الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا استثنت الوزيرة بثينة شعبان النظام السوري..!؟

بدرالدين حسن قربي

2007 / 8 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


نشرت جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 27 آب/ أغسطس 2007 مقالاً بعنوان أرشفة الإبادة للوزيرة السورية السيدة بثينة شعبان، ورد فيه الكثير من كلام وأفكارطالبت فيها الوزيرة بأرشفة مافعله الإسرائيلييون وبمساعدة أمريكا وأموالها في فلسطين والعراق ولبنان من أعمال القتل والإبادة وتحت ذرائع شتّى. أشارت في مقالها إلى مشكلة عدم امتلاكها المصدر المختلف للخبر عمّا يبثه أعداؤها حتى أصبح الإعلام الصهيوني المصدر الوحيد للإعلام الأجنبي.
ومثّلت لهذا بما أعلنت عنه إسرائيل أنها في صدد صناعة فيلم عن حربها في تموز الماضي ضد لبنان، وتنبأت بأنه سوف يخلو من أية إشارة لانكسار جنودها أو هزيمتها، وتوقعت أنه بعد سنوات ينشأ جيل لم يكن شاهداً على الحرب، ويصبح الفيلم الذي صنعته إسرائيل الوثيقة التي يعتمد عليها الباحثون والدارسون لهذه الحرب في الغرب والشرق، مما دفع بها للقول: من سيحمل قضايا أطفال وشباب فلسطين ولبنان والعراق الذين تقتلهم إسرائيل والولايات المتحدة يومياً عن عمد وسابق إصرار، إذا كنا اليوم لا نسجّل قضاياهم ولا نوثّق أرشيفهم..؟ وأضافت خاتمةً: إذا كان العرب اليوم غير قادرين على تحرير الأرض، يجب أن يكونوا قادرين على صون الاسم، والخبر، والحدث من وجهة نظر عربية وبشكل يمكن من إيصالها للعالم في الوقت المناسب.
كلام الوزيرة في عمومه وظاهره لاخلاف فيه ابتداءً ولا غبار عليه لو أن قائلته هي الأم ( تيريزا) أو أن كاتبه واحد من عموم الكتاب والمفكرين. ولكن كون المتكلمة إحدى مفردات النظام السوري في عهد الأسد الأب وعهد الابن، فإن مطالبتها بأرشفة الإبادة فيما نعتقد تضعها في حرجٍ أمام القارئ وإن كانت لاتُحرَج. فمطالبتها بالأرشفة والتوثيق والتأريخ لكل أعمال القتل والإجرام التي تُمارَس في فلسطين ولبنان والعراق تستدعي السؤال: مامعنى هالاستثناء لسورية أو للنظام السوري بالتحديد فيما قالت وطالبت...؟
فهل القتل والوحشية اختصاص صهيوني أو أمريكي في البلدان المشار إليها ولاتعرفه سورية النظام المستثناة من الكلام..؟ أم أن الحق والصواب هو أن القمع والقتل والإرهاب مدان أياً كان، ويستوجب الأرشفة والتوثيق والتأريخ..!؟
المطالبة الواجبة والمشروعة بتأريخ مايفعله اليهود والأمريكان في المنطقة تستوجب تلقائياً المطالبة بتأريخ مافعله ويفعله بنا أبناء جلدتنا لأن من يمارس القتل والقمع والإرهاب مجرم كائناً من كان، وعلينا ابتداءً أن نؤرخ لجرائمه وممارساته فضلاً عن المواجهة والعمل للخلاص، لأن الإجرام في النهاية ملة واحدة، وإن اختلفت مِلل القتلة والمجرمين ونِحلهم وألوانهم ومراتبهم في شتى الدول والممالك. قد تختلف الجريمة فظاعةً وضخامة من مكان إلى آخر ولكنها تبقى جريمة وينبغي عدم السكوت عنها في أي حال من الأحوال سواء كان المجرم عربياً أو صهيونياً أو أجنبياً أمريكياً أو وطنياً من أبناء الوطن نفسه.
فجرائم الصهيونية ومجازرها مدانة في كل الأحوال والأعراف والمقاييس من مجازر دير ياسين والبريج وقبية القدس وخان يونس، وقلقيلية وكفرقاسم والسموع وقانا1 ثم قانا 2 و..و..و.الخ وكذلك الممارسات اليومية المستمرة بحق أصحاب الأرض وساكنيها. وكذلك ما كان من جرائم القتل والاستئصال والممارسات اللاإنسانية وقصف المخيمات في لبنان والتصفيات على الهوية وأعمال التغييب والاغتيالات مستنكرة. وحتى جرائم التفجير وعمليات الإبادة الجماعية التي تمارس في العراق والتي ترفضها معاني الدين الحقيقية أياً كان، وترفضها أخلاقيات التعايش والحضارة الإنسانية مدانة ومستنكرة أيضاً.
وحتى لا نستثني مااستثنته السيدة/ شعبان، فنتاجر بمصائب الأمة والناس من حولنا (عكّاً وعلكاً) لمزايدات مكشوفة، فإننا نذكّر بأن النظام الأمني السوري اعتقل الآلاف من مواطنيه في ثمانيات القرن الماضي من بيوتهم ومكاتب عملهم وتمت تصفيتهم قتلاً وحرقاً وسحلاً وإعدامات بالجملة ومجازر جماعية أقل مايقال فيها أنها لم تكن نتيجة محاكمات قضائية بل قتلاً بدون أي قدرٍ من المسؤولية القانونية وخالٍ من كل الاعتبارات الإنسانية، فهم سجناء ومعتقلون لدى النظام الأمني وعُزْل من السلاح وليسوا في ميدان القتال بل أكثرهم لم يكن متهماً أو مطلوباً أو مداناً قضائياً.
إننا نذكّر بأن النظام التي استثنته أو سكتت عنه الوزيرة في مقالها ارتكب الكثير من المجازر وأعمال القتل والقمع ومازال مثل البلدان التي أشارت إليها بل لعلها كانت الأفظع والأشد أثراً. فمن مجزرة جسر الشغور التي قتل فيها النظام أكثر من 90 مواطناً، إلى مجزرة سوق الأحد في مدينة حلب التي قتل فيها قرابة 190 مواطناً، ثم مجزرة بستان القصر التي قتل فيها 35 مواطناً، ومروراً بمجزرة سرمدا التي قتل فيها قرابة 30 مواطناً، وحتى مجزرة حي المشارقة في مدينة حلب التي قتل فيها 83 مواطناً، فمجزرة سجن تدمر قتل فيها قرابة 1000 سجين قتلاً جماعياً خلال ساعة من ليل، ومجازر عدّة متتابعة في مدينة حماة كان آخرها حصار المدينة وتدمير قسم كبير منها باستخدام كافة أنواع الأسلحة من المدفعية والدبابات والصواريخ والطيران، وكان ضحاياها بالآلاف، قدَّرتها تقارير صحفية بأكثر من عشرين ألف.
كلام الوزيرة الكريمة فيه الكثير مما يستوجب التعقيب، ولكن مما لاشك فيه أن دعوتها لأرشفة الإبادة في بلدان منطقتنا هي دعوة كريمة ولاعيب فيها سوى هالاستثناء المنقطع لنظامٍ هي إحدى مفرداته، فجاء كلامها أشبه مايكون بمولودٍ ميتٍ لاروح فيه، أو تقديم حليبٍ مسحوب الدسم لا طعم فيه ولاغذاء وليس له من الحليب سوى الاسم.
القتل والقمع والإرهاب ليس له دين، والجزارون القتلة ليس لهم جنسية، فلنؤرخْ لهم بالسواد والعار، و( ْلنؤرشفْ) لجرائمهم في رابعة النهار، ولْنوثقْ لإرهابهم سواء كانوا من شعب الله المختار، أو من أبناء جلدتنا في فلسطين ولبنان والعراق وحتى من استثنت الوزيرة من مواطنينا من جزّاري الشعب السوري المحتار، ولْنفضحْ جرائمهم على صفحات الجرائد والفضائيات ومنتديات الحرية والحوار، ولْنعمل مع المنظمات الانسانية المحلية والإقليمية والدولية لأخذهم بالنواصي والأقدام بكل فئاتهم ورتبهم ومناصبهم إلى ساحات العدالة والمحاكم الدولية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس حماس في الضفة الغربية يدعو الأردنيين لـ-مواجهة مشروع ضم


.. الموريتانيون يدلون بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الر




.. إيران.. جولة إعادة لانتخابات الرئاسة بين بزشكيان وجليلي


.. موفدنا يرصد الأوضاع في بلدة عيتا الشعب المحاذية للحدود مع إس




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات بعد عودة جيش الاحتلال لمنطقة الش