الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السطر الاخير في رواية العائدين والذاهبين من العراق

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2007 / 9 / 2
الادب والفن



العودة الى العراق والهروب منه ثانية اصبحت قصة فيها من عناصر الاثارة والمغامرة ما يغري المبدع شاعرا او قاصا لروايتها والشهادة عليها .وليس هذا فقط بل تصلح مثل هذه الكتابات نماذج صارخة واستفزازية لتجلي النزعة النرجسية لسلوكية الاديب وتفخيم ذاته وابراز ادوار بطولية لها عبر اختلاق بطولة وهمية او ابتكار وقائع تسعفها مخيلة شعرية ويخلها برهان الواقع والتحقق قد تنتمي هذه البطولة لزمن الدكتاتورية او زمن غيابها ..تعززها عقدة بالشعور بالذنب او التقصير ازاء احداث الوطن الكبرى والاكتفاء بالنواح الشعري على مصائبه و الاستعداد للفرار منه وعدم المواجهة لحالات الخطر الذي يهدد وطنه استبدادا كان او ارهابا مجنونا او كارثات بيئية او مجاعية تحيق به ولاوجود للشاعر وسط هذه المحن والكوارث الكبرى .

حتى تبدو هذه الشهادات السردية المروية بلغة مكثفة وانثيال شعري اقرب للفضيحة في تعرية الوجوه الحقيقية التي تختبئ خلف اقنعة المثقف العراقي وهذه الوجوه هي وجه الرهاب المزمن والخوف المستديم واللامبالاةوالسلبية وعدم المبادرة والاستسلام القدري وتكاد تكون هذه هي قواسم مشتركة لقصة المثقف العراقيالمهاجر المعاكس ومحنته سواء في زمن الدكتاتورية او مابعدها من زمن الفوضى والاضطراب والتباس الامور واشتباكها.
ويمعن الادباء العائدون لمنافيهم في التكرار الممل لمشهد أخيرلايطاق ليكون السطر الاخير من الرواية هو تبريرا للهجرة الثانية والحنين لنموذج الحياة المرفهة وعالم حقوق الانسان والكرامة الادمية التي لن تبلغ بلادنا مطلقا على الاقل في الفترة القليلة المغلقة بدخان الواقع وخراب واقعه الحياتي.
شعراء وروائيون وساسة كتبوا قصة العودة المتعاكسة للوطن ومنه بتنويعات اسلوبية مختلفة ولكنها تلتقي عند السطر الاخير من القصة والذي يروي تلك الخيبة في انطفاء( الهومسك) العراقي عند عتبات وطن يستقبل العائدين بحرائقه المضطرمةو فواجعه المتكررةوايقاعات نكباته دون هدنة او توقف .فيتيقن هؤلاء بان فسحة القبر الاخيرة لم يعد لها وجود في وطن استبدل حدائقه بمقابر جديدة .
النرجسية وتضخيم الذات واسباغ البطولة عليها تكاد تفقد القيمة التاريخية لهذا النمط من الكتابات الذي تتهافت عليها دور النشر الماكرة وتتازرمعها في ذلك وسائل اعلامية لاتقل عنها مكرا ودهاء بالتسويق المنظم لهذه الشهادات التي يكتبها العراقيون العائدون من والى الوطن
لتسد الطريق لقوافل العائدين من النخب الادبية والمعرفية التي يعول عليها في ترميم الخراب الحاصل
بل تفضي هذه الكتابة الى تكريس العلاقة المتوترة مابين المثقف واحداث بلده الكبرى والتي يعالجها بالهزيمة والفرارعلى الدوام .
كتب الشاعر محمد مظلوم كتابة ((ربيع الجنرالات )9كذلك (الشاعر صلاح حسن في كتابه ((قربان التاريخ )) وحسين الموزاني واخرون
في جميع هذه الكتابات ثمة ذات مركزية يضخمها الكاتب على حساب وطن يحترق ولايتلقى الشاهد منه سوى الدخان الذي يتخذه ذريعة لهزيمة ثانية ونواح شعري جديد وشتائم للراضين بقدرهم بالبقاء طوعا او كراهة .
وهذا ينبئ بظاهرة خطيرة باننا سوف لانعثر في كتابات اصدقاءنا الشعراء والمثقفين عن تاريخ نرويه لااجيالنا بثقة ومصداقية يكون فيها الوطن بالامه واوجاع ناسه اكبر من الذات الرواية بنرجسيتها وتوثيق بطولاتها كما ستتواصل الشروخ المصطنعة في محنة الثقافة العراقية ومنها حكاية الداخل والخارج المملة.

ملاحظة جديرة بالانتباه:
هذا نص ما كتبته بالضبط قبل اسابيع في عمودي السابق في جريدة الصباح
وبعدنشره مباشرة تلقيت رسالة من صديق حميم تفتقد الحميمية ولم يكن هذا الصديق الا الشاعر العراقي المقيم في هولنداصلاح حسن صديق المحنة العراقية في كل قسوتها ومتاهاتها وتفردها


وودت ان اضيف هنا :

باني قرآت كتابه كاملا وبكل فصوله وتعاطفت مع الكثير من وقائع المحنة التي عايشتها بتفاصيلها حتي يوم مغادرتي العراق الئ بيروت قبل اسبوعين
ولم يكن عمودي يخص صلاح او كتابه بل كنت اشير لظاهرة كتابيةبدت تتبلور في الثقافة العراقية متعكزة على تجارب شخصية وشهادات ذاتية تختلف اسلوبا وغاية من كاتب لاخر
وامر الكتابة عن كتاب صلاح له مجال اكثر رحابة من عمودي الضيق هذا
ولكن لايفوتني هنا بان اذكر باني اقف بقوة ضد من يسبغ صفات وبطولات مبالغ بها والتمركز في منتصف اللوحة علي حساب تضحيات وبطولات الآخرين خارج المقهى الادبية الثقافية التي لم تؤثر ثرثرة زبائانها كثيرا ببقاء النظام الديكتاتوري او تهديد وجوده بل كانت مسرحا للبكاء والنحيب وتفريغ شحنات الاحتجاج السلبيوكذلك
والمهاترات اللامجدية والتي لم تكترث لها حكومة الامن والمخابرات كثيرا

وصلاح حسن واحد من الشعراء الذين عملو بالمؤسسة الاعلامية العسكرية السابقة ولم يختلف عن غيره من اصدقائه الشعراء الذين غادروا العراق طمعا بحياة افضل وهربا من مواجهة غير متكافئة مع الظرف الاجتماعي والسياسي انذاك

وهذا هو كل مافي الامر دون استعراض لبطولات وهمية لاتقلل من شان اصدقادنا الذين غادرو البلاد في تلك الفترة الحساسة من تاريخ العراق تاريخيا او ابداعيا
ادعو لان نحذو حذو الكتاب الذين يمنحون بطولاتهم الفعلية لابناءالشعب المجهولين والممحية اسماءهم بفعل القهر والسحق المتواصل
ومع اطيب اريج ذاكرتنا المشتركة ارسلها لصديقي الحميم صلاح حسن









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟