الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبق الََسَلطة الفلسطيني، ما بين خصائص المركب والمخلوط

تغريد كشك

2007 / 9 / 6
كتابات ساخرة


عُرف عن الفلسطينيين إجادة الفنون بمجملها وخاصة فنون الطهي وتزيين المائدة، ورغم التنوع الكبير في المطبخ الفلسطيني واختلاف طرق الطبخ ومكونات الوجبات بين المدن والقرى الفلسطينية، إلاّ أن طبق السلطة الفلاحية كان وحتى وقت قريب هو من يجمع الفلسطينيين حول المائدة الواحدة، فرغم أن هذا الطبق يشمل في مكوناته قطعا صغيرة جدا تكاد تكون من جميع أنواع الخضار الموسمية المتوفرة من الخيار والبندورة والفليفلة والبصل والنعناع والفجل والفقوس مضافا إليها زيت الزيتون والملح والليمون، إلاّ أن كل مكون من مكونات الطبق كان يحتفظ بطعمه الخاص والخاص جدا ، ومع ذلك تجد الطعم لذيذا والشكل جذابا والرائحة تحيط بأركان غرفة الطعام وكأن طبق السلطة يدعوك أن تحتضن ملعقتك وصحنك وتبدأ بالأكل حتى قبل أن تكتمل المائدة وتجتمع العائلة.

وللأمانة العلمية فإن طبق السلطة الفلسطينية يمكن تصنيفه علميا على انه مخلوط لا مركب، فكيف يمكن له أن يحقق هذا التجانس بين مركباته إذا عرفنا أن المواد المخلوطة تبقى محتفظة بخواصها الأصلية من اللون والرائحة والطعم والتركيب الكيميائي؛ بعكس المركب الذي تفقد مكوناته خصائصها الأصلية لتكوين شيء جديد يحمل خصائص فريدة ومتميزة.
لقد كان السر آنذاك يكمن في التربة الخصبة وفي يد المزارع البارع والطباخ الماهر وفي الألفة والمحبة التي كانت تجمع أفراد البيت الفلسطيني الواحد حتى عهد قريب.

أما الآن فقد دخلت على التربة الفلسطينية محسنات إقليمية ودولية جديدة ومختلفة شملت السماد والمبيدات الحشرية والماء العسر، وتعلم الطباخ الفلسطيني وصفات لأكلات إيرانية وسورية وأمريكية وإسرائيلية ومصرية لم تكن على قائمة المائدة الفلسطينية من قبل، وأصبح الذوق الحمساوي يختلف عن الذوق الفتحاوي في اختيار الأطعمة، أما ذوق الفصائل الأخرى فقد تدنى حتى وصل إلى الرضي والإحساس بالشبع حتى عند التقاط فتات المائدة ودون الجلوس إليها.

وانتشرت الفتاوى الفلسطينية التي تحرم الدجاج المذبوح في المسالخ الحكومية والبيض الملون لأنه بدعة من بدع الكفار، واللبن منزوع الدسم على افتراض أنه غير معروف المصدر، وتم وقف استيراد المواد الغذائية من الدنمرك واستبدالها بماليزيا وتايلاند والصين على افتراض أن هذه تستعمل دهن الحوت بدل دهن الخنزير، متناسية أن الجسد الفلسطيني الآن هو جسد منزوع الدهن والعظم واللحم والدسم بعد أن أصبح دمه كالماء لا لون له ولا طعم ولا رائحة.

وهنا يجب أن لا ننسى أن لون طبق السلطة الفلسطيني قد تغير أيضا ، فبعد أن كان خليطا من ألوان الطيف الفلسطيني أصبح الآن اخضرا بلون الخيار والنعناع فقط حين تم ذبح مكوناته على الطريقة الإسلامية وتم تزيينه بختم "حلال".

وقد أصبح طبق السلطة الفلسطينية خاليا من الزيت بعد أن توقف سيل الأموال البترودلارية بالشكل المعهود وذلك لسببين، أولهما أن بلدان النفط تخشى على أنظمتها من أن تطالها "هبة الإسلام الراديكالي الإخوانجي، والثاني أن هذه البلدان لن تغضب سادة البيت الأبيض وتدعم "منظمة إرهابية" وفق التصنيف الأمريكي.

واعتبارا من اليوم الذي تربعت فيه السلطة الحمساوية على المائدة الفلسطينية في غزة أدخلت نوعا جديدا من الخضار إلى السلطة الفلسطينية وهو الفلفل الحار الذي استعملته حماس لفرك ألسنة الإعلام بعد أن كبّلت حياة الفلسطينيين بآلاف القيود و صادرت حرياتهم العامة والشخصية، وتعاظمت فوضى الخضار داخل طبق السلطة إلى حد العبث وأجواء العصابات .. وبدأ كل من يستطيع من الفلسطينيين بالهرب من غرفة الطعام قبل أن تسيل دموعه من قنابل البصل الحارقة التي تلعب دور الفتنة الطائفية والدينية ، وطبعاً الفنون والأدب والمسرح والغناء وأي نوع من الإبداع أصبح بالمفهوم الحمساوي حرام لأنه يقع ضمن البهارات والمتبلات والمشهيات التي صدرت بشأنها فتاوى التحريم لأنها تذهب بالعقل والتعقل.
لكل ذلك فقد قرر الفلسطينيون أن يمتنعوا عن أكل السلطة الفلسطينية لأنها لم تعد خاضعة لدائرة المواصفات والمقاييس الوطنية وقرروا استبدالها بالسلطة التي تحمل ما يشير إلى أن ذبحها قد تم حسب الشريعة الإسلامية متناسين الحديث النبوي الشريف:

" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه، فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه". أحمد في مسنده ومتفق عليه[البخاري ومسلم] وأبو داود والنسائي عن أبي بكرة ابن ماجة عن أبي موسى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل