الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحتضار في حضرة الوطن

باسم السعيدي

2007 / 9 / 1
الادب والفن



كُتِبَتْ قصيدةُ صمتِك المتذَرِّعِ – بدماءِ جُرحكَ خطَّ صدرُ المطلعِ
وبصبرك الموجوع جئت قصائداً – والصبر رحلة خانعٍ متوجِّعِ
نبئت أنك ياعراق مثابةٌ – تتقدم الخطوات خلفك فاشرعِ
أقدم فذاك رمادك المنثور – نبراساً على درب النجاة فأسرعِ
وكأن فيك محمداً وحياً وقد – تتعثر الأقدام دونك فاصدعِ
نبئت أنك في الخطايا توبةً – فقدمت في عري الخطاة ومن معي
ولقد صَفَحْتَ عن العراة فقم بنا – أصلح وجوه الخاطئين ورقِّعِ
وببابك الموصودِ حزنُ مكابرٍ – وَغَدٌ سيكْشِفُ وجهَ كلِّ مُبَرْقَعِ
بابٌ كوحي اللهِ أُوصدَ في السقيفةِ – إن ظَنَنَتَ البابَ يفتحُ فاقرعِ
وشممتُ عِطْرَكَ في السماء وما أرى – ريح الجنان لدى الإله بأضوعِ
طافت ملامحُكَ البتول برِحلتي – كطوافِ أغنيةٍ بكعبةِ مبدعِ
وتواثبتْ لُغَةٌ تدِرُّ مدامعاً– كتواثُبِ الجبناء حولَ صميدعِ
إني رسمت على الرحيل شوارعاً – وكتبْتُ عهد الله يومَ تفجُّعي
هل جادتِ الزوراءُ في أبنائها – وجرت مدامع كرخها في الأدمعِ
ومضت رصافة شطِّها تشكو أسىً – تَرِدُ الفجائعَ في بطون الأفجعِ
وكأن سابلة القرون رسالة – عبرتْ على جِسْرِ السنينِ الأربعِ
بغداد ياأمَّ المفاتن والهوى – هُزِّي بجذع النخل يسقط مصرعي
ودَعي بكاءكِ والعويلَ فما له – عمرٌ يقاس على مشارف مَفْزَعِ
من أي زاويةٍ تُوَثِّقُ قِصَّةً – كُتِبَتْ حوادثها بألف مشيَّعِ
وتداول الصبيان أقداح المنى – كتداول الآثام في فمِ مُقْذِعِ
في صِحَّةِ الشهداء أشربُ نُخْبَهم – كأس المنون على شِفاهِ مودِّعِ
يا أيها الوجهُ المخضبُ بالدما – خدٌّ تعفَّر بالصعيد الممرعِ
ناديت وجهَكَ حيثُ شمسك لم تَغِبْ – وضياءُ نورك في الفضاء الأروعِ
إني لأصرخ من جراحِ حقيقةِ – الأشرار من مستذئِبٍ مستضبعِ
يا سبَّة الدنيا ولعنتها فهل – يبُسَ السوادُ وغارَ ماءُ المنبعِ؟
إني لأصرخ في الطريق وإنها – بئس الصنايع من رديء المصنع
إني لأصرخ في الطريق وإنها – جثث تسير على الرماح الشرَّع
ورجيع صرختي السماء الى الورى – من سامعين الى الذي لم يسمعِ
هذا ابن خائبة الدهور فما ترى – هذا ابن مَلْحَتِها التي لم تُفْرِعِ
هذا الذي بذلَ الوتين لها وقا – والبذلُ عادته التي لم يدَّعي
من دون (شيلتها) يفيضُ له دمٌ – رَحِبُ الوُرودِ يسيرُ غيرُ ملفـَّعِ
ولو ان نازلةً بها نزلت فسوف – ترى فِعالً الأشوسِ المتنطِّعِ

هذا العراق قلادة الدنيا – وزينتها وماسةُ صدرِها المتطلِّعِ
يا دوحة الشرف العراق وأصلها – أيصُّحُّ ينتسبُ الشريف الى الدَّعي
دنيا تعاظم شرُّها وبغَتْ عليك - كلابها من أدهمٍ أو أبقعِ
كثرت على أهليك ذؤبان الفلاة – على عيالك في الفطامِ ورُضَّعِ
ما أعظم الصبر المخضَّبِ بالجراح – وأعظمَ الجرح الذي لم يخضعِ
إن كان صبرك واسعاً سعة الدهور – ووسعَ جرحك .. يا دهور إذاً سَعي
يا دهور إذا سعي
غُضِّي عن القَسَماتِ طَرْفاً يائساً – وكلي من الأوهام حتى تشبعي
أقِمي موائدَكِ العجافَ وليمة – عُـبِّّّّّي كؤوساً سلسبيلكِ واكرعي
وخذي دمي متوسداً شفتي – كرسالة ظمآى خذيها أو دعي
إني مسيحُ يهودِ عصرِك فوق – صلبانٍ أُزَفُّ الى ضمائرَ بلقعِ
مرَّت على ذكراك قافلتان من - موتى ودهرٌ في خضمِّ تضرُّعي
ومضيتَ وحدكَ في السُراة مزاحماً – كتِفَيْ هواجس لوعتي وتوجُّعي
ليلٌ على الطرقات تثقله الخطى – سورٌ تغَصُّ بصوتِه المتقطِّعِ
حلمٌ على ضفتي نهارٍ موصدٍ – وخطى دمٌ هُرِعتْ تليقُ بمسرعِ
فتضيق أشرعة النهار كأنها – حرفٌ ببحر بيانها المتوسِّعِ
بين المساكينِ إحتوتكَ مغانمٌ – شحّاذ خبزٍ عند بابٍ مشرعِ
فيجيء واحتَـكَ الخلودُ كأنك – النهران يختلفان شطر الموقعِ
والشمس أحجيةٌ صداها ظلمةٌ – ولقا صداي الى صداك الموجع
ماعاد في الدنيا سوى خطر تكوَّر – في فتاوى أوخطايا مرجعِ
يا أيها الوطن الذبيح على فراش – العهر مأسوراً برجس المخدعِ
قبَّلتُ أرضك والجبال وسهلها – قبَّلتُ شعبك ذا البنا المتصدِّع
رفضوا وجودك حين مات ضميرهم – وبنوك بين ممزَّقٍ ومقَطَّعِ
مُدَّت أكفٌّ في الزحام لنجدةٍ – وذراعك المكسور بين الأذرعِ
مزَقوا جبينك في الجباه ضلالة – رسموا خرائط بالدم المتوزعِ
فعببت من خمر الخراب كأنني – زبدٌ يذوب على الصفا لم يهرعِ
ورقصت فوق مصيرك المجهول نغماً – في المساء على مقام الأصمعي
ونسيت في دعة الخيال رسالتي – دفع العوادي في الصراع المفزع
يا أيها الوطن المصفـَّدُ عزمه – أمسيت بين ممزِّقٍ ومرقِّعِ
يا أيها الوطن التسابق خطوه – نحو اليباب بخطوة المستمتع
يا أيها الوطن العراق قصيدة – حبلى بأوجاعي ولست بمدَّع
فطبعت فوق جبينك المكلوم قبلة – صائم متعففٍ متورِّع
قبَّلتُ وجهك في الصباح أظنني – ودَّعت صبحك حين شارف مضجعي
وطن تلوذ بجانبيه حمائم - وجلى وعزمك خائرٌ لم يَرْدَعِ
ودَّعت وجهك للرحيل وإنها – لغةٌ تحوم على شفير المبضعِ
سلَّمت آهتي الأخيرة باسماً – ودم يسيل على جوانب مدمعي
بغداد ياأمَّ المفاتن والهوى – هُزِّي بجذع النخل يسقط مصرعي

* الشيلة – حجاب المرأة في أرياف العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل


.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب




.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح


.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال




.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان