الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالله كيول : صدام إقترح علينا العمل معا لأبادة الأكراد جميعا

جبار قادر

2003 / 10 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كشف وزير خارجية تركيا في مؤتمر وزراء خارجية الدول الأسلامية في ماليزيا و في معرض دفاعه عن خطط بلاده لأرسال القوات العسكرية الى العراق و الرد على إعتراضات العراقيين و بخاصة الكرد منهم عن جانب من المخطط الجهنمي لصدام حسين و الذي كان يقضي بأبادة الجنس الكردي في العراق. فقد ذكر عبدالله كيول أن صدام إقترح على الحكومة التركية عام 1988 العمل معا لأبادة الأكراد جميعا.
معروف أن ذلك العام شهد مسالخ الأنفال التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المواطنين المدنيين الكرد و تغييب أكثر من 182 ألفا من الرجال و النساء و الأطفال و دفنهم أحياء في المقابر الجماعية التي زرع بها العراق من أقصاه الى أقصاه . كما شهد ذلك العام أيضا قصف مدينة حلبجة الشهيدة بالأسلحة الكيمياوية و ذهب نتيجة لذلك العمل الهمجي أكثر من خمسة آلاف شهيد من الأطفال و النساء و كبار السن و جرح عشرة آلاف آخرين . و دمرت خلال حملات الأنفال الهمجية آلاف القرى و المدارس و الجوامع و الكنائس و المستوصفات و العديد من القصبات . كما نهبت ممتلكات مئات الآلآف من القرويين الكرد المظلومين . و خلال المرحلة الثامنة من حملات الأنفال الدموية في صيف ذلك العام و التي شملت مناطق بهدينان بمحافظة دهوك إضطر الآلاف من الكورد الى الهرب و عبور الحدود العراقية التركية الى داخل تركيا و كانت قوات الفيليقين الأول و الخامس في الجيش العراقي و منظمات البعث و الجيش الشعبي و الجحوش و الأمن و المخابرات تلاحقهم لتقضي عليهم جميعا قبل أن يسمع العالم بالمجازر التي كانت تحدث في كوردستان العراق . وتمكنت المخابرات العراقية من تسميم أعداد كبيرة من اللاجئين الكرد داخل الأراضي التركية و الذين جمعوا في معسكرات معزولة ومحاطة بالأسلاك الشائكة و التي لم تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة الأنسانية . كما أن الحكومة التركية قدمت خدمة كبيرة الى نظام صدام حسين من خلال منع وصول المراسلين الصحفيين الغربيين و المنظمات الأنسانية العالمية الى مراكز تجمع اللاجئين الكرد  وإطلاع الرأي العام العالمي على المجازر الوحشية التي كانت ترتكب بحق الشعب الكردي على أيدي قطعان صدام حسين في كوردستان العراق .
الآن و بعد مرور خمسة عشر عاما على تلك الأيام السوداء و بعد السكوت على جرائم صدام حسين و زمرته كل هذه السنين يأتي وزير خارجية تركيا عبدالله كيول ليكشف عن جانب من ذلك المخطط الأجرامي . وحتى إعلانه هذا لم يأتي لأدانة جرائم النظام البائد أو بدوافع إنسانية ، بل للرد على الموقف الكردي من مسألة قدوم الجيش التركي الى العراق و ليقول لهم أراد صدام أن نتعاون معه لأبادتكم و لكننا لم نفعل ذلك . 
لا يضيف إعلان عبدالله كيول شيئا جديدا الى ما نعرفه عن مخططات صدام حسين و حلفائه في دول الجوار. فعلى مدى القرن العشرين كله كانت هناك عشرات الأتفاقيات الأمنية الجماعية و الثنائية و البروتوكولات الموقعة بين العراق و تركيا و سوريا و إيران والتي يشكل بند التعاون على محاربة الحركة الكردية و المطامح المشروعة للشعب الكردي بندا دائميا و رئيسيا فيها جميعا . وكانت تركيا السباقة دائما الى جمع الأطراف المختلفة لوضع الخطط الكفيلة بمنع الكرد أينما كانوا من تحقيق أمانيهم القومية . و رغم التحولات الكبرى التي شهدها العالم و المنطقة إلا أن تركيا لا تزال سائرة في سياساتها هذه إزاء الأكراد و هناك شواهد يومية تؤيد كلامنا هذا .
ويتساءل بعض كبار الصحفيين الترك ، وهم محقون في ذلك ، عن سبب سكوت المسؤولين الأتراك كل هذه السنين عن هذا المخطط الأجرامي الذي يدخل في نطاق الجرائم بحق الأنسانية ليأتي وزير الخارجية ليعلنه الآن في محاولة منه للحصول على دعم الآخرين في مسألة إرسال القوات الى العراق . أي أن هذا الأعلان و بدلا من أن تخدم سياسات الحكومة الحالية يمكن أن يتحول الى فضيحة تلاحق الحكومات التركية و تدين سياساتها بحق الشعب الكردي سواء في تركيا أو في البلدان الأخرى .
ولنا أن نتساءل لماذا إختار صدام حسين تركيا ليقترح عليها بالذات التعاون في أمر إبادة الكرد جميعا. ولماذا لم يتقدم بمثل هذا الأقتراح الى سوريا و إيران و هما دولتان تحملان مخاوف مشابهة تجاه القضية  الكردية و لا يكنان بأي حال مشاعر ودية تجاه الشعب الكردي . لم يكن صدام حسين بغافل عن السياسات التركية بحق الأكراد و الفوبيا الكردية التي تلاحق الساسة الأتراك ، كما كان الطرفان يتعاونان أمنيا و عسكريا و على مدى سنين طويلة في ملاحقة النشطاء السياسيين الكرد و قوات الأنصار الكردية على طرفي الحدود ، لذلك كان من الطبيعي أن يقترح عليهم بالذات خططه و مشاريعه الجهنمية لأبادة الجنس الكردي.
ولكن ولحسن حظ تركيا و الأكراد أيضا كان السياسي البراغماتي توركوت أويزال آنذاك على رأس الحكومة التركية . وكان يحاول إخراج تركيا من دائرة العنف و الأنقلابات العسكرية و يعمل على توفير أجواء الأنفتاح السياسي و الأقتصادي في البلاد . يبدو أنه لم يوافق على مثل هذا الأقتراح لأدراكه بأن تنفيذه سيجعل منهم مجرمون خارجون على القانون على شاكلة صدام حسين و علي كيمياوي و زمرة المجرمين البعثيين .
لقد جاء إعلان عبدالله كيول هذا ليدين من جديد سياسات بلاده تجاه الأكراد و ليفضح المؤمرات الجهنمية التي تحاك ضد هذا الشعب المظلوم و على مختلف الجبهات . و يؤكد هذا الأمر مرة أخرى أن الطريق الصحيح للتعامل مع الكرد سواء في تركيا أو في العراق لا يمكن أن يمر عبر التهديد و الوعيد بل عبر تفهم الأماني القومية للكرد و جميع القوميات الأخرى و من خلال بناء علاقات سياسية و إقتصادية قائمة على المنافع المشتركة مع العراق الجديد بدلا من إرسال القوات العسكرية و إنتهاز سياسة البلطجة و المؤمرات. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا