الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعراء لا يصلحون للسياسة ، سعدي يوسف و البهرزي نموذجا

محمد العبدلي

2007 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ليس الأمر بجديد ، بالرغم من انه ملتبس ، فالشيوعيون اطاحوا بسعدي يوسف من عرش الشعر بسبب قصر نظره السياسي رغم إن قصر نظرهم السياسي هم انفسهم لا يجارى احيانا ، و لكنهم هذه المرة على الأقل محقون . و لكن لِمَ الاطاحة به من عرش الشعر ؟ الشعر شيء و السياسة شيء آخر ، الا اذا كانوا يرون و هذا هو الغالب لديهم ! ، إن الشعر الذي لا يخدم القضية ليس شعرا ، أليس لينين من كتب عن حزبية الأدب . و لكن الأمر ليس بجديد فالشاعر الجيد ليس بسياسي جيد في كل الاحوال الا اذا شاءوا خلاف ذلك و غلبوا الخطاب السياسي على الخطاب الشعري مهملين ان هذا و ذاك لا يتوافقان . بل أنه من البديهي في كل الأحوال على الأقل أن يطيح الشيوعيون بالشعراء الذين توجوهم هم على عرش الشعر بدون أن تكون لديهم اية شاعرية ، الذين توجوهم على قمة الشعر بسبب ميولهم السياسية و مجاراتهم لما يفكر به الحزب .
على أن سعدي ليس واحدا من هؤلاء . فسعدي يوسف شاعر كبير سواء اتفقنا ام اختلفنا في انه لا يفقه في السياسة شيئا . و اذا ما أردنا مثالا على شاعر صنعه الشيوعيون و هو ليس بشاعر فإنه المرحوم محمد صالح بحر العلوم الذي لم يكن شاعرا ابدا حتى للحظة واحدة ، لقد أطاح المرحوم بنفسه قبل ان يطاح به من قبل حزب ما حين بات لا يكتب الا هراء ، و كان قبل ذلك لا يكتب الا هراء مخففا . أما تصنيع الشعراء من قبل البعض فحدث عنه و لا حرج ، حيث العديد من الشعراء الصغار يتم تصنيعهم هذه الايام لردم الفجوة الناتجة عن زوغان الشعراء الحقيقيين عن الخط ما يجعلك توافق الشعراء الكبار اذا ما تذكروا ما قاله المتنبي :
أفي كل يوم تحت ضبني شويعر
ضعيف يقاويني قصير يطاول
لكن مثالنا اليوم ليس له علاقة ببيت المتنبي هذا . فالشاعر ابراهيم البهرزي الذي تعرفت على شعره من خلال مقالات منشورة عنه في العديد من المواقع احدها في الحوار المتمدن قبل فترة قصيرة هو شاعر ممتاز كما أرى ، و لكنه كما أرى ايضا كزميله لا يفقه في السياسة ، و ربما في التاريخ أيضا .
فعدا انه يدعو الى المقاومة و الانتفاضة المسلحة ضد الأمريكان و يستخف بدماء الشعب العراقي ، وهو كشاعر لا ينبغي له أن يدعو الى اراقة الدماء التي شبع منها الشعب العراقي ، فإنه لا يجيب على السؤال التالي ولن يجيب عليه : من يقود الشعب العراقي في انتفاضته التي تدعوه اليها ؟ و ما هي اهدافها ؟ طرد المحتل ؟ حسنا و ماذا بعد ذلك ؟
و هو في مقاله المنشور في الحوار المتمدن بعنوان " ايها الشعب القتيل ,ماذا ستخسر بعد؟فاما عصيان مدني شامل ,او ثورة شعبية مسلحة ضد الاحتلال وادواته المحلية " يتساءل " اسمعتم عن بلد منحته امريكا نسمة من سلام او طابوقة لبناء او نعمة؟ "
نعم سمعنا ! اليابان و كوريا الجنوبية و ألمانيا ما بعد الحرب ! فليس ثمة بين الدول التابعة للمنظمة الاشتراكية و دول التحرر الوطني من وصل إلى ما وصلت اليه هذه الدول من اعمار و نظام سياسي مستقر ، فاليابان هي الدولة الثانية في العالم صناعيا و ألمانيا هي الدولة الثالثة و واحدةٌ من هذه الدول يعادل انتاجها القومي انتاج كل الدول العربية و الاسلامية مجتمعة بما في الثروة النفطية التي هي هبة طبيعية .
إذن سيكون جوابنا بما أننا قرأنا التاريخ: نعم سمعنا . و ليست صياغتك للسؤال سوى صيغة تحريضية شعرية تصلح لقصيدة و لكنها لا تصلح للوصول الى نتيجة علمية .
فهل هذه الدول عميلة لأمريكا كما سيرد علي البعض حتما ؟ ليس صحيحا أيضا ، أنها دول مستقلة بمعني الكلمة كما تؤكد الكثير من الشواهد فقد عارضت المانيا و اليابان الكثير من السياسات الخارجية للولايات المتحدة ليس آخرها موقف المستشار الألماني السابق المعارض للحرب ضد العراق ، رغم ان امريكا حررت المانيا في الحرب و دعمتها في إعادة البناء .
إن السيد البهرزي لم يبق من اليسار إلا على اسوأ أجزائه أي" الكراهية " الأزلية للولايات المتحدة التي هي ، مثل صنوها العقائدي و الديني " الحب " بعيدان كل البعد عن التفكير السياسي .
ليعطيني السيد البهرزي مثالا واحدا يجاري كوريا الجنوبية في التأسيس لنظام اقتصادي وسياسي كفؤ ؟ من ؟ فيتنام التي تعتمد سياسة الحزب الواحد ؟ فيتنام التي تبرع لها العراق المحاصر في التسعينات بحصته من الرز حين غمرت اراضيه الفيضانات ؟ ام كوريا الشمالية الذي يستعمل قادتها البرنامج النووي لإبتزاز المجتمع الدولي من أجل الحصول على الغذاء و الطاقة ؟ أليس شعبها هو الذي يعيش غريبا عن العالم و الذي يمنع السفر منه و إليه و الذي تحول إلى مجتمع مغلق لا يجرؤ احد على رؤيته او التفكير بزيارته ؟
أم تراها كوبا التي يحكم فيها الرفيق فيدل اكثر من ثلاثين عاما ليخلفه اخوه بعد أن عجز الشعب الكوبي و الحزب الشيوعي العريق الذي قارع باتستا من أن ينجب قائدا واحدا عدا الأخوين كاسترو؟
إن الوقائع ضدك .
و مقالك ليس سوى بلاغة تحريضية تسترخص دماء الناس .
واذا ما أتفقنا معك ان الحكومة والحركة السياسية العراقية تعاني من العجز و الفساد و التحلل وهي اسوأ نخبة سياسية في تاريخ العراق الحديث ، فليس الحل أن يقوم الناس مرة اخرى بحمل السلاح بعد أن حملوه لعقود .
انما الحل بالتبشير بسياسة سلم اجتماعي على غرار جنوب افريقيا او الهند في زمن غاندي ، وفي الفضح الفكري و السياسي لحكومة المحاصصة و الأحزاب التي تدعمها .
و لا أضنك ترى ان نكون كما تألم لنا سعدي يوسف :
فوق الأسوار ولدنا
و على الأسوار نموت
لم نعرف في بابل
غير القتل لأجل القوت
انت شاعر سيدي ! ادعو الى السلام و ليس الى توريط اولاد " الخايبة "
انت شاعر ، سيدي ، فلتدعُ و تحرض على مثال غاندي و مانديلا !
محمد العبدلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟