الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهر الليالي هل اعادة للسينما العربية عافيتها

علي قاسم مهدي

2007 / 8 / 31
الادب والفن


قد تكون الصحوة التي حققها الفيلم المصري للخروج من دوامة التكرار والابتذال وسقوط الفكرة والتخبط ،هي في حقيقتها ضجة إعلامية أكثر مما هي صحوة حقيقية لإنعاش السينما العربية من جديد ، فعندما تثار ضجة عن فيلم أكثر مما يستحق ، نكون قد تجاوزنا على الإبداع وأحدثنا شرخ يجعلنا بعيدين جدا عن إنتاج سينما ترتقي لمستوى السينما الحقيقية المتكاملة ،من حيث الإخراج والتمثيل والكتابة . إن الهالة الإعلامية التي أحاطت فيلم سهر الليالي ،لم تدع لأحد أن يتناول الفيلم بالنقد ،لتشخص الحالات الايجابية وفق رؤى فنية واعية نتلمس من خلالها الأدوات التي جعلت من الفيلم يستحق كل هذه الضجة ،لم نجد سوى انه فيلم استحق التمجيد فقط لدخوله التصفيات قبل الأخيرة لجائزة الاوسكار العالمية عام 2003، حيث أدخل المرحلة الثالثة ليتنافس مع 20 فيلما في مسابقة الأفلام الأجنبية غير الناطقة باللغة الإنجليزية بعد تخطيه مرحلتين داخل إطار الترشيح للأوسكار، الأول ضمن 56 فيلما والثانية ضمن 40 فيلما ويقول مؤلف الفيلم تامر حبيب ((لم أتوقع بالمرة أن يصل الفيلم لهذه المرحلة من التصفيات الخاصة بجائزة الاوسكار وقد تلقيت الخبر بسعادة بالغة أنا وفريق العمل خاصة انه أول تجربة روائية طويلة لي في الكتابة. وقال :عندما كتبت الفيلم كنت أريد به أن يجذب الجمهور بصدق ولم أفكر في ما إذا كان سيدخل مهرجاناً أم لا؟ وأمتع شيء في العمل السينمائي أن يصدق المشاهد ما يراه )).

أبطال وشخصيات الفيلم

الفيلم بطولة(منى زكى، أحمد حلمي، فتحي عبد الوهاب، خالد أبوا لنجا، حنان ترك، جيهان فاضل، علا غانم وشريف منير) . قام بإخراج الفيلم المخرج هاني خليفة في أولى تجاربه السينمائية مع كاتب السيناريو الشاب تامر حبيب. الفيلم يدور حول ثمانى شخصيات مختلفة ، لا تجمعهم معاً سوى حفنة من ذكريات صداقة تنتمي إلى الماضي، يلتقون مجددا بعد سنوات من الفراق في عيد ميلاد ابنة إحدى بطلات الفيلم، فيصبح عيد الميلاد هو موعد لم الشمل مرة أخرى لعالم "سهر الليالي" الذي يضم، خالد الزوج اللعوب و زوجته المحبة بيرى، ابن خالتها المتحرر سامح وعلاقته الملتهبة بالفتاة إيناس. والشاب المستكين بسيط الحال عمرو و زوجته فرح ابنة الأثرياء ذات المشاعر المتضاربة ، خاصة تجاه خطيبها السابق على، "العاجز" عاطفياً من ناحيته عن إرضاء زوجته الصبورة مشيرة. مجموعة يعيشوا وضع خالي من السعادة لعدم التوافق واختلاف الرغبات والأمزجة مع زوجاتهم ،فالحفلة التي لمت الشمل كانت هي نفسها لتفريقه. بعد الحفلة تطلب مشيرة من زوجها علي ،بان يتركها،، وهو لا يفهم أي سبب مقنع لهذا الطلب ، لضعف شخصيته ، وعجزه التام في اتخاذ موقف مناسب ، مشيرة تعاني من كبت نفسي فرضه أخ متشدد جعلها تبدد كبتها بإعطاء نفسها الحق بالتصرف بأخلاق غير لائقة تهدم القيم العليا للزواج المقدس . وترفض كل الرجال وفق تصورات مزاجية . تراجع طبيب نفسي للوقوف على حقيقة مرضها النفسي ، وهي في الحقيقة مقتنعة تمام بما هي عليه ، يقرر علي تركها دون رغبة منه ، لكي ترتاح وتريح أعصابها، ووعدها بأنه لن يرجع إلا إذا طلبت منه ذلك . الزوج الثاني خالد، تعترف له زوجته بعد الحفلة أيضا بأنها تعرف كل شيء عن خيانته لها، وأنها كانت باقية طول الفترة الماضية معه على اعتبار إنها لا تعرف شيء عنه ، أما ألان ((فانا لا أستطيع أن أبقى معك لأنك عارف باني عارفة _ يبقى لازم اعوفك-)) يطلب منها المغفرة ويوعدها بأنه لن يخونها وانه يحبها ، لكنها ترفض لأنها محافظة وملتزمة وهذا الأمر يحتم عليها الابتعاد كي يراجع هو نفسه، وتحصل هي على نوع من الاستقرار النفسي . الزوج الثالث عمرو الذي لم يكن شخصية سلبية في الفيلم أبدا كان يمتلك شجاعة كبيرة، ومشاعر إنسانية عالية ، ويملك قلبا مسامحا وصبورا ومحبا ، يحب زوجته ويكن لها كل مشاعر الاحترام ، وهي لم تحاول ولو لمرة واحدة أن تدرك حبه لها ، بسبب انشغالها بحياة الترف والاتكيت الخاص، تعكر له مزاجه دائما، وتتهمه بعدم احترم مشاعرها عندما كانوا في الحفلة ، تثور ثاترته ليدمر غرورها وتعجرفها ، ويعترف لها بأنه تحمل كل شيء منها ، ضغط عائلتها ، مشاعرها المتضاربة اتجاهه بسبب حبها القديم ، تجاهلها له باستمرار، وعدم مراعاة مشاعره وأحاسيسه وكرامته، تحمل كل ذلك لأنه يحبها . والثنائي الأخير سامح وإيناس، سامح مهندس صوت، متحرر يؤمن بالحب على انه مشاركة اثنان دون قيود ، أحرار في الاختيار، طموحه أن يكون سعيد ، يؤمن بالزواج ولا يعتبره القيد الذي يحد من تصرفات العزوبية ، مختلف بأفكاره بعض الشيء عن الآخرين .. أما إيناس الحبيبة المحرومة من الزواج تحلم أن يكون لها زوج وان تكون أم ،حياتها عبارة حب ومال وعمل وجنس.

رؤية نقدية للفيلم
يقول الناقد إبراهيم العريس ( إن السينما عندما تمثل الناس كما هم نستطيع أن نقول عنها إنها سينما حقيقية ومبدعة )

هنا عوامل ساعدت الفيلم للوصول إلى مسابقة الأوسكار ، وجعلته يتنافس مع بقية الأفلام الأخرى ، منها جراءة الفكرة وتحررها من النمط المألوف في السينما العربية ، ضخامة الإنتاج، لمسها الواقع الخفي والمستور للمجتمع ، التركيز على جانب اجتماعي مهم وخطير ، كل هذه العوامل جعلت المهتمين بالسينما ومنظمي المهرجان يأخذونها بالاعتبار .
الملفت في الفيلم كذلك اعتمد على ما يعرف بـ (البطولة الجماعية) وأفلام البطولات الجماعية ،،هي السبيل لإنقاذ صناعة السينما لأنها تساهم بشكل حقيقي في دعم الإبداع الفني من خلال وجود أكثر من قصة وحكاية في العمل بشخصيات مختلفة مما يخلق تنوعا كبير داخل الحبكة الدرامية ،، ويعطي بانوراما حقيقية متكاملة لبعض قضايا المجتمع ،وهو ما يحرك السينما من خلال التنوع في الموضوعات . ويمكن للبطولة الجماعية أن تقدم فنا حقيقيا متكامل إذا توفرت لها الشروط الجيدة . ولذلك نجد صعوبة تكرار هذا النوع لصعوبة الحصول على نص جيد وإقناع النجوم بالمشاركة في البطولة الجماعية.. بالإضافة إلى التكلفة العالية والضخمة في كثير من الأحيان لهذه الأعمال سواء في أجور الممثلين أو الإنتاج.. وأنا أعتقد أن تجربة فيلم "سهر الليالي" كانت البداية لعودة البطولة الجماعية ، ولذلك فهذا النوع من البطولات ،له معايير مختلفة تقنع النجم بأن يشاركه أحد البطولة ، ويكون مع المجموع عنصرا متكامل لا يمكن قيام الفيلم إلا بهم . وكما أن الفيلم اعتمد وحدة الموضوع من خلال التركيز على مشكلة جيل بكامله لا يعرف الاستقرار متذبذب في اتخاذ القرارات المهمة في حياته، ليس على مستوى الحياة الزوجية أو الاجتماعية فحسب بل على جميع الأصعدة ،لهذا تراه يؤمن بان الحياة عبارة عن قهر معنوي كامل ومؤلم ، وان الابتعاد أو الهروب من الواقع دون مواجهته هو الحل السهل الذي يمتلكه والأقرب للجميع ، على الرغم من الرخاة الذي يعيشوه ، وهذه الظاهرة تكشف بصدق بعض ما يعاني منه الجيل الجديد من سأم وقلق وخوف من الحياة وبحث عن معان جديدة ، وهذه الظاهرة تحتاج دراسة واسعة للبحث عن أسبابها النفسية والمعنوية والمادية . كما وان الفيلم عالج قضية مهمة من القضايا الاجتماعية الحساسة في مجتمعاتنا العربية التي يعيشها ويكتم على أسرارها ، لكنه إضافة إليها بعض التفاصيل الهجينة المأخوذة عن حياة الغرب ، كتحرر إيناس وانطلاقها ، وكأنها جاءت للحياة بدون عائلة ، وبقائها لأكثر من سنتين على علاقة غير بريئة مع شاب دون أن تؤثر على حياتها ومستواها الاجتماعي ، حيث تلتقي مع أصدقاء حبيبها وزوجاتهم دون أي إحراج ، وهذا ما لم يكن مقنع في الفيلم ، كما وان الفيلم خرج عن الواقعية في بعض المشاهد،، وبشكل عام نجح المؤلف في وحدة الموضوع وإقناع المشاهد بان الإحداث لصيقة بالواقع بل هي من صميمه ، وكما وان المخرج تمكن من أن يجمع مجموعة جيدة من الممثلين الشباب يملكون قدرة عالية في الأداء ، وتمكنه من اضهار مشاعر الحزن والفرح بأسلوب فني بارع ، وأضاف في بعض المشاهد الهستيرية أجواء حقيقية للفيلم ، مؤكدا قدرته على إدارة اللقطة بحذر واعتبارها عقد مهمة يعتمد عليها العمل ، وكما إن الموسيقى التصويرية كانت جيدة ومؤثرة في بعض المشاهد ، إضافة إلى أللقطات المعبرة والمختزلة التعبيرية ، كاختلاط ورق اللعب ( الكوتشينة ) للتعبير على إن علاقاتهم متشابكة ، ولا يمكن فصلها ، وبالنهاية هم سيستمرون على الرغم من اختلاط أوراقهم وحياتهم الواحد بالآخر . وأخيرا نتمنى للصحوات القادمة أن تكون بمستوى الطموح، وان نشاهد سينما تعبر عن هموم ومشاكل الشباب العربي دون الابتعاد عن الواقعية وان ترتقي السينما لدينا بعيدا عن التكرار والابتذال احتراما للذوق العام ..










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم