الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا ً رائحة ُ المسك , وداعا ً عزيز عبد الصاحب

رياض سبتي

2007 / 8 / 29
الادب والفن



.......... ومهما يكن,فان الحياة الحافلة بالابداع المسرحي , تاليفا ,اخراجا وتمثيلا او الابداع الشعري المتمثل بديوانه الشعري الوحيد ( صحبة ليل طويل ) هذه الحياة المليئة بهذا الكنز الكتابي المعرفي والجهد الفني الثري و النقي على مدى اكثر من خمسين عاما تجعلنا نقف بخشوع وباجلال كبيرين لمسيرة رائعة وفاعلة وصادقة للرائد المسرحي الكبير الشيخ عزيز عبد الصاحب , تجربة كانت بداياتها تاسيس مسرح في مدينة الشطرة من خلال تقديمه لمسرحيتي ( فلوس الدوا ) و ( ست دراهم ) للفنان يوسف العاني .بعد ان نضجت هويته المسرحية في الناصرية من خلال تقديمه العديد من الاعمال المسرحية منها مسرحية ( الملاح البائس ) للفرنسي جون كوكتو التي قدمها مع رفيق دربه الاستاذ الشيخ عبد الرزاق سكر في عام 1956

ولد في بيت ( آل ملا عمران ) في محلة السيف بالناصرية ودرس في مدرسة الفيصيلية الابتدائية , قدم الى العاصمة ليكون طالبا في معهد الفنون الجميلة وتشاء الصدف ان يكون صديقه الفنان محسن العزاوي هو اول من يخرج مسرحية من تاليفه (زنزانة رقم 17 ) في عام 1959 وهو ايضا الاخير عندما اخرج مسرحية ( قد يحدث لك هذا ) .

اسس مع المرحوم حقي الشبلي الفرقة القومية للتمثيل وقدم معها اول عمل مسرحي في ايار من عام 1968 .
خلال الحرب العراقية الايرانية عاد الفنان عزيز عبد الصاحب الى مدينة الناصرية موفدا من قبل الفرقة القومية للتمثيل ليقوم باخراج مسرحية ( رائحة المسك ) كان ذلك في عام 1983 في ذلك العام تعرفت عليه عن قرب لانني كنت واحد من الممثلين الرئيسيين في المسرحية الى جانب اخيه الراحل الفنان عدنان عبد الصاحب والفنان علي بصيص, وكنت ما ازال في بداية العشرينات من عمري وتجربتي المسرحية في فن التمثيل تجربة فقيرة قياسا الى تلك التجربة الكبيرة التي يملكها , لكنه اشتغل معنا بجهد وتعب كبيرين وكانه اسس لمدرسة تمثيل صغيرة من خلال التمارين اليومية التي كنا نجريها على المسرحية ,
استمرت التمارين لمدة اكثر من شهرين عرفنا فيها عزيز عبد الصاحب الرجل الصوفي الملتزم والفنان المتواضع الذي يتعامل مع ابسط الممثلين وكانه بسيط مثلهم , زرع فينا الثقة بالنفس ,
اسس فينا احترام خشبة المسرح وعلمنا الجدية والنزاهة في التعامل فيما بيننا , علمنا ان لا نرتجل حواراتنا على المسرح ويعزي ذلك الى ان الممثل حينما يرتجل لا يحترم دوره كممثل وايضا لا يحترم اقرانه من الممثلين والعاملين في المسرحية ككل بما ذلك المخرج ومؤلف المسرحية ويصف ذلك بالغباء الذي لا يطيقه , لقد علمنا فن التمثيل الحقيقي, كان صديقا للكل بغض النظر عن اعمارنا الشابة, متواضع جدا ومثقف كبير ومؤمن حد الصوفية التي ينسب نفسه اليها ,كان جادا ومخلصا في اخراجه لذلك العمل لدرجة انه وضع جهده وخبرته الطويلة من اجل ان يظهر العمل بالمستوى الذي يليق بعزيز عبد الصاحب واصدقائه الشباب, فهو يرى من خلال ذلك ضرورة واهمية المسرح لما يحمله من افكار فلسفية جديرة بان تمارس دورها في المجتمع وتقديم تلك الافكار بجدية بعيدا عن تسفيه عقول الجمهور .
كان دائما يقول :
احب العزلة ولا اريد ان اصطدم بالناس , فالغباء يضايقني وخصوصا اولئك الاغبياء المحظوظين الذين سلطت عليهم الاضواء وهم اقل من ذلك ,
يحب الشعر جدا وقد قرا لي مقاطع من ديوانه الوحيد في زيارتي الاخيرة الى مدينة الناصرية عندما التقيته في مقهى الناصرية في شارع النيل واخبرني ان مسرحية الشاعر والكلاب مستوحاة من هذا الديوان وهي عن الشاعرين الكرديي الاصل خالد الامين وقيس لفته مراد الذي توفي بمرض السرطان بينما الطاغية اعدم الاول في السجن ( ماساتهما تبكيني بسبب ماجرى لهم من الطاغية الجبان ).
ما زلت اتذكر صوته الجميل عندما كان يغني الموالات في اوقات الاستراحة وطلبه منا ان نغني لبعضنا لازالة الاحراج والتكيف فيما بيننا للاستعداد لاداء تمارين رائحة المسك .

لقد فقدت مدينة الناصرية علم اخر من اعلامها في الادب والفن ,وهو الذي لم تستمر فرحته بتكريمه في يوم المسرح العالمي الماضي من قبل المؤسسة العامة للسينما والمسرح , وكعادتها لبست المدينة ثوب السواد مرة اخرى لتعلن الحداد هذه المرة على شيخها الكبير وامسكت بيدها غصن شجيرة ( الهيل ) الذي دخل علينا ا لراحل ذات مرة ممسكا به الى قاعة التمرين وسط دهشة الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا