الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برنامج الاتجاه المعاكس بين جدل الهويات والتنظير القومي المتطرف

نديم علاوي

2003 / 10 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

ما يسجل لقناة الجزيرة كسبق يشهد له , هو ريادتها  كأول قناة عربية تمكنت من تخطي حاجز الممنوعات, وتناولها لموضوعات كان تداولها محرما أو يجري في نطاق ضيق وأحيانا خلف الكواليس خوفا من غضب السلطات أو عدم إثارة هذه الجهة أو تلك. وحسنا فعلت في أثارتها لهذه الموضوعات , كونها تشكل هما مركزيا وحالة وطنية وإنسانية  لأنها تخص فئات وطنية لعبت وتلعب دورا كبيرا في رسم الهوية الوطنية والحضارية للبلدان التي تعيش فيها. و قضية الأكراد في العراق هي إحدى هذه القضايا التي جرى تغييبها عن قصد أو عن غير قصد مما أساء إليها كثيرا , تارة على يد الحكومات العراقية اللا وطنية وتارة على يد بعض القيادات الكردية اللا وطنية أيضا ..ويرجع الفضل الكبير للدكتور سليم مطر في تسليط الضوء أخيرا على هذه القضية الحساسة مما أثار ضده حملة ظالمة وشرسة من العروبيين و القوميين الأكراد على حد سواء. والسبب هو أن الدكتور مطر فند طروحات العروبيين والقوميين الأكراد الخاطئة وتناول القضية بروح أكاديمية وحيادية..وللأمانة القول أن أشد الحملات عنفا ضد السيد مطر جاءت للأسف من المثقفين الأكراد اللذين وقعوا في مطب الخلط بين حيادية المثقف ورسالته التنويرية , وشعارات السياسي وخطابه المباشر والغير الحيادي... والمؤسف جدا أن غالبية المثقفين الأكراد مارسوا دورا مزدوجا في تناولهم لمشكلة التنوع الفئوي في العراق وبقي خطابهم أسيرا لبرامج قيادات الأحزاب القومية الكردية المتطرفة ولم يلحقوا بأخيهم المثقف العربي ـــ الغير سلطوي ـــ الذي تجاوز هذه الإشكالية وأطر خطابه الثقافي بإبعاد فوق قومية وذات طابع وطني , أنساني عام.

وما يزيد الأمر تناقضا أن نلحظ أن الكثير من المثقفين الأكراد يساهمون بدور فاعل ونشط في إغناء الثقافة العراقية بكل ما هو جميل ورائع وأنساني في الأدب والفن والعلوم وغيره جنبا إلى جنب مع زملائهم من المثقفين العراقيين العرب وغيرهم ... إلا أن أقلامهم ورؤاهم تتضبب وتتضاءل عندما يتعلق الأمر بمواقفهم من القيادات القومية الكردية وعلى وجه التحديد حزبي السيدين برزاني وطالباني وأجندتهم السياسية , وهنا تختلط عليهم الصورة فيصبح  الدفاع عن القيادات القومانية , الشوفينية التفكير والطموح, والقمعية في ممارسة العمل السياسي ....يصبح الدفاع عن هذه القوى متلازما وقضية الدفاع عن طموحات الشعب الكردي الإنسانية والتي لا تختلف عن طموحات أي شعب في الحياة الحرة والكريمة. وتزداد حساسية هذه الفئة المثقفة بشكل مثير جدا عندما يأتي النقد للزعامات الكردية اليمينية من مثقفين عراقيين عرب , حيث تغدق عليهم الاتهامات الجاهزة  بمعادة وكراهية الشعب الكردي ..الخ , في الوقت الذي يحق للمثقفين الأكراد تعرية زيف الزعامات القومية العربية المتطرفة ) وهذا عمل وطني وشريف ( وفي أحيان كثيرة إساءات متعمدة لكل ما هو عربي, دون أن يعني هذا بنظر المثقفين العرب عداءا أو تجنيا من المثقفين الأكراد ضد إخوانهم من أبناء القومية العربية!

وأن عدنا لحوار قناة الجزيرة يوم الثلاثاء المنصرم بين الدكتور سليم مطر والكاتب شيرزاد عادل اليزيدي,  سنجد أن هناك تطابقا في وجهات النظر بين السادة المتحاورين فيما يخص صدق النوايا في العمل من أجل عراق ديمقراطي تتمتع فيه كافة الفئات بجميع الحقوق دون تمييز... ولكن ؟؟؟ هل أن القرار السياسي سواء جاء من ما يسمى بمجلس الحكم المعين أو من خلال حكومة ديمقراطية كاف للوصول إلى هذا الهدف السامي والنبيل, وتحقيق ما يصبوا ويسعى إليه الجميع؟ وهل يمكن أن يسدل الستار بقرار سياسي توفيقي على قضية شكلت نزيفا خطيرا ودائما لصيرورة الهوية العراقية ولوجود الدولة العراقية ككيان يتمتع بالسيادة والاستقلال  على مدى عقود طويلة؟؟؟؟

هذا ما سيرد عليه السياسي بالإيجاب قطعا وبدون تردد.. ولكننا ننتظر جوابا من المثقف  وليس السياسي... وهنا يكمن جوهر المشكلة التي تعٌثر حلها على مدى عقود..لأنها تحولت إلى بضاعة بيد السياسي الذي أحسن عملية التلاعب بها وتوظيفها لمصلحته وفق تقلباته و أهوائه. أما المثقف الكردي فقد حُجم دوره أو تحول إلى أداة بيد القوى القومية المتطرفة ,  يخدم مشروعها المشبوه والغير الواقعي والمضر بمصالح الشعب الكردي و الشعب العراقي عموما, ولا داعي للتذكير بأن هذه القوى القومانية ليست مؤهلة بالأساس للعب أي دور تاريخي مصيري بسبب من ماضيها الانتهازي و اللا وطني, وولعها بتغيير جلدها حسب الظروف , وتغيير تحالفاتها وارتباطاتها بحجة ضيق اليد تارة,  وتكالب الجوار وتأمر الدول الكبرى تارة أخرى, حتى تحولت إلى مجموعة من السماسرة والأفاكين حالها حال بعض قادة الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة العريقين والذين تحولوا هم بدورهم إلى أداة سهلة و طيعة بيد المحتل على الضد من إرادة فئات الشعب العراقي المختلفة.

 ولا أدل من حقيقة أن همها الوطني ــ أي القوى القومانية الكرديةـــ أختزل إلى برلمان كرتوني يعرف الجميع انه غير شرعي ولا يختلف عن أي برلمان من برلمانات الدول العربية المزيفة .. ومتى أسست القيادات القائمة على الوراثة الحزبوية والانتماءات العشائرية لبرلمانات ديمقراطية نزيهة؟؟؟

أن وضع اليد على لب القضية لا يتم عبر الترديد الممل لحكاية الآلاف من الضحايا والأنفال وحلبجة ووو ..الخ  ـــ لاسيما وأن المليشيات الكردية كانت دائما طرف في كل النزاعات العسكرية الخارجية ضد الدولة العراقية ـــ وإلا لانشغلنا نحن العرب وغيرنا من الفئات المحلية العراقية الأخرى قرونا بالحديث عن المقابر الجماعية والسجون وحفلات الإعدام والنفي والتشريد..الخ ..بل أن المصارحة وأشراك الجميع في إشكالية الحوار الغائب الحاضر, واعتماد الشفافية وخاصة ما يسعى إليه المثقفون الشجعان أمثال الدكتور سليم مطر كفيل بإزالة الغموض عن حقيقة ازدواجية الهوية العراقية , لغرض تأسيس شراكه حقيقية لأمة وطنية عراقية, ذات هوية وطنية نقية , لا التأسيس من جديد لشراكات سياسية نفعية أثبتت التجارب ا لسابقة فشلها , شراكات أوصلتنا إلى عواقب مأساوية وخيمة وأخرها الاحتلال البغيض لبلادنا الذي لعبت القوى القومية الكردية المتطرفة دورا رئيسيا في التمهيد له والبناء عليه لتعميق نزيف الوطن وتقطيع أوصاله.
 وفي هذا السياق لابد من تسجيل كلمة شكر وتقدير للبروفيسور الكردي المعروف كمال مجيد الذي دعا في مكالمته التلفونية الجميع عربا وأكرادا وفئات أخرى إلى الاستفادة من دروس الماضي و رص الصفوف لمقاومة المحتل الغاشم ... لأنه من المنطقي أن لا هوية وطنية في أرض يدنسها عدو مارس ويمارس عملية تدمير منهجية شاملة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا.


 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرق الأوكراني في قبضة روسيا.. الجيش الأوكراني يواجه وضعا -


.. رأس السنوار مقابل رفح.. هل تملك أميركا ما يحتاجه نتنياهو؟




.. مذكرة تعاون بين العراق وسوريا لأمن الحدود ومكافحة المخدرات


.. رئيس الوزراء الأردني: نرفض بشكل كامل توسيع أي عمليات عسكرية




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام تنفذ سلسلة عمليات نوعية في جبالي