراك كون النضال في العراق ضد ثالوث الدمار هو جزء من النضال العربي و الاقليمي والعالمي ، و يتجسدهذا الموقف في الدعوة لــ "العمل من اجل ان يستعيد العراق موقعه الطبيعي في اطار الاسرة الدولية ، وان يكون عضوا وشريكا فعالا فيها . والسعي الى ضمان التأييد العربي والاقليمي والدولي لشعبنا في توجهه لبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد. "

والملا حظ مع الأسف أن المشروع إذ يدعو الى تكثبف الأهتمام بالمهجرين والمهاجرين ممن ارغموا على ترك سكناهم جراء الارهاب وأعمال العنف الطائفي، وتقديم المساعدات والتعويضات التي تؤمن لهن العيش الكريم، وتمكينهم من العودة الى اماكن سكناهم الاصلية بعد توفير كل مقومات الامن والامان من قبل الدولة واجهزتها ،وهذه مهمة آنية لا تتحمل حقا الإبطاء والتأجيل ، إلا أن المشروع لا يشير بتاتا الى ملايين العراقيين في المنافي المختلفة ومأسيهم وضرورة العمل على حماية حقوقهم حيث يقيمون ، وضمان ما لهم من حقوق كمواطنين عراقيين يعيشون محرومين من وطنهم.

إن العمل من أجل إنجاح هذا المشروع يتطلب فعلاا ما ثبته من ضرورة : " التوجه نحو جماهير شعبنا العراقي ومنظماتها، وأطرها المختلفة، ومنها : النقابات العمالية والاتحادات والجمعيات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والاطر الشعبية والجماهيرية المختلفة، باعتبارها صاحبة المصلحة الرئيسية في تحقيق اهداف المشروع الوطني الديمقراطي، والعمل على تجميع هذه القوى، في تيار شعبي واسع داعم للمشروع." ( الفقرة 9 من الإجراءات )، إضافة طبعا الى العراقيين في المنافي و المهاجر. وهذا يتطلب جهود المثقفين بشكل خاص ، مساهمة منهم كذلك في تحقيق ما دعا اليه المشروع
الوطني الديمقراطي حول:" رعاية الثقافة والفنون وتأمين تفتحهما وانتشارهما ، ونبذ اي محاوله لتقييد الفكر والابداع وتهميش المثقفين والمبدعين ، وتهيئة مستلزمات اقامة مشروع ثقافي وطني انساني النزعة وديمقراطي المحتوى يسهم في اعادة البناء و ترسيخ القيم الروحية الوطنية النبيلة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق