الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضربة موجعة

ثائر سالم

2007 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


تلقت عقيدة الاعتماد على القوة العسكرية والترهيب بها ، كاداة اساسية للابتزاز السياسي والاقتصادي للدول ووسيلة بلوغ اهدافها ، هزيمة مخزية . ولم تعد بها وعبرها فقط ، قادرة على ان تفرض المشروع الذي تريد. ان اوضح مظاهر فشلها السياسي في العراق، تتجلى في كونها باتت اليوم مضطرة ، الى اشراك ، ومحاولة استرضاء ، قوى عراقية ودول جوار، سبق ان اعتبرتها من "دول الشر" ورفضت اشراكها او الدخول معها باي تفاوض.

حتى الان لم تكشف المعارضة الحزبية الامريكية ، جمهورية ام ديموقراطية، عن خيار استراتيجي آخر لها في العراق ، قدر ما كشفت عن قلق من تصاعد الراي العام الامريكي المعارض والمشكك بجدوى هذه الحرب وامكانية الانتصار فيها.
اتساع قاعدة المعارضة الحزبية والشعبية المطالبة بالانسحاب، التدريجي او الفوري، ، داخل الولايات المتحدة ذاتها ، وانضمام قيادات هامة من " حزب الرئيس " واعضاء الكونغرس اليها، تعبير عن القلق الذي ينتاب الحزبين المتنافسين على مستقبلهما الانتخابي وموقف الشعب الامريكي منهما ، اذا ما استمر الفشل يلاحق كل الصيغ التي جربتها السياسة الامريكية ، وهو الاحتمال الارجح ، حتى الان، وتواصل انحدارها السريع نحو هزيمة كبرى كهزيمة فيتنام ، ان لم تكن الاسوأ.
فتوجه السياسة الامريكية ، الى علاقة جديدة مع هذا الخارج، ومدى اشراكه او الحاجة الى اشتراكه، في حل المشكل العراقي، قد بدا مع فشل كل الاشكال والصيغ التي جربتها لادارة العراق. فلا ( الحكم العسكري) لغارنر، ولا الادارة المؤقتة لبريمر ولا تحويل التحرير الى احتلال ، ولا تجربة المحاصصة والطائفية في مجلس الحكم، ولا مسرحية نقل السيادة وتحول قوات الاحتلال الى قوات حليفة او صديقة، او الى قوات متعددة الجنسيات..... كان بامكانها جميعا او اي منها ايقاف هذا التدهور المتسارع للوضع ، وتفاقم مؤشرات الفشل ، وارتفاع عدد ضحايا هذه الحرب.

ففي ظل يافطة الديموقراطية والفيدرالية، تم تحطيم الدولة ومؤسساتها واواصر المواطنة ، وترك المجال للميليشيات لان تحل محل الدولة ، وان تتسع وتفرض نفسها على حياة الناس ، ولكن حتى الامل الامريكي في ان تحسم الامور لصالح طرف واحد، يمكن التعامل معه فيما بعد ، ل في ايقاف عجلة الانحدار السريع نحو الاسوأ. ولم يتمكن قرار اعادة البعثيين وبعض منتسبي الجيش وقادته السابقين من تغيير الا وضاع ، مثلما لم يتمكن قرار حل الجيش، وسياسة اجتثاث البعث التي اتبعت ، من تحقيق الامال والوعود الامريكية.
وفشل كل هذه الصيغ اكد ان العودة الى سياسة دعم الدولة وسيادتها ، ودعم فرض القانون والتاكيد على دولة المواطنة، ربما يكون اقصر السبل لبلوغ النجاح الذي وعدت به شعبها والعالم ، او تحقيق اهدافها المعلنة وغير المعلنة، والتي تواضعت مضطرة بسبب معطيات الفشل التي تتعزز يوميا. حتى في اضعف وافقر بقاع ودول العالم، اذا ما توفرت ارادة مواجهة الاعتداء و شجاعة الدفاع عن الحقوق والاستفادة من تجارب الامس القريب، التجارب المعاصرة للاخر، الجار او البعيد ، الصغير او الكبير ، المتطور المستقر او المنهك المعدم.ا
ومع ذلك لازالت الولايات المتحدة ترى ، ان كل الخيارات المتاحة امامها، والتهديدات والخسائر التي تتكبدها ، حتى الان ، لاتشكل على مايبدو، تهديدا استراتيجيا لمشروعها في العراق والمنطقة . وهي كانت ولازالت ، غير معنية، بآثار سياستها واضرارها، او بمدى مصداقية سياستها ومقبوليتها ، في المنطقة والعالم، مابقيت تلك السياسات ، بعيدة عن مستوى الفعل المؤثر او المهدد الحقيقي لها. سياسة لا تتحالف ولاتصادق الا ذاتها ومصلحتها. حلفائها واصدقائها هم اصدقاء وحلفاء اليوم فقط. اما الغد فهو رهين التحديات والتغيرات التي لا تستطيع حسمها او منعها. وربما هو امر لم تعتد فعله او التفكير به ، بحكم شعور القوة والغرور، الذي خلقته قوتها العسكرية وسيطرتها على السياسة الدولية.

ورغم ان اغلب ساستنا وقادة دولنا سيقولون ، هكذا كانت السياسة وستبقى تنطلق وتنتهي بالمصلحة والقوة ، وهو امر تفعله جميع الدول . ولااظن ان احدا من عامة الناس، اللذين يمنعهم ركضهم وراء لقمة العيش، من ايجاد الوقت للاهتمام بالسياسة واحكامها، سيختلف معهم في هذا. بل ان ذات السادة الساسة والقادة ، لن يترددوا او يشعروا بالحرج ، وهم يحدثوننا عن واقعية وحتمية هذا، من وحي تجربتهم الطويلة في الحكم والسياسة.

ترى اهو سوء حظ شعوبنا وضعف بصيرتها؟ مستوى جهلها ام هشاشة وهزالة ارادتها؟ ؟ ام هو جبن وجهل قادتها ولا مسؤليتهم . ام انها كل هذه وتلك. واملا في اضعاف جبهة القوى المعارضة لاحتلالها العراق، الذي عارضه وحذر منه اغلب دول وعقلاء العالم.
ولاجل تخفيف ضغط القوى العراقية المقاومة للاحتلال ،السياسي والعسكري ،قامت بتحييد اطراف كانت ولازال البعض منها ، ذات اجندات تتقدم فيها اجندتها وهوياتها، على الهوية الوطنية ـ بالمعنى الحقوقي للكلمة ـ، واستثمارها كقوى تعبئة سياسية وعسكرية، في حربها ضد الارهاب ، التي هي ذاتها من استجلبتها الى الساحة العراقية ، كي تكون ساحة الحرب ووقودها.
حربا يخوضها شعب منهك مدمر تتناهشه كل قوى الجريمة والسرقة ، ولااخلاقية السياسات المتصارعة ، مهما كانت مشروعية اهدافها الوطنية او الخاصة. نعم انها السياسة! التي لايمكنها النجاح باولويات اخلاقية، ولكنها لا يجب ان تبلغ هذا المستوى الوحشي والهمجي في الجريمة والعنف والاستهتار بحياة شعب ومستقبل بلد.


فالولايات المتحدة لا تمتلك اليوم، رؤية واضحة لمستقبلها في العراق او لمستقبل العراق ذاته. وهي اليوم ابعد ما تكون عن النجاح او التعلق باوهامه. وان كل يوم يمر على بقائها، يعزز القناعة بحتمية الفشل، وخطأ قرار الحرب وآثاره على دول المنطقة الصديقة منها والمعادية. وان النجاح العسكري فيها، بات مستحيلا، مهما ارتفعت اثمانه الباهضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة