الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدتك حباً فيك ، لا خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنتك -

هفال زاخويي

2007 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


" عبدتك حباً فيك ، لا خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنتك " ..."علي بن أبي طالب"
لا أدري كم سيحالفني الحظ لأكون موفقاً في إيصال ما اريد إيصاله من خلال عنوان المقال والذي هو بحد ذاته مسألة فلسفية معمقة قد يكون بمقدور المهتم ان يكتب عنها أو تحت ضوئها مئات الصفحات ...؟ واعتقد ان الجملة اعلاه احق بأن نكتب عنها وفي ضوئها ، بدلاً من مئات الكتب التي تم تأليفها وطبعت ونشرت عن كيفية الوضوء وعن النكاح وعن الميراث وعن الزكاة والتي غدت كتباً للأرشفة وقد تكون صفحاتها تفتح بين حين وآخر من قبل مهتم واحد او اثنين ، اما الأهالي في عصرنا هذا فهم امام معضلة حقيقية هي اكبر بكثير من ان تتيح لهم الفرصة او المزاج لقراءة كتاب عن الوضوء او سير القادة والزعماء والخلفاء والولاة عبر تاريخنا الكئيب المليء بالكبوات والفشل والمحتقن بالدماء والثارات والعويل.

هنا لا بد لنا ان نتحدث ونكتب بلغة – وادعو زملائي ايضاً لذلك- يفهمها المواطن ، تكون لغة قريبة من لغة العلامة الدكتور علي الوردي الذي لم يكتب بلغة النخبة التي أضاعتنا وأضاعت نفسها في خضم أمواج التغيير السريعة والقوية في عالم أصبح فيه بمقدور كل فرد أن يطلع على التطورات والثقافات والمتغيرات عبر أجهزة خفيفة يمكن حملها في الجيب... نعم علينا النزول من الأبراج العاجية فلا نحصر العمل الإبداعي بالقصيدة والقصة والنقد الأدبي أو بخطابات القادة والزعماء الطويلة المملة المثيرة للنعاس، فنتوهم بأننا يجب أن نكون في مقدمة الركب بآلاف الأميال ، ما وظيفة المثقف الذي لايراه ولا يفهمه الآخرون ...؟، أتمنى ان لاتضيع جهودنا بين أبجديات اللغة البطيئة المملة وصراعات مدرسة الكوفة والبصرة النحويتين ، وان نظل محاصرين بين الفعل الماضي والمضارع وننسى المستقبل ، فلا الماضي المبني على الفتح نجح في بناء مجتمعاتنا على أسس سليمة ، ولا المضارع المرفوع رفع من شأننا وانتشلنا من أمراضنا المزمنة ، وأتمنى أن لا نتورط أيضاً في قضايا فلسفية عقيمة اريقت الدماء من أجلها ولم يتمكن المختلفون عليها - بعد كل العنف وبعد كل الدماء التي اريقت – من الوصول الى أية نتيجة حول موضوعة "خلق القرآن" ، فانتهت المسألة واختفت الى الأبد بعد معارك طاحنة خلفت الايتام والأرامل ، لا نحو سيبويه ينقذنا ولا خلاف المدرستين النحويتين الكوفية والبصرية ولا اختلاف المذهبين ،ولا تزمت المختلفين وتشبث كل فريق برأيه ورؤيته ان مطلق الحق معه وان خصمه يقف في دائرة مطلق الباطل "وكل حزب بما لديهم فرحون"... بل ما ينقذنا هو العودة الى منطق العقل ، وبالطبع لا منطق للعقل في ظل الاستعباد والقهروالإكراه ، ولن ينجح العقل في دائرة الإكراه للوصول الى حقائق الأشياء وأسرار الحياة ... فقط الحرية الفردية وحدها هي القادرة على الإبداع ووحدها هي القادرة على صنع المعجزات، بالطبع لا أقصد الحرية على الطريقة العراقية الجديدة التي لم تنتج الا الكثير من القتل والخراب ... ألسنا بحاجة لأخذ درس سريع في هذا المضمار بعيداً عن الدراسات والبحوث المطولة ، فالوقت يداهمنا ...؟

فردانية الفرد وحريته ووجوده المعنوي والمادي ورأيه ونظرته حالة مهمة وهي التي أوصلت بالبشرية الى حالة التطور التي نعيشها ونراها حالياً في العالم... المقولة- عنوان المقال- أطلقها الإمام علي بن أبي طالب "رض" قبل اربعة عشر قرناً ... فمن منا اعتنقها واعتقد بها...؟ وان اعتنقها أحد فهل منح الحق في أن يعتنقها الجميع أو أن يعتقد بها ويفهمها ويمارس الحياة انطلاقاً منها ...؟! هذه الجملة -المقولة الرائعة- لاتقف عند حدود اللغة الكئيبة المقيدة بالرفع والنصب والجر ، ولا تقف عند حدود المرئي – نرى الجدار ، اذن هو نهاية العالم فلا شيء بعده- لقد سبق الرجل عصره في رؤيته الخاصة للحياة والتي لاشك انها رؤية صائبة متفوقة ودقيقة في تشخيص الخلل ، مدلول المقولة يمكن اختزالها في كلمة واحدة – الحرية- والحرية تعني حرية الأختيار والرأي والتوجه... وحرية الأختيار تعني عدم اكراه الناس على فكرة معينة وفرض الرأي عليهم ترغيباً او ترهيباً ، فكيف نبني لمنظومة قيمية مؤمنة بالحرية الفردية انطلاقاً من مقولة الامام علي بن أبي طالب ونحن أصلاً نعاني من منظومة قيمية مريضة ومتهرئة غير كفيلة أبداً بالبناء بقدر ما هي كفيلة بالتدمير ...؟!

لم يستخدم الرجل في مقولته الأسلوب الوعظي العقيم ، ولم يستعن في تركيبها اللغوي بمفردات يعجز المرء عن فهمها وإدراكها، كما تفعل النخب الثقافية والسياسية أصحاب الأبراج العاجية ، ولم يستخدم اسلوب الصراخ وملء الدنيا ضجيجاً ، بل اطلق جملته الرائعة بهدوء تام في خضم معمعة حروب خاضها الرجل لاحقاق الحق وحفظ كرامة الإنسان وإنقاذه من الإستعباد البشري والإستبداد والطغيان ، و اطلاق الحريات العامة ضمن دائرة منظومة قيمية نظيفة ومعطاءة وبناءة كانت كفيلة باقامة مجتمع راق ومتحضرومنفتح وانسان متحرر مستقيم مبدع معطاء متفوق ... ظهر الرجل في غير زمانه وخسرته البشرية ،إذ ذهب ضحية فكره النير الذي أرعب الطغيان وجعل " الطبقة الجديدة" ترتعد خوفاً من طروحاته التي رأت فيها هدماً لصروح الطغيان والإستبداد والإستعباد والإستئثار بالمقدرات من خلال السلطة والسيطرة على الإقتصاد ، تلك الطبقة التي تنتعش الآن في بلدنا بشكل مثير فهي تعمل جاهدة لمصادرة الحريات بل ودفنها تماماً ، فلا انتعاش لهذه "الطبقة الجديدة" في ظل الحريات والانفتاح بل انها تنتعش في ظل الجهل الذي يقف من وراء تعطيل العقل عن أداء وظائفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لن أسمح بتحطيم الدولة-.. أمير الكويت يعلق بعض مواد الدستور


.. في ظل مسار العمليات العسكرية في رفح .. هل تطبق إسرائيل البدي




.. تقارير إسرائيلية: حزب الله مستعد للحرب مع إسرائيل في أي لحظة


.. فلسطينية حامل تودع زوجها الشهيد جراء قصف إسرائيلي على غزة




.. ما العبء الذي أضافه قرار أنقرة بقطع كل أنواع التجارة مع تل أ