الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في انتظار تقرير بتريوس

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2007 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



الجميع يحبس أنفاسه بانتظار تقرير بتريوس .. الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس بوش ، الحكومة العراقية ، الدول الإقليمية المحيطة بالعراق والقريبة منه، بل والعالم كله . وهذه الأخيرة ليست مبالغة بل هي حقيقة،إذ أن المنطقة لا تقع في احد القطبين، ولا في صحارى استراليا، ولا دولها جزر تربية أغنام كما في الفوكلاند أو جمهوريات موز كما في أميركا اللاتينية، بل هي تقع في قلب العالم، ودولها تحوي احتياطي العالم من الطاقة ومنابع النفط وأنابيب وموانيء وطرق تصديره إلى أميركا والغرب، وهي ايضا الجسر الذي يربط اقصر طرق العالم في نقل النفط والبضائع، المنطقة التي تمر عبر ثلاث مضائق فيها تجارة العالم وطاقته المحركة: قناة السويس، باب المندب، ومضيق هرمز.
إذن فالعالم كله يحبس أنفاسه انتظارا لذلك الموعد المقرر منذ أن تبين للأمريكان أن خطة فرض القانون التي اخذوا على عاتقهم فرضها لتتفرغ الحكومة العراقية لما اشترطوه عليها من تحقيق ما أطلق عليه وقتها بالمصالحة الوطنية وحل المليشيات ، لم تؤت ثمارها رغم تعاقب الأيام والشهور. وأنهم – أي الأمريكان- اضطروا إلى الاعتماد على عشائر وقيادات عسكرية سابقة كانت الإدارة الأمريكية ترفض مبدئيا التعامل معها ناهيك عن دعمها وتسليحها، الأمر الذي أثار حفيظة بعض أطراف العملية السياسية وعلى رأسهم رئيس الوزراء ومستشاريه الذين وجدوا في هذا التوجه ربما خطوة أولى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وقد نجحت القيادة العسكرية الأمريكية في هذا التوجه حتى الآن في استقطاب اؤلئك القادة العشائريين والعسكريين وان تحد بواسطتهم من نشاط القاعدة ومنظمات مسلحة راديكالية أخرى في مناطقهم التي كانت منطلقات للقاعدة ولتلك المنظمات.
الرسميون العراقيون يتعاملون مع الموضوعة الأمنية من خلال نظرة حزبية وأحيانا فئوية ضيقة ولذلك فقد فشلوا في تحقيق شيء مما وعدوا به، فيما نجحت الإدارة الأمريكية حتى الآن لأنها تعاملت مع المشكلة من منظور الواقعية الجغرافية والسكانية التي لا يمكن إغفالها آو تجاوزها، ليس بالنسبة للعراق أو الإقليم بل بالنسبة للعالم كله وما يترتب على هذا من استحقاقات، وأيضا من منظور اتسم بالحيادية وهي بالتالي حققت بواسطة هذا التوجه الكثير من النجاحات التي تخدم مصالحها وتوجهاتهان وهذا درس بليغ في السياسة على الساسة العراقيين ان يعوه جيدا.
إدارة الرئيس بوش وإدارة حزبه تريد الخروج من المأزق بأي ثمن حتى لو جاء هذا الثمن على حساب الحلفاء،فلطالما تركت إدارات أمريكية سابقة حلفاءها في بلدان عديدة إلى مصيرهم تقضي فيه شعوبهم، وربما كان هذا هو فحوى ما جاء في خطاب بوش قبل أسبوعين وهو يتحدث عن مصير رئيس الحكومة المالكي والذي أجبرته اللياقة أن يتراجع عنه فيما بعد.
وحتى ذلك الحين يمكن للمراقب أن يؤكد ان العقدة لن تحل على المدى القريب كما توقعت الإدارة الأمريكية فالتعقيدات العراقية المحلية والإقليمية ليست بالبساطة التي تصورها الرئيس بوش حين قرر الحرب على العراق.
فالعراق وكما كررنا مرارا في كتابات سابقة ومنذ البداية ليس جزيرة سياحية عائمة في المحيط الكاريبي .
العراق يحيط به جيران يتردد صدى ما يجري فيه بين جنبات دولهم، وهو بوابة العرب حتى عمقه على ضفة الأطلسي البعيدة، وهو في المباديء الإستراتيجية عنصر توازن مهم وضروري في المنطقة أمام تطلعات دول إقليمية فيها هي إسرائيل وإيران وتركية.
جيسيكا ماثيوس رئيسة معهد كارنيجي للسلام الدولي بواشنطن تقول : "إن الوصول إلى حلول سياسية نهائية مرضية للفصائل العراقية المختلفة لن يحدث إلا عندما يكون لدى هذه الفصائل والطوائف يقين تام بأن القتال غير مجدي وان طاولة المفاوضات المكان الأنسب لا حرب الشوارع ولكن هذا لن يتم بحلول سبتمبر القادم أو حتي الربيع العام القادم ، هذا التوقع مبني على ما يقوله لنا التاريخ فمنذ عام 1945 حتى الآن لم تقل مدة الحروب الأهلية عن عشرة سنوات حتى في ظل التدخل العسكري الأجنبي.".
إذن فهناك تشاؤم استباقي مبني على معطيات ورؤى واقعية يجب الالتفات إليها وليس تجاهلها أو إغفالها كما تفعل النعامة حين تدفن رأسها في الرمال .
إن طبيعة الأطراف المتصارعة في الساحة العراقية وأشكال الدعم الإقليمي الذي تتلقاه هما ما يحددان طبيعة وقوة وتأثير تلك الاطراف وبالتالي تحديد شكل المرحلة القادمة وليس كما يظن الرئيس بوش أو يعتقد بأن آلته الحربية ومواعيده المقدسة إلى الحكومة العراقية التي يبدو أنها تسعى هذه الأيام للتخلص من شرنقة ائتلافها من اجل استمرار بقاءها هما ما يحددان طبيعة المرحلة القادمة التي يتمناها .
إن لجوء الإدارة الأمريكية إلى العشائر العربية في المناطق الساخنة وبالضد من اصرار الحكومة على استبعادهم ، وكذلك توجيهاتها الى الحكومة العراقية على تغيير قانون اجتثاث البعث ، وكذلك إلى إعادة القادة العسكريين السابقين، كل هذا يعد اعترافا ضمنيا على فشل السياسة الأمريكية طيلة الأربع سنوات الماضية، وتراجعا واضحا عن قرارات إدارة بول بريمر الكارثية وإقرارا بفشلها .
ما يلاحظه المراقب حتى الان أن كل هذه المتغيرات والحكومة العراقية ما زالت تصر على أن يأتي الحل من خلال العمليات العسكرية فيما عليها التفكير جديا بالجوانب الأخرى الأكثر تأثيرا وهي الجوانب الاقتصادية والسياسية.
إن حل المشكلات الاقتصادية للعراقيين ومعالجة الأوضاع الخدمية والتعاطي مع ظاهرة البطالة عبر صناديق الضمان الاجتماعي إلى أن تتحرك عجلة الأعمار المتوقفة بسبب سوء وتدهور الأوضاع الأمنية والفساد الإداري والمالي،سوف يحد كثيرا من العنف الذي يأخذ إشكالا متعددة كما أن خلق توازنات سياسية ما بين الأطراف جميعها والتعامل معها بحيادية بغض النظر عن الانتماء الطائفي سواء كان مذهبيا أم قوميا سيسهم إسهاما مباشرا في طمأنة شرائح المجتمع كافة باعتبار ذلك مقدمة لاستعادة السلم الاجتماعي ما بين شرائح المجتمع العراقي.
والى أن يصدر التقرير المرتقب فان رؤى الأطراف جميعها وتصوراتها للمستقبل تضل رهانات في المجهول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ