الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيير النهج ام تبديل الوجوه ؟؟

سيار الجميل

2007 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


نسمع منذ اشهر باحداث تغيير في العراق .. ولكن لا احد يعرف طبيعته ، وما الذي ستقرر عمله الولايات المتحدة .. وخصوصا بعد ان يقدّم ديفيد بيتريوس قائد القوات الامريكية تقريره المحوري بمشاركة ريان كروكر السفير الامريكي ببغداد في منتصف سبتمبر القادم ، ليرى ما سيتضمنه التقرير عن الاوضاع السياسية والامنية الداخلية .. واعتقد ان التغيير المرتقب سوف لن يقتصر على اوضاع الامريكان ، بل سيكون داخليا واقليميا ودوليا .. ان التصدعات التي اصابت العملية السياسية لاسباب طائفية ومحاصصية ، والاخفاقات التي منيت بها الحكومة في معالجة الاوضاع ، وقيام ( العراق الجديد ) على اسس خاطئة منذ البداية .. قد فاقم المشكلات كثيرا ، خصوصا في ظل حكومة فاقدة للارادة ويمثّل اعضاءها تكتلات واحزاب متناحرة ناهيكم عن ان هيمنة المحتل بشكل مطلق ليس على الاداء الحكومي ، بل في صناعة التوجّه العام في الداخل والاقليم معا .. ولا ادري ما نفع زيارات لا نفع فيها ، يقوم بها مسؤولون عراقيون الى دول مجاورة لهم من دون اي معالجة حقيقية للمشكلات الداخلية التي تعصف بمصير العراق كله .
ان الرهانات الدولية التي تعّبر عنها المواقف الاوربية ممثلة بفرنسا والتي عبّرت عنها زيارة برنار كوشنير الى بغداد ستفتح الباب امام دول اخرى لبدايات من نوع جديد في الخريف المقبل .. ونحن نعلم بأن استراتيجيات المجتمع الدولي ازاء العراق تختلف جملة وتفصيلا عن رهانات دول الاقليم ، خصوصا بعد ان غدا العراق ضعيفا تتناهبه الصراعات والهيمنة والانقسامات الحادة .. فضلا عن اخفاقات العملية السياسية التي خلقتها عوامل غير بريئة . وان معالجة اوضاع العراق لا يمكنها ان تقتصر على تبديل وزراء او تغيير حتى وزارة ، بل تتطلب تغييرا جذريا لمجمل الاسس التي قامت عليها العملية السياسية نفسها ناهيكم عن مساهمة اقليمية ودولية بشكل جديد وغير معتاد كي تتوفر فرصة تاريخية يستطيع العراق بواسطتها ان يثبت قدرته على الحياة من جديد .
ان مأساة العراق لن يدركها بعد المسؤولون العراقيون الذين لا يعبرّون معا عن ارادة واحدة ، وان افتقاد اي مشروع وطني يجمعهم من اجل العراق جعلهم يهتمون في امور هامشية سوف لا تنفع ابدا ، وسواء اعيد فتح سفارات عربية ام لا ، فالمسألة ليست جوهرية ابدا بقدر ما يمكن ان تقدمّه دول الاقليم للعراق في لحظاته التاريخية الحرجة ، وعدم ترك العراق يتخبط في مآسيه وهي تتفرج عليه ، بل وهي تعلم علم اليقين حجم الاختراقات على ساحته من قبل دول مجاورة. لقد تبلور تغير في التوجهات الفرنسية بمجيئ ساركوزي الى حكم فرنسا .. ويبدو ان مشكلات شرق اوسطية عدة في طريقها الى الحلحلة بحكم هذا العامل . ان قرار مجلس الامن 1770 الذي تبناه اعضاء المجلس قبل اسبوعين تضمن توسيع دور الامم المتحدة في العراق وتشجيع مسائل المصالحة ومعالجة الدستور وتعزيز الدور الانساني ..
انني اعتقد ان الامم المتحدة لو نجحت باحياء دورها المنكمش في العراق ، فسيكون له تأثير ايجابي خصوصا وان يلعب كل من الفرنسيين والالمان والروس دورهم بعد معارضتهم للحرب . ولعل من اهم ما يمكن ملاحظته والتوجس منه تلك السياسة الزئبقية لروسيا ازاء العراق وتحولها بالكامل الى ايران لاسباب استراتيجية بحتة يلعب كل من النفط وهيمنة الولايات المتحدة دورا خطيرا في بلورة المصالح .. بل وتشابكاتها الاقليمية والدولية معا . ان اي تقارب اوربي امريكي بارادة مجتمع دولي ازاء العراق سيؤدي مهمته في ضرب اي استراتيجية اقليمية ضد العراق واختراقاته من قبل ايران التي تراهن على انقسام المجتمع الدولي ازاء العراق وخصوصا باللعب باوراق الشرق الاوسط في اكثر من مكان فيه بالمال والسلاح والميليشيات ! بل وان فكرة الميليشيات التي قامت ايران بتصديرها الى دول معينة مثل لبنان والعراق وخلق دويلات اوليغارية داخل الدول قد ساهم بتحطيم هذه الدول وخلقت فيها الانقسامات والصراعات ليس السياسية فحسب ، بل الاجتماعية ايضا .
ان اي تبديل او محاولة اصلاح في العراق لا يأخذ بنظره انهاء كل الميليشيات والتشكيلات المرتبطة بها سوف لن يصنف ابدا تغييرا نوعيا في سلم الاولويات .. وان ابقاء هذه القوى الاوليغارية المرتبطة بدول مجاورة سيعمل بالضرورة على تفتيت العراق ليس الى ثلاثة اقسام ، بل الى 18 كانتونا هزيلا بحكم تقسيم العراق الاداري الى 18 محافظة .. ان التغيير المنشود لابد ان يطال كل القيادات والتكوينات السياسية التي تقف على رأس تلك الميليشيات .. اي بمعنى الحاجة الى القطيعة التامة مع النهج الذي اتبعه العراقيون منذ العام 2003 ، والبدء بمنهج جديد . يعتقد العراقيون بأن هذا " الحل " فوق امكاناتهم بكثير ، بل ويستحيل تحقيقه من قبلهم ، فهم يمثلون انقسامات العراق . وعليه ، فان قدرة فهم المجتمع الدولي لجوهر الموضوع في معالجة وضع العراق تقول بأن من مصلحته جميعا اعادة الامن والنظام الى العراق بوسائل جديدة لاقامة توازن استراتيجي من نوع جديد . ان الاعتماد على حكومة هشة وانقسامية وطائفية تمثّل تكتلات واحزاب متصارعة ولا يجمعها منهج وطني واحد ولا اي نسيج اجتماعي موّحد.. فان ذلك لا يخدم المصالح الدولية ولا الاقليمية ولا العراقية ذاتها ابدا . وعلى البيت الابيض ان يدرك ان ( ديمقراطية ) فاشلة من هذا النوع لا يمكنها ان تكون بديلا عن ( دكتاتورية ) متوحشة من ذاك النوع .. وبأي حق يصارع اهل العراق الارهاب لوحدهم ؟؟ على الرئيس بوش ان يعلم ان ( الديمقراطية ) العراقية لا تبنى من خلال احزاب طائفية ولا دينية ولا عبر توجهات شوفينية وانقسامية .. ان تغيير النهج لابد ان يسبق تبديل الوجوه ! فكم سيطول زمن ايصال هذه الرسالة منذ 2003 حتى الان ؟
www.sayyaraljamil.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة