الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الاعلام البيئي عندنا

أمياي عبد المجيد

2007 / 8 / 30
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


خلال العقد الأخير بدأت بعض الكتابات البيئية تظهر في مجموعة من الجرائد والمجلات، وأيضا برزت على الساحة قنوات مهتمة بالبيئة . في الواقع يمكن أن نصف ذلك "بالطفرة الإعلامية المهمة " خصوصا أن البيئة في خازوق القرن الماضي لا نكاد نشم لها رائحة في وسائل إعلامنا ، لكن ما يخشى من هذا الاهتمام (الذي يبقى محتشما على كل حال ) أن يكون وليد الصدفة لا يعبر بالضرورة عن حس إعلامي مرسخ لدى العقلية الإعلامية بأهمية تناول المواضيع البيئية ، وتقريبها من مختلف زواياها للمتلقي حتى يتمكن هذا الأخير من صياغة وتكوين أرضية للعمل المشترك للنهوض بالحس البيئي المجتمعي .
إن طبيعة الإعلام البيئي في الوطن العربي تحكمها محددات أساسية تقوض صيرورتها الطبيعية أو بالأحر انبعاثها الجدي ،وذلك في هذه النقاط :
1: كانت ولا تزال عقلية الإعلامي العربي مرتبطة بسلوكيات إعلامية بعينها، بحيث لا نكاد نلمس أي تباين في تقريب ومعالجة القضايا المطروحة في الدول العربية بالرغم من التباين في بعض الأحيان الحاصل في الجوهر، وهذا ما يجعلنا نستخلص أن الإعلامي العربي محكوم بأسلوب أدبي يفتقد إلى الوظيفة الإعلامية ، أي أن هذا الإعلامي بحكم ارتباطه الجغرافي وبحكم المشاكل التي تعاني منها المنطقة أصبح رهين أسلوب إعلامي " فوقوي" بالدرجة الأولى .
2: القول ثانيا بان المعطيات البيئية تحتاج إلى ملائمة وتكييف إعلامي مبسط وقريب من المتلقي : هذا منطق أساسي لان المعطيات البيئية إذا ما بعثناها ونشرناها على أساساتها العلمية المعقدة فهي متعذرة الفهم عند شريحة أساسية من المجتمع ، لأنها كما أسلفنا معطيات علمية بالدرجة الأولى ، وعندما نتحدث هنا عن تكييف المعطيات مع الأسلوب الإعلامي الذي يقربها للمتلقي سنجد أن ذلك الإعلامي الذي نتوخى فيه القيام بتلك المهة لا تتوفر فيه أدنى شروط الكتابة والايذاع العلمي ،لان هذا الإعلامي غير قادر أو بالأحر غير مؤهل للقيام بهذه المهمة !
3:الإعلامي العربي لا يتوفر على حس بيئي يسمح له بتبني مشاريع إعلامية بعينها لصالحها ، فإذا أخذنا على سبيل المثال ظاهرة " الاحتباس الحراري" لا نكاد نجد مشروعا إعلاميا انبثق من روح الشعور بالمسؤولية ، وإذا استثنينا بعض الاهتمام من قبل المجتمع المدني الذي لا يرقى إلى مستوى الحرفية ، فان معظم ما يكتب ويذاع ويشاهد يبقى وليد الصدفة ويسير في إطار التقليد ألحيني ، عكس دول أخرى تبنت فيها مختلف وسائل الإعلام برامج عملية لتحسيس المتلقي بالظواهر البيئية بل هناك لولبيات تشكلت في سياقات مختلفة تتبنى الضغط على مستويات القرار السياسي والاقتصادي خاصة الدول التي تساهم بكثرة في انبعاث ثاني أكسيد الكربون .
لابد للإعلامي العربي أن يدرك أن التحولات البيئية أصبحت اليوم الباعث الأكبر الذي يمكن أن يتم على أساسه تغيير مجموعة من الأجندة المهمة للدول، وبالتالي فصياغة التوجهات السياسية والاقتصادية تتم بمحايثة التحولات البيئية بعيدا عن الكلاسيكية ،والسطحية في تعزيز أي منطق يقوي المصالح ، وهذا طبعا ما يجعلنا نتصور أن الإعلامي العربي لم يرقى إلى فهم هذه الأيديولوجيات التي يسميها البعض بأيديولوجية التنمية ( الفوقية في فرض مشاريع التنمية الجوفاء الباعثة على الفساد دون المس بمصدر هذه الأيديولوجية ).
يجب أيضا أن يدرك أن هذا التوجه الحالي مفروض في مجموعة من السياقات التي لا تترك أي مجال لتحديد الخيارات (العولمة مثلا ) وإذا ما تعامل هذا الإعلامي بايجابية بغض النظر عن السياسة الإعلامية المتبعة في الدولة يمكن بكل ثقة أن ينساق المتلقي وراء هذا الخطاب الجديد الذي سيعيد من جديد ترتيب الأوراق المعرفية ويقلل من العزلة العلمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس