الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسيه ... والتجربه السوفيتيه 4

فواز فرحان

2007 / 9 / 6
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يتسائل اليوم الكثير من المحللين عن الاسباب التي دفعت المشاركين في المؤتمر السابع والعشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عام 1986 للتصويت بالاجماع على برنامج الاصلاح وعملية اعادة البناء اللذين طرحهما غورباتشوف وخط بداياتها الاولى اندروبوف , ومعظم المشاركون في ذلك المؤتمر كانوا قد درسوا جيدا كراس البيروسترويكا
قبل المشاركه فيه والاغلبيه كانت تتفق مع غورباتشوف في تحليله النقدي الدقيق لاسباب الخلل في الاداء الاقتصادي والسياسي للدوله وكانت جميع الاحتمالات مطروحه امامهم بما فيها احتماليه اعتماد جمهوريات الاتحاد كل منها على حدى على نفسها في ادراة اقتصادها وهذا ما لم يكن يحدث بقوة دون حصولها على استقلاليه سياسيه تتيح لها المباشرة بهذه المهام اي ان احتمال استقلال الجمهوريات والتفكك كان واردا وحتميا لدى الاغلبيه التي صوتت على هذين البرنامجين , ويعتقد البعض بمن فيهم الحزب الشيوعي العراقي ان غورباتشوف رغم تشخيصه الدقيق للاخطاء التي سادت تطبيق الاشتراكيه في الاتحاد السوفيتي طوال العقود المنصرمه الا انه لم يقدم بديلا وهو كما ارى لا يتفق مع الواقع ولا يقترب منه بشئ لان عمليه اعادة البناء لها ابعاد اقتصاديه واجتماعيه وسياسيه تترك تأثيرها ليس على جمهوريات الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقيه فحسب بل على صعيد العالم , لقد اسهمت البيروسترويكا في ايصال العالم الرأسمالي الى النقطه التي طالما تحدث عنها ماركس ومن بعده لينين في تحليلاتهما لتطور النظام الرأسمالي وهي مرحلة تكالب الشركات الاحتكاريه فيما بينها على النفوذ والاسواق وافتراسها لبعضها البعض وكذلك وضعت الرأسماليه بقياداتها السياسيه امام مواجهه مباشره مع الرأي العام العالمي والمجتمع البشري بعد ان اخلت الساحه من الشماعه التي كانت الدول الرأسماليه تعلق كل اخطاءها وتبريرات اعمالها المعاديه لحقوق الانسان المتمثله بالاتحاد السوفيتي ..
لا يرغب معظم معتنقي الفكر الماركسي من النظر الى التجربه السوفيتيه من هذه الزاويه على اعتبار ان ذلك يمثل ابتعادا عن الفكر الماركسي لان العمليه ادت في النهايه الى تلاشي الحلم الاشتراكي السوفيتي من الساحه ولكن الكثيرون منا يعلمون انه لم يكن هناك فكرا ماركسيا يسترشد به عند اغلب رجال القياده السوفيتيه منذ منتصف الخمسينات وحتى لا نظلمهم نقول ان تركيزهم على العامل الخارجي جاء على حساب التركيز على الفكر والاسترشاد به والانغماس في التسابق والصراع مع العالم الرأسمالي بطريقه ادت في النهايه الى احداث ازمة اقتصاديه خانقه في معظم قطاعات الدوله الاشتراكيه , ولم يكن امام غورباتشوف الا الوقوف عند تفاصيل الاسباب التي ادت الى الازمه لاستأصالها من الجذور, ولكن هناك اسئله كثيرة لا تزال حتى يومنا هذا بحاجه الى اجوبه وهي اذا كان غورباتشوف كما يعتقد البعض صنيعه غربيه لماذا ابقى القيادات الشيوعيه المتشدده على رأس الحكم في كل دوله تمكنت من نيل استقلالها بعد تفكك الاتحاد من امثال حيدر علييف واسلام كريموف ونزار باييف وليونيد كوتشما ؟؟ واذا كان تفكك الاتحاد السوفيتي جرى عمليا بتلك الطريقه التي يتصورها البعض والتي ادت الى انهيار مؤسسات الدوله وسيطرت المافيات عليها لماذا لم نسمع عن بيع هذه المافيات على سبيل المثال اسلحة متطورة لدول العالم حتى تجمع الاموال طالما ان الدوله تفككت واصبح فيها كل شئ سائبا؟؟
لماذا احتفظت الدول المستقله عن الاتحاد برجال المخابرات السابقين ؟
ان مجرد التفكير في الطريقه التي ادت الى تفكك الاتحاد تقودنا الى الاساس الذي بنى غورباتشوف عليه فكره لعملية اعادة البناء والاصلاح , كان من الواضح ان تنجم عن العمليه جمله من المتغيرات والمشاكل التي ستفرزها للسطح البيروسترويكا وبلا شك ان التعامل معها ايضا قد تمت مناقشته على اساس افرازات المرحله اللاحقه والطرق الملائمه للتصدي لها ..لم تسلط الاضواء على ان غورباتشوف درس الماركسيه جيدا واراد تفعيل العوامل الماديه للتعجيل بانهاء الرأسماليه وسيطرتها على المجتمع البشري من خلال تركها في الساحه لوحدها لتواجه مصيرها وهي المرحله التي لم يكن يتوقع احد من منظري الرأسماليه حدوثها بهذه السرعه وادت ايضا الى تخبط بين صفوفهم وبروز المتشددين منهم الى السطح وممارسة ادوارهم بشكل علني مما سهل ايضا التعرف على طبيعة الافكار والتوجهات التي تتحكم بنمط تفكيرهم ..
في السابق كان من الصعب على الدوله السوفيتيه تجهيز دوله ما بصواريخ متطوره لان ذلك كان يؤدي الى ازمة تهدد بحرب نوويه كما حدث في ازمة الصواريخ السوفيتيه الى كوبا اما اليوم وفي ظل البراغماتيه التي تمارسها الدوله الوريثه للاتحاد فأن بأمكانها حتى بيع المفاعلات النوويه واذا رفضت اية دوله فان روسيا تطالبها بثمن الصفقه للتخلي عنها وهو ما يجعل الولايات المتحده والعالم الرأسمالي يتراجع عن مطالبه لروسيا وكذلك تفعل الصين وتحاول دول كثيره متقدمة السير بنفس النهج لتقويض السيطرة الامريكيه على العالم وابطال مشاريعها ,كان من الصعب ابقاء الامور تسير بتلك الطريقه القديمه وحتى النظام الاشتراكي الذي كان يطبقه الاتحاد السوفيتي اصبح متهالكا في الفترة الاخيره وكان يتوجب اخراج للعلن فكرة تجعل من الاصلاح امرا ممكنا والا فان الاوضاع كانت تسير نحو نقطة تهدد وجود الاتحاد السوفيتي بطريقه مختلفه وكان من الممكن ان تحدث فيه هزة كتلك التي حدثت في تيمشوارا في رومانيا ,ابراز المشاكل للعلن لمعرفتها والتعامل معها والعلانيه لم تأت الا لتجد هذه الدول مشاكلها كما هي على ارض الواقع بعد ان كان التعتيم يمارس لاخمادها حفاظا على هيبة الدوله السوفيتيه , اما اليوم فان هذه الدول ادركت جيدا موقع اقتصادها على الخارطه العالميه ادركت موقع عملتها وكذلك ادركت حجم الموارد التي تحويها الدوله والعمل على استثمارها بأفضل الطرق لجعلها مفيدة تصب في اعادت هيكلة اقتصادياتها وتطويرها والتعامل مع الغرب كما يجده البعض جريمه في هذه الحاله لم يعد كذلك فجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بحاجة لتطوير مصانعها من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثه الم تبني شركة سيمنس الالمانيه اغلب مصانع الولايات المتحده ومنشأتها ؟؟ اين العيب في ذلك ؟ ثم هل يستطيع المجتمع البشري التقدم الى امام دون التعاون والتبادل فيما بينه ؟؟ لقد اثبتت التجربه ان عمليه الاعتماد الكلي على النفس كما هو الحال في التجربه السوفيتيه ساهم في تأخير الكثير من المصانع والشركات التي كانت تسهم في تلبيه حاجات المجتمع وبالمقابل فأن التجربه الصينيه في بناء الاقتصاد الاشتراكي وتنوعها في التعامل مع الشركات العالميه قادها الى موقع ربما افضل من الاتحاد السوفيتي وجمهورياته بكثير ..ربما لم يكن غورباتشوف يقصد تجديد الاشتراكيه بالمعني الذي تصوره البعض وهو تطوير المصانع الانتاجيه ودفع عجلة الاقتصاد السوفيتي بنفس العناصر وهو ما كان مستحيلا لان الوضع الاقتصادي الداخلي الذي ورثه غورباتشوف يختلف عن ذلك الذي نشأ بعد الحرب العالميه الثانيه ومكنت ستالين من بناء الاقتصاد والدوله بشكل عملاق وناجح لاسيما وان التركه خلفت لغورباتشوف ميزانيه مثقله بعشرات المليارات من الديون لصندوق النقد ونادي باريس ..فأختار الطريق الذي يمكن هذه الدول وشعوبها من التخلص من الازمة الاقتصاديه ليس عن طريق الصدمة بل عن طريق مواجهتها لمشاكلها بعلانيه وايجاد الحلول لها وصياغة برامج اقتصاديه ناجحة تسهم في جعل هذه البلدان منتجه بالفعل ..
لقد برزت الى السطح الكثير من المشاكل الاقتصاديه والاجتماعيه لا سيما في عهد تشوبايس لكن ذلك اشر الى ظاهرة صحية اكثر من انه يعصف بكيان المجتمع والاموال التي تم تهريبها الى خارج روسيا في عهده لا اعتقد انها تمت دون علم الدوله وجهاز مخابراتها وكذلك فأن اغلب المتذمرين من العهد الشيوعي هاجروا الى الغرب واصبحوا يرفدوا الدوله بالعملة الصعبه وتحول وجودهم العاق في تطوير المجتمع الى وجود يسهم في القضاء على الازمة ولو بالنزر اليسير وكذلك العقود التي وقعتها روسيا واوكرانيا مع معظم الدول الغربيه لتطوير المصانع ومحطات الفضاء بعشرات المليارات تذهب اغلب عوائدها الى بلدان اوربا الشرقيه التي خصصت لها الدول الغربيه عشرات المليارات لتطويرها وجعلها متوازيه مع باقي دول الاتحاد في مختلف جوانب الحياة ..
لقد اسهمت البيروسترويكا الى حد بعيد في تغيير وجه العالم وفرضت واقعا جديدا ادى الى انسحاب الاشتراكيه من الساحه لبعض الوقت والتقاط الانفاس بعد ان ارهقتها الحرب البارده , فتجديد الاشتراكيه يعني عمليا عدم افساح المجال لاستغلال الانسان وقواه بطريقه تسلبه حريه وانسانيه ,ونضال هذا الانسان في سبيل حقوقه يجب ان لا يقتصر على استلهامه بتجارب دوله اشتراكيه فحسب او ان ينتظر عونها بل يجب ان يتحرك بأتجاه تحقيق مطالبه من خلال وحدة العمال وقضاياهم في العالم والحرب البارده كانت تمنع هذه الوحدة لاسباب سياسيه بحته اما اليوم فانها واقع وتتحرك معظم المنظمات والحركات العماليه في العالم دون اذن من احد لمساندة نظيراتها في باقي انحاء العالم ...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة خلال مؤتمر حزب ال


.. الشرطة الألمانية تستخدم رذاذ الفلفل ضد متظاهرين أمام مؤتمر ا




.. حزب العمال يعد بفرض ضرائب على المدارس الخاصة لتمويل التعليم


.. مخاوف من فوز اليمين المتطرف.. فرنسا تقترع في انتخابات تاريخي




.. دبلوماسيون فرنسيون: فوز اليمين المتطرف في الانتخابات سيضعف ف