الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يزيد

على أحمد على

2007 / 9 / 8
الادب والفن


استند الخليفة بمرفقيه للخلف ونظر برأسه لأعلى وتابع المنمنمات المنقوشة على السقف في شرود ، ولاحظت زوجته ذلك فقامت وتوجهت إليه وقالت له : " ماذا هنالك يا أمير المؤمنين .. يا زوجي .. يا ابن عمي الحبيب ؟ أهناك شئ بعد لم يتحقق لك ؟ أهناك مطلب يطوف بين فجاج الأرض ولم تقتنصه يد عزيمتك وأنت حاكم الدنيا وخليفة المسلمين وملكك يمتد من جبال الصين إلى سهول الأندلس ؟؟! " فنظر إليها بذات الشرود وقال لها : " لقد أخبرتك من قبل " ..

- نعم لقد أخبرها من قبل حقا .. إن الخليفة خليفة اليوم يزيد بن عبد الملك كان بالأمس القريب ولي عهد لأخيه سليمان وكان يسعى بصحراء مكة وجبالها إلى أن التقط سمعه صوتا عذبا كما يلتقط الغريق طوق النجاة وهامت روحه لسماع ذلك الشدو .. وطربت نفسه لتلك الموسيقى الشجية ، وظل يبحث هنا ويسعى هناك حتى وجدها .. وكأن كل ما مضى من عشق لم يكن عشقا .. وكأن الهيام بدأ من جديد .. وكأن كل ما شعر به من قبل كان بمثابة القطرة من البحر .. والشعاع من الشمس .. والصخرة من الجبل .. هام بها .. هامت بها نفسه وعينه وروحه وجسده فتبعها حتى علم أنها جارية يملكها أحدهم .. فساومه فأصر الرجل على أربعة آلاف دينار ولم يكن يحمل ما يكفي من النقود فبعث إلى أخيه " سليمان " فنعته بالجنون وأمره بأن يبيع الجارية فورا ، باعها وذهبت مع مالكها الجديد إلى مصر وفي عينها نظرة لوم أحرقت كبده وأذابت نفسه وتعلق قلبه بتلك النظرة فامتدت بينهم حبال العشق الممزوج بالأسى واللوم من بساتين دمشق إلى ساحل النيل .

- ومضت السنون وما زال جسده يذبل وروحه تذوي ، لذا فقد بعثت زوجته إلى مصر رسولا يحمل رسالة إلى والي مصر أن يأتي بالجارية فورا وجيء بالجارية وحملوها إلى دمشق .. إلى الخليفة .. و أخذها الملك واعتزل الحياة المنعمة الرغدة في صنوف النعيم التي كان يتقلب فيها في قصر الحكم بعاصمة الملك واتخذ دارا بأطراف دمشق ومعه الجارية .. وظلا معا حينا يلاعبها وتلاعبه .. يلاطفها وتلاطفه .. حتى كان ذلك اليوم الذي كانا فيه يتسامران فألقت إليه حبة من العنب فالتقطها بفمه ضاحكا مستبشرا .. ثم ألقى إليها بواحدة فالتقطتها بفمها الرقيق ولكنها لم تستطع حبسها بفمها فانزلقت إلى حلقها ووقفت عند رأس القصبة الهوائية لتغلق مجرى الهواء إلى الجسد .. وتختنق ..

- كان الأمر مروعا .. قام الخليفة إليها بعد أن كان يظن أن الأمر محض مداعبة وحاول الاستنجاد بأحد .. وحاول مناداة الطبيب .. ولكن كيف وهو على أطراف المدينة ؟؟؟!

- اعتزل الناس .. واعتزل الحياة .. وماتت الجارية والخليفة يحتضنها وذلك هكذا الأيام لا يستطيع أحد أن يبعده عنها حتى بدأ الفناء يدب إلى جسدها والخليفة ذاهل لا يأبه بشئ إلا أن يظل متعلقا بها أو ببقايا جسدها الذي بدأ في الذواء .. وبعد عناء استطاعوا تخليصها من بين يدي الخليفة ودفنها في قبر بساحة البيت .. ذلك القبر الذي ظل بجواره الخليفة حتى ذوى جسده هو الأخر ... حتى لحقه الفناء ...فناء الجسد بعد أن فنيت روحه المتعلقة بالجارية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07