الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعاَ رجاء بلمليح - رجاء التي عرفتها

خالد الكيلاني

2007 / 9 / 6
الادب والفن



في ربيع عام 1994 كنت قد تركت العمل في جريدة "الشعبية" بعد أن " تأسلمت"، والشعبية كانت جريدة أسبوعية مغربية يصدرها ويترأس تحريرها الصديق الصحفي المغربي الكبير محمد أديب السلاوي، وكانت بحق من أهم وأقوى الصحف المستقلة في المغرب في تلك الأيام، لولا أنها تعرضت لمصاعب مالية كبيرة هددتها بالتوقف أكثر من مرة إلى أن اشتراها (معنوياَ) أحد الأقطاب الماليين لجماعة العدل والإحسان كما عرفت وقتها، وكان هذا الرجل يملك مطبعة صغيرة في حي حسان بالعاصمة المغربية الرباط، وكنت أكتب مقالاَ أسبوعياَ في الشعبية فضلاَ عن عملي فيها سكرتيراَ للتحرير، وبالطبع كان يتعين إبعادي عن الجريدة بعد أن تغير لونها، فالتحقت وقتها للعمل بمكتب جريدة الشرق الأوسط بالرباط الذي كان يديره الصديق طلحة جبريل الذي كلفني بالحوارات الثقافية والفنية والاجتماعية لمجلتي المجلة والشرق الأوسط ( التي توقفت عن الصدور فيما بعد ).
كان أكثر الفنون المغربية التي يمكن أن تهم القارئ العربي هو فن الغناء، فالمسرح المغربي إما رهين التجريب، أو رهين العامية المغربية، والسينما رغم إرهاصات النبوغ في كثير من المخرجين المغاربة إلا أن مشكلة التمويل وحاجز اللهجة العامية جعلها تحبو خطوة وتتعثر خطوات، فلم يبق إلا الغناء.
كنت حديث العهد بالمغرب، وكنت أعرف أن نعيمة سميح هي أهم وأقوى وأجمل صوت مغربي على الإطلاق، يقابلها من الرجال عبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدوكالي. فسألت صديقة مغربية أثق في ذوقها عن أهم الأصوات من جيل الشباب، قالت: رجاء بلمليح وأهدتني ألبوم " يا جار وادينا "، فتأكدت من صدق حسها الفني.
كانت رجاء في هذه السنوات (1994) قد بدأت انطلاقتها في القاهرة بعد أن جاءتها الفرصة – كما قالت لي فيما بعد – عندما غنت في دار الأوبرا المصرية من خلال الأيام المغربية التي نظمها في مصر محمد بن عيسى وزير الثقافة المغربي قبل عدة سنوات، وقبلها كانت قد عرفت في المغرب من خلال فعاليات برنامج أضواء المدينة الذي قدمها مع عدة مطربات أخريات.
عندما ذهبت للقاء رجاء بلمليح في ذلك المنزل الجميل الذي تسكنه مع أسرتها في حي كاليفورنيا الراقي بمدينة الدار البيضاء لم أكن أتوقع كل هذا الود والدفء في مقابلة فنانة لصحفي أتى لإجراء حوار معها، ولكنني عرفت فيما بعد أن هذه هي طبيعة رجاء بلمليح مع الجميع فهي شخصية انطباعية تحب وتكره من الوهلة الأولى وتصادق كل من ترتاح إليه، ولا تتعامل سوى مع أصدقائها. ومن اللقاء الأول أصبحنا أصدقاء، ومن هذا اللقاء الأول كنت قد عرفت والدها وأختها وأخيها جعفر.
فيما بعد عرفت رجاء أنني كنت أكتب الشعر فطلبت مني قصيدة كي تغنيها فقلت لها ولكنني أكتب الفصحى وأنت تغنين بالعامية ( كان قد صدر لها ألبوم "صبري عليك طال" بالعامية المصرية) فردت: هل نسيت أن بداياتي كانت مع الفصحى في قصيدة " يا جار وادينا ". المهم أنني قمت بتطويع إحدى القصائد التي كنت قد كتبتها من فترة طويلة حتى يمكن أن تصلح للغناء وعندما أعجبت رجاء بتلك القصيدة طورنا فكرة التعاون من قصيدة واحدة إلى ألبوم يحتوى على خمس أو ست قصائد واتصلت رجاء تليفونياَ بأحد الملحنين في القاهرة وأمليت عليه القصيدة الأولى ووعد بإتمام اللحن في أقرب وقت. سافرت رجاء للقاهرة وكانت كلما عادت للمغرب أكون قد كتبت لها قصيدة جديدة، ولكن لأسباب لا أود الحديث عنها الآن فقد توقف مشروع الألبوم الغنائي، وتباعدت أو قلت مقابلاتنا.
كان صوت رجاء دافئاَ ومعبراَ ولكنه لم يكن قوياَ، وكانت مشكلة رجاء أنها فنانة مثقفة فقد كانت خريجة كلية الآداب وحاصلة على الماجستير أيضاَ، وكانت لا تقبل تقديم أية تنازلات فيما يتعلق بعلاقاتها مع الوسط الفني، وكان الحفاظ على كرامتها واحترامها لنفسها هو أهم شيء في حياتها، ولذلك لم تحقق الكثير من الشهرة، وعندما اتجهت إلى غناء الشعر النبطي وكتب لها شعراء من الإمارات بعض القصائد لم تنجح لقلة جمهور هذا اللون من الغناء، ولصعوبة فهم كلمات الأغاني النبطية.
رحم الله الصديقة الراحلة رجاء بلمليح رحمة واسعة وألهمنا وأهلها الصبر والسلوان.
خالد الكيلاني
[email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي