الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيطفئ برد فنلندا القطبي نار الصراع الطائفي في العراق ؟

يوسف ابو الفوز

2007 / 9 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مع تدهور الاوضاع الامنية في العراق ، وتعثر الحالة السياسية ، وبروز الازمات بشكل متعاقب، برزت الدعوات لتدويل الازمة العراقية ، واعتبر كثيرون ان تصويت مجلس الامن الدولي مؤخرا لصالح قرار يمنح الامم المتحدة دورا سياسيا موسعا في العراق لتعزيز المصالحة بين طوائفه المتناحرة والحوار مع دول الجوار ، يأتي كجزء من هذه الدعوات . فنلندا البلد الصغير ( 5 ملايين نسمة ) المرمي على حافة القطب الشمالي ، رغم شتاءها الطويل البارد ، ونهاراتها القصيرة ، الا انها احتلت مكانا بارزا في الصراعات السياسية العالمية ، منذ ايام "الحرب الباردة" والصراع بين القطبين المتناحرين ، الامريكي والسوفياتي ، وعملت لتكون وسيطا على الحياد ، ومن هنا كانت المكان المناسب لعقد اتفاقية اتفاقيات هلسنكي ، التي توصل إليها "مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا " خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ، حيث ضمنت تعاونًا مُتزايدًا بين دول شرق أوروبا وغربها ، وتوج ذلك بتوقيع كندا، والاتحاد السوفييتي (سابقًا)، والولايات المتحدة الأمريكية، و32 دولة أخرى معظمها أوروبية على الاتفاقية الرئيسية في العاصمة الفنلندية هلسنكي ، وذلك في الاول من اب 1975 ، الاتفاقية التي لعبت دورا بارزا في الحفاظ على السلام العالمي . هذه المرة ، تريد فنلندا ان تاخذ دورها ، في تهدئة الازمة السياسية في العراق ، وجاءت الدعوة للحوار والتفاهم من منظمة " المبادرة لادارة الازمات " (Crisis Management Initiative) ، وهي منظمة فنلندية ، مستقلة ، مقرها العاصمة الفنلندية ، هلسنكي ، وتتمتع برعاية معنوية ومادية ، من الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية ، ويسجل لهذه المنظمة انها نجحت في جمع اطراف النزاع في اندنونسيا الى طاولات مفاوضات ، في مفاوضات استمرت لفترة خمس جولات مضنية ، وانتهت في 15 اب 2005 بتوقيع اتفاق حدد انهاء الصراع بين المعارضة المسلحة والحكومة الاندنونسية ووضع حدا لمخاطر نشوب حرب اهلية في البلاد . منظمة " المبادرة لادارة الازمات " ، والتي تعرف في وسائل العلام ، بمختصر اسمها (CMI) ، والتي تؤمن باهمية معالجة الازمات من خلال الحوار وتؤمن بالترابط بين الامن والتطور الاجتماعي الحضاري ، اسسها عام 2000 ، ويرأسها حاليا ، الرئيس الاسبق مارتي اهتي ساري ، وذلك بمجرد انتهاء ولايته لرئاسة الجمهورية الفنلندية ، والتي بدأت بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 1996 . والسيد اهتي ساري ، من الزعماء التقليديين للحزب الديمقراطي الاجتماعي الفنلندي ، وهو معروف للعراقيين بشكل جيد، فقد كان مبعوث الامم المتحدة الخاص الذي زار العراق ، بعد طرد قوات صدام حسين من الكويت ، واطلع على حقيقة الدمار الذي الحقته قوات الولايات المتحدة الامريكية بالبنى التحتية للعراق ، وقدم تقريره الى الامم المتحدة ( نشر في حينه في طريق الشعب ) ، والذي انتقد فيه بشدة سياسة الولايات المتحدة الامريكية ، واشار الى ان اعمالها العسكرية في العراق تعدت حدود طرد قوات صدام من الكويت . والرئيس اهتي ساري ، الذي يحتل حاليا موقع المبعوث الخاص للامم المتحدة لحل الازمة في كوسوفو ، سوف لن يحضر اللقاء المرتقب بين السنة والشيعة من العراق ، الذي سيعقد في فنلندا مطلع ايلول القادم ، وحيث اعلنت وزارة الخارجية الفنلندية انها لن تكون طرفا رسميا في اللقاء ، رغم مباركتها له . التلفزيون الفنلندي في نشرته الصباحية ليوم 22 اب 2007 ، اذاع خبر اللقاء المرتقب ضمن نشرته الاساسية الصباحية ، وكان ايضا الخبر الاساس في صحيفة ( هلسنكي سانومات ) اكبر صحف البلاد (توزع 3 ملايين نسخة ) والقريبة الى المصادرالحكومية ومراكز صناع القرار . واشارت التقارير الاعلامية ، الى ان الاجتماع سوف لن يحضره اي مسؤول من الحكومة العراقية * ، وسيقتصر على مشاركة برلمانيين وبعض القادة الحزبيين ، من السنة والشيعة ، وبدون اي مساهمة من الجانب الكوردي، وسيكون اللقاء على شكل حلقة دراسية للتفاهم ، اكثر منه لقاء مفاوضات ، ومن اهدافه التعرف على تجارب الاخرين ، عبر محاضرات ستقدم عن نزاعات مماثلة في شمال افريقيا وشمال ايرلندا . ولا اعتقد ان اللقاء سينجح في ايجاد حلول للازمة السياسية في العراق ، لكون اللقاء لا يشمل كل اطراف النزاع في القضية العراقية ، ولكون اللقاء اسأسا ينظر الى الازمة العراقية من باب الصراع الطائفي بين السنة والشيعة ، ويلغي كل اسس الصراع ومكوناته الباقية ، وايضا لكون المساهمين في اللقاء بالاضافة الى كونهم كما هو متوقع من الاطراف الثانوية ، وغير الاساسية ، فهم سوف لن يكون بامكانهم التاثير على اصحاب القرار في الصراعات الدائرة داخل العراق باسم الطائفة في حين ان الاساس الحقيقي لهذه الصراعات هو من اجل السلطة والمصالح والثروة ، هذا من غير ان اللقاء المرتقب سيكون لقاءا مغلقا ، بدون اي شفافية ، حيث لا يسمح بالدخول اليه حتى للصحفيين ، وسيكون بدون مساهمة ما من ابناء الجالية العراقية المقيمين في فنلندا ، حيث لم يعلن بعد عن طريقة ما لمساهمتهم ونوعها ان وجدت . السيدة ماري يارفا من منظمة " المبادرة لادارة الازمات " ، قالت لنا ، في حديث هاتفي ، ان كل هذه الاجراءات الصيانية المتشددة ، وعدم ذكر اي معلومات عن اسماء ومكان وتأريخ اللقاء ياتي في اطار الاجراءات الامنية المشددة بسبب الاوضاع الامنية في العراق ، وهي تعتقد ان اللقاء سيكون مناسبة جيدة لتبادل وجهات النظر . وهكذا ، وبغض النظر عن عدد ونوعية مواقع المساهمين في اللقاء ، لكن ثمة سؤالا يبرز امام المتابع والمواطن العراقي المنتظر لنتائج اللقاء المرتقب : هل سيتمكن برد فنلندا القطبي ، في تهدئة نيران الصراع بين الخصوم ؟ نأمل ان اللقاء سيساهم في تعليم المتحاورين شيئا من فن الحوار بالكلام والحجج بدلا من الحوار بالبنادق والهاونات ؟؟

سماوة القطب
22 اب 2007



* ملاحظة متأخرة : اعلن مؤخرا ان السيد اكرم الحكيم ، وزير الحوار الوطني في الحكومة العراقية الحالية ساهم في الاجتماع المذكور .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر