الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادئ الوطنية لاتفاق القوى السياسية واليات العمل

طالب الوحيلي

2007 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن وثيقة الاتفاق التي احتوت المبادئ الوطنية لاتفاق القوى السياسية الاربعة مجرد اجراء تكتيكي او رد فعل آني لمنعطفات العملية السياسية واستحقاقات المرحلة ،إنما جاءت كنتيجة منطقية لحوارات سابقة تناغمت مع العلاقات التاريخية بين التيارات السياسية الأربعة ،والتي حملت عبء الصراع مع النظام البائد طيلة حكم الطاغية صدام وأسست للقواعد والخطوط العريضة لإسقاط ذلك النظام عبر سلسلة متواصلة من الجهاد والتضحيات الميدانية التي وجدت لها محلها في الصميم الشعبي العراقي ، فضلا عن حراكها الموضوعي في المحيط الدولي وتمكنها من عزل ذلك النظام وتعرية حقيقته، ليكون ممهدا لسقوطه ،ولذلك دلالاته العميقة في الالتفاف الجماهيري حول تلك الكيانات السياسية، حيث تبلور الى حسم كبير في نتائج الانتخابات وفي الفرز الطبيعي للقوى الممثلة للشعب العراقي الذي منح الشرعية الدستورية للعملية السياسية دون أي ريب او شك ،الا ما عشش في أدمغة البعض ممن عرف الشعب العراقي بواطنه ومكنونات خطابه السياسي الذي يبتعد قطعا عن تطلعات الشارع العراقي في بناء نظام ديمقراطي يبتعد عن الأنماط الدكتاتورية ويوفر للفرد حريته في تقرير إرادته وتحقيق طموحه في المشاركة الفاعلة في حكم نفسه.هذا البعض يتعاط مع الحقائق على وفق رؤية دونكيشوتية ،مصورا نفسه بالمنقذ او الساحر الذي سوف يقفز على الواقع ويمحو كل تداعياته بضربة سحرية منه في الوقت الذي مازالت ماثلة للعيان وفي الذهن تجربته البائسة في إدارة الحكومة المؤقته التي سببت هذا التراكم السمج من الفساد الإداري واختراق أيتام النظام الصدامي لعدد كبير من المؤسسات المهمة في الدولة ،فيما يلف لفه بعض من لفضتهم تواريخهم التي أمضوها في خدمة النظام البائد ليظهروا اليوم وكأنهم ورثة جهاد ونضال شعبنا..
من الطبيعي ان تحاول القوى المضادة للعملية السياسية او المتأرجحة فيها إعلان معارضتها ،او تكوين جبهات بقصد التصدي البرلماني لما يسمونه بجبهة الأربعة او غير ذلك من مسميات بالرغم من رفض القوى الأربعة لاي من هذه المسميات وإعلانها لمبادئ عامة لا تخرج عن طموح الجميع او أهدافه وذلك ما يثير الريبة بالمعترضين ،مع ان المعارضة البرلمانية الموضوعية البعيدة عن الحقد او محاولة إعاقة التقدم هي سمة العملية الديمقراطية في العالم المتحضر ،وهي منتهى طموح المواطن العراقي الذي ينتظر من قبة البرلمان ان تكون محل صنع القرار الراجح والذي يخدم الجميع دون أي تمييز طائفي او عنصري .
آليات العمل التي جاءت بها وثيقة الاتفاق بين الأربعة تضمنت العديد من الطروحات الايجابية التي تدعو الى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتضع حلولا واضحة لمعالجة الإخفاقات او التداعيات التي رافقت مسير الحكومة في تنفيذها برنامجها الذي تلكأ كثيرا لأسباب يشترك فيها الذين يسعون لإفشالها عبر إطلاق التصريحات الصاخبة وإلصاق التهم بها من باب المحاصصات او الاصطفافات وغير ذلك من المصطلحات التي تبقى مرافقة للعملية السياسية في العراق مادام مجتمعة مكون من هذا النسيج المتنوع الألوان،ومادامت القوى السياسية الأربع قد بيتت النية والعزم على انها ليست جبهة ضد أي احد سوى أعداء الشعب العراقي وتجربته السياسية الدستورية،فأنها أعلنت عن " مواصلة العمل مع الأطراف الأخرى خصوصاً العرب السنة وذلك لرص الجبهة الداخلية وتعزيز المشاركة في السلطة" وذلك دليل على الحرص الشديد لهذه القوى على المبادئ التي اختطتها لنجاح المشروع الوطني وقد سارت على هذا المنوال فعلا حيث تتلاحق لقاءاتها مع الأطراف الأخرى من اجل تقريب وجهات النظر وحلحلة الخلافات التي سببت الانسحابات التي أعلن عنها في الأوقات السابقة .وبذلك فان هذا الاتفاق وكما أشارت إلية الفقرة السابعة من آليات العمل "إن الاتفاق يمثل المرحلة الأولى ويبقى مفتوحاً لمشاركة كل الراغبين في العمل على دعم العملية السياسية" حيث تلتقي الكثير من الأحزاب السياسية داخل العملية السياسية مع نقاط الاتفاق الأساسية وبذلك فهي محل حفاوة من يروم دعم هذا الاتجاه .
لقد وضع الاتفاق عدة وسائل وخطط لترصين العمل وتحقيق الاهداف التي تضمنها الاتفاق ،من ذلك اللقاءات الدورية للقيادات السياسية وان تكون هذه الاجتماعات هي اجتماعات قرار،و الاتفاق على جدول أعمال للسياسات والأهداف التي يراد انجازها للمرحلة المقبلة.و آلية تنفيذ القرارات من خلال تفعيل دور المؤسسات الرسمية والتعاون بين الكتل السياسية.
ما يميز هذا الاتفاق عن اللقاءات العابرة ويؤكد على إستراتيجيته هو الاتفاق على تشكيل أمانة عامة تقوم بدور المتابعة والتنسيق وتضع نظاما داخليا.
ومن الآليات الأخرى المهمة هي " الاتفاق على تنسيق الأجهزة الإعلامية للقوى السياسية".حيث تمتلك هذه القوى منافذ إعلامية تكاد تكون الأوسع والاهم على المستوى التقني ،وهي اليوم امام تحدي حقيقي يتمثل بالأبواق الإعلامية الصدئة التي تستضيف على مدار بثها النماذج الضحلة التي اشتهرت بذيليتها وتبعيتها للفكر البعثي المنحل ،وهي تقصد تشويه الحقائق وعكس كل فعل خير الى تهم وسجالات قبيحة ،ولا سلاح لديها سوى هذه المجالس ،مما ينبغي على القوى السياسية التصدي لها إعلاميا وفضحها وكشف كل ما تخبئه من مؤامرات قذرة تستهدف مصير الشعب العراقي وتبخس تضحياته ..
البعد الإقليمي والدولي هو ميدان خصب لتجارب القوى السياسية وكانت أهم ساحات نشاطها وقد تمكنت من استقطاب الكثير من مراكز القرار الدولي ،لذا يجب عليها ان لا تتخلى عن هذا الميدان وان تسعى اكثر من ذي قبل من اجل توسيع دائرة الفهم والتلاقي مع المشروع العراقي ،لذا أكدت الوثيقة على " الاتفاق على آلية مشتركة وموقف موحد في التعامل مع المحور الإقليمي والدولي حول إنجاح المشروع السياسي من وجهة نظر عراقية".
ومن اجل توسيع دائرة المشاركة في تمحيص القرار التنفيذي للحكومة ووضع لمسات العمل الجماعي على تطبيق سياساتها وتجاوز النظرة الضيقة التي استهدفت الحكومة التي اتخذت كذريعة لانسحاب بعض الكتل منها فقد وضعت آلية " تفعيل اجتماعات أسبوعية أو دورية بين مجلس الرئاسة ورئيس مجلس الوزراء للتداول حول سياسات وانجازات الحكومة مع التقيد بالصلاحيات الدستورية لمجلس الرئاسة باعتباره الساهر على تنفيذ الدستور وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء باعتباره المسؤول التنفيذي المباشر والقائد العام للقوات المسلحة وصلاحيات مجلس الوزراء والوزراء حسب الاختصاصات والصلاحيات التي حددها الدستور.
المبادئ الوطنية التي خرج بها اتفاق القوى السياسية تحتوى على اكثر من دعوة جادة للمشاركة في معالجة الواقع العراقي من بعض الاختلالات التي أحدثتها بعض الظروف الموضوعية او الذاتية ،وهي محك اخر لمعدن القوى التي تدعي تبني قضية الشعب العراقي ،وبذلك فان الكرة اليوم في ملعب القوى التي تجاهر بمعارضتها الفعلية للمشروع الوطني والتي تسعى لا عاقة حركة التصحيح اذا جاز لنا التعبير..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا