الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي بداية النهاية لحزب -العمل-؟؟

احمد سعد

2007 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


من الظواهر الجديدة على الساحة السياسية – الحزبية الاسرائيلية ان حزب "العمل" يواصل عده التنازلي وتسريع وتيرة سيره باتجاه احتمال تصفية وجوده كتنظيم مستقل!!
من المخاطر الجدية التي تهدّد نمط الدمقراطية المعمول به في اسرائيل، يبرز تضخيم دور الفرد على حساب تقزيم دور الاحزاب ومؤسساتها، والى درجة تمجيد دور الفرد واعتباره مؤسسة بديلة للتنظيم الحزبي التقليدي "هيئات مركزية ومنطقية ومحلية وكادر من المحترفين واملاك من نواد ومصالح اقتصادية..". ولعل تمجيد سياسة القوة والشوفينية العسكرية اضافة الى تقليد ونقل نمط كل ما هو امريكي السبب في نشوء وبروز هذه الظاهرة. ولا يدخل في هذا السياق الاحزاب التي افلست سياسيا واجتماعيا وفقدت المصداقية والضرورة الموضوعية لوجودها ومواصلة نشاطها. وقد عرفت الساحة السياسية الحزبية العديد من ظواهر "حزب الرجل الواحد" الذي نشوؤه وتطوره ارتبط بشخصية فرد، زعيمه، "شع نوره" في بداية الطريق، ثم ما لبث ان خفت بريقه، والبعض حتى اختفى من الوجود على الساحة السياسية، مثل "الحركة التقدمية"، و"سوبر ماركيت" كاديما الذي فتح شارون ابوابه، والحزب الدمقراطي العربي بزعامة عبد الوهاب دراوشة و"الحزب القومي العربي" برئاسة محمد كنعان، والحزب الوطني برئاسة هاشم محاميد وحزب التجمع الوطني برئاسة عزمي بشارة، بعضها اشبه بالدكاكين الموسمية تظهر في موسم الانتخابات وينكتم صوتها بعده، وبعضها مثل الفطريات تظهر في "موسم المطر" للاستفادة من "كرم شهر المرحبا"، وان سألت عن هوية هذه الدكاكين الفكرية والسياسية فالجواب لدى غالبيتها "حد الله بينها وبين الموقف الايديولوجي او البرنامج السياسي فالحداثة تتناقض معهما ولا حاجة بعد لهما"!!
من الظواهر الجديدة على الساحة السياسية – الحزبية الاسرائيلية ان حزب "العمل" يواصل عده التنازلي وتسريع وتيرة سيره باتجاه احتمال تصفية وجوده كتنظيم مستقل!! فحسب ما نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" في الثامن والعشرين من هذا الشهر ان رئيس الحزب ووزير "الامن" في حكومة كاديما – العمل ايهود براك وسكرتير الحزب عضو الكنيست ايتان كابل والوزير السابق موشيه شاحل ومحاسب الحزب الجديد موشيه عميت، قد اعدوا خطة "لاعادة تنظيم الحزب"!! وهذه ليست المرة الاولى التي يُجري فيها حزب العمل خطة اعادة التنظيم، فقد لجأ الى ذلك اربع مرات خلال العقد الاخير، ولكن ما يميز الخطة الجديدة "لاعادة التنظيم" التي يطرحها ايهود براك هو تحطيم وتصفية التنظيم القائم! والدافع الذي يتخذ ذريعة لاعادة التنظيم هو العبء الثقيل والكبير للديون التي يعاني منها الحزب والبالغة مئة واربعين مليون شاقل منها اربعة وخمسون مليون شاقل ديون للبنوك. ولتغطية هذه الديون تقترح الخطة ما يلي: اولا، طرد جميع العاملين من محترفين وموظفين بما في ذلك قدامى العاملين. ثانيا، اغلاق جميع فروع الحزب والانتقال الى الانترنيت 3) بيع جميع املاك الحزب، بما في ذلك الاراضي الزراعية، 4) بيع مركز الحزب في حي "هتكفا" في تل ابيب والانتقال الى خارج المدينة، وحسب واضعي هذه الخطة فان تنفيذها سيؤدي الى تسديد كل الديون في العام الفين وثمانية والوصول الى نقطة الصفر للبدء من جديد بميزانية متوازنة!!
صحيح ان الوضع الاقتصادي السيء، الديون الثقيلة، تؤثر سلبا على مدى انطلاقة ونشاط أي حزب جماهيريا وانتخابيا، ولكن ليس الى درجة تصفية التنظيم او مصادرة هويته المستقلة والتفتيش عن حضن آخر يرتمي ويندمج داخله. فبرأينا ان مشكلة حزب العمل لا تقتصر على الدافع الاقتصادي.
برأينا ان العوامل الرئيسية هي عوامل سياسية تتمحور حول حقيقة ان حزب العمل تخلّى تدريجيا عن كثير من الفوارق، حتى لو كانت غير جوهرية، والتي كانت تميزه عن حزب الليكود اليميني، واشغل عمليا خلال العقود الثلاثة الماضية مكانة ودور "ليكود ب" اليميني، فقد شارك الى جانب الليكود في اكثر من "حكومة وحدة قومية صهيونية" مارست الجرائم العدوانية الهمجية في المناطق الفلسطينية المحتلة من قتل واستيطان وهدم بيوت، وتخريب مزروعات وضد الاقلية القومية العربية الفلسطينية، في اسرائيل ضد المواطنين العرب. ومن ناحية اقتصادية فان حزب العمل تخلى حتى عن الرموز الشكلية التي كانت تربطه بالطبقة الكادحة بتخلّيه عن العلم الاحمر ويوم العمال العالمي اول ايار والانسجام مع قوى اليمين والليبرالية الجديدة في تأييد وانتهاج سياسة النيوليبرالية، اقتصاد السوق والخصخصة خدمة لمصالح ارباب الرأسمال وضرب مصالح ومعيشة الكادحين، من ذوي الدخل المحدود الذي ادى الى هذه الفجوات الواسعة والعميقة بين الاغنياء والفقراء في اسرائيل، حيث يوجد اليوم اكثر من مليون وستمئة الف انسان يعيش تحت خط الفقر في اسرائيل.
وتهميش الفوارق بين الليكود اليميني وبين العمل الذي كان محسوبا على انه يمين اليسار ادى في الانتخابات الاخيرة الى خروج بعض رموزه امثال شمعون بيرس وحاييم رامون وداليا ايتسيك وغيرهم ودخولهم "سوبر ماركيت" شارون – اولمرت، كما انه قبل معركتي انتخابات برلمانية خرج من حزب العمل بعض رموزه امثال يوسي بيلين وياعيل ديان وغيرهما وانضما الى حركة ميرتس اليسارية الصهيونية.
لقد استغل ايهود براك تدحرج حزب العمل يمينا ووجد الظروف مؤاتية خاصة بعد حرب لبنان العدوانية الفاشلة لتنفيذ خطته المذكورة. فايهود براك مكانه الطبيعي مع قوى اليمين المتطرف، وسجلّه الاسود حافل بمواقفه اليمينية العنصرية، وبوجهة نظره المعادية للنظام الحزبي وآلياته، فهو كان من المعارضين لاتفاقيات اوسلو، وهو من تواطأ وتآمر مع شارون بترتيب تدنيس شارون لارض المسجد الاقصى المبارك الذي ادى الى مجزرة الاقصى وهبة جماهيرنا الاحتجاجية.
ومن المعروف عن براك انه ضد التنظيم الحزبي، وعلاقته بالحزب كانت دائما من وجهة نظر انه السيء المفروض الذي لا مهرب منه كوسيلة لانتخابه، ولكنه لم يؤمن يوما بالحزب كقوة حقيقية، ولهذا ففي معركة انتخابات سنة 1999 البرلمانية استعان بمؤيدين له ليس من بين محترفي الحزب.
وسيعمل براك على استغلال اكثرية له بتحالفه مع بنيامين بن اليعيزر لتمرير خطته التي سيكون مدلولها السياسي، وهذا احتمال كبير بتصفية حزب العمل او الاندماج مع كاديما او الليكود. وعلى حد تقدير احد المسؤولين الكبار في حزب العمل (لم يذكر اسمه)، وكما اوردت صحيفة "يديعوت احرونوت" في الثامن والعشرين من شهر آب الحالي، قال عن قرار الخطة "هذا قرار فظيع، براك يستهدف كما يتضح، التخلص من حزب العمل، ولهذا فهو يصفي جميع رموزه.
وهذا من الممكن ان يكون المرحلة الاولى باتجاه الوحدة بين العمل وكاديما!! ونحن لا نستبعد هذا الاحتمال، خاصة وان الانتخابات المقبلة بعد حوالي سنة وشهرين، وبراك يدرك جيدا ان حزب العمل لم يعد بديلا سلطويا، وهو يشغل اليوم حقيبة "الامن" في حكومة ايهود اولمرت. كما يدرك براك ان اسهم ايهود اولمرت قد انخفضت كثيرا بعد حرب لبنان الفاشلة، كما ان حزب كاديما بدون شارون الراقد في غرفة الموت السريري قد انخفضت اسهمه ولا توجد ضمانة ان يبقى القوة البرلمانية الاكبر الذي سيلقى عليه مسؤولية تأليف الحكومة المقبلة. فعديد من مؤشرات تعمق الازمة السياسية في اسرائيل بعد حرب لبنان الفاشلة وارتفاع اسهم التطرف اليميني يشيران الى ارتفاع اسهم الليكود اليميني وزعيمه بنيامين نتنياهو. ولهذا فان اندماج حزب كاديما مع العمل من وجهة نظر ايهود براك قد يحفظ له في المستقبل حقيبة الامن. مع انه من حيث الهوية السياسية فان براك لا يعارض الاندماج مع الليكود، ولكن نتيجة للوضع الداخلي داخل حزب العمل فالاسهل له التوجه لكاديما وليس لليكود، وقد سبقه الى كاديما شمعون بيرس ورامون وغيرهما.
وفي نهاية المطاف فالحقيقة الساطعة ان حزب العمل قد افلس اقتصاديا وسياسيا ولهذا ليس من وليد الصدفة ان يطرح رئيسه ورفاقه في الموقف خطة "خلع السراويل" وتصفية الحزب واملاكه في المزاد العلني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز