الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا شكر على فوضى.

أيمن رمزي نخلة

2007 / 9 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


قصة سخيفة حدثت نتيجة لسيطرة وتوجه التيار الإسلامي على سلوك مَن يحكمون مصر بعقلية القبيلة البدوية بعيداً عن النظم الحضارية والأسس الثابتة والمؤسسات الراسخة. إن مصر تُحكم بسلوك قبائل الغابات التي لم تعرف معنى للمدنية ولا للحضارات ولا للرقي.
إن سلوك حكام مصر يسير طبقاً للأهواء والميول والرغبات وسيطرة فكر الغابة حيث الدين الأفضل وسلوك الحيوانات المفترسة.

*** ماذا حدث؟

كل ما في الأمر أن الطفلين ماريو وأندرو استحالت العشرة بين والديهما، ولصعوبة قوانين الانفصال المصرية وعدم وضوح وتحديد القوانين والإجراءات، ونتيجة لسيادة فكرة الدين الأفضل ـ الدين الإسلامي ـ وتطبيق مبدأ الدولة الدينية فإن الأب تحول إلى الإسلام، ثم عناداً مع الأم وعقاباً لها أستخرج شهادات ميلاد جديدة للأبناء باعتبارهم مسلمين، وهكذا لعبة سخيفة في دولة دينية تحكمها قوانين فوضوية قلباً ومنظمة في شكلها الخارجي.
ولأن هناك بعض الموظفين الفاسدين الذين يتخذون الدين ستاراً لفسادهم اعتبرها أحدهم فرصة لإثبات تدينه المزيف. أصدر هذا الموظف أمراً لمدرسة الطفلين ـ بناء على الشهادات الجديدة من الوالد بدون انتظار حكم المحكمة ـ بإجبارهم على الامتحان في مادة الدين الإسلامي ـ عبادة بالرعب، تدين صوري مزيف، وغيرها من مسميات الإرهاب الديني.

لم تنتهي القصة، لكنها بدأت حيث أن التلميذين رفضا اجتياز الامتحان وأصرا على أنهما مسيحيان.
هناك قضايا متبادلة بين الأب والأم، وحبال المحاكم طويلة، وإجراءات التقاضي مملة، فلا قيمة لوقت المتقاضين.
ما النتيجة؟
إن التلميذين رسبا في نهاية العام. لم يكتبا شيئاً في ورقة الإجابة غير أنهما مسيحيان.
وهكذا بدأت القصة حيث قامت مراكز حقوق الإنسان في الداخل والخارج بالنظر إلى هذه القضية على أنها امتهان لكرامة الأطفال ـ إنها أيضاً تحقير لكرامة الإنسانية في مصر ـ وهذه حقيقة. إن الطفولة في مصر ـ مثل كل فئات المجتمع ـ في غاية الفوضى والامتهان والحقارة بغير ما تظهره تقارير المسئولين وسيدة مصر الأولى والأخيرة.
إن كل فئات المجتمع المصري تعاني من كل مظاهر الذل والتحقير بعكس ما يظهره الإعلام المتخلف المتأخر الذي يظهر صورة مغايرة للحقيقة المُرة التي يعيشها أفراد المجتمع بكل فئاته.

*** الحركات البهلوانية

وهكذا وفي حركة "بهلوانية" قام السيد وزير التعليم بالتعطف والتلطف على الطفلين ونقلهم من الصف الأول الإعدادي إلى الثاني الإعدادي. لتنتهي قصة ما كان يجب أن تبدأ من أساسه إذا كانت مصر تعيش في شفافية قيادة وحكم بعيداً عن تدخل كبار المسئولين بالأحضان الباردة لإظهار رحمة مزيفة وأبوة كاذبة.
فهكذا دائماً يظهر المارد الشجاع، والبطل الهمام متمثلاً في وزير أو رئيس وزراء أو حتى رئيس الجمهورية ويتصل تليفونياً أو يرسل موظفي الاتصال السياسي أو " الياوران " أو غيرهم من مسميات البهلوانات ليحل المشكلة مثل قصص الأساطير التي نحكيها للأطفال.

*** أسئلة حول الطفولة والأسرة المصرية

• مَن يعوض هؤلاء الأطفال عن معاناة الآلام النفسية طوال الشهور الماضية؟
• مَن يدفع لهم ثمن وقتهم المعنوي والمادي؟
• حتى متى تستمر هذه الفوضى في القرارات والقوانين المتعلقة بأحكام الأسرة والتي يضيع الأطفال الأبرياء بسببها؟
• كيف نجد حلاً علمانياً متحضراً للزواج في المحاكم بعيداً عن الإجراءات الدينية التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد؟

*** اللاعب الأخير في السيرك القومي

وهكذا أيضاً بدون مقدمات ولا أسم لمحرر، نشرت جريدة الأهرام المصرية يوم 28/8/2007 خبراً بعنوان: " شكر للرئيس مبارك من والدة الطفلين أندرو وماريو.
حركات لا معنى لها ولا هدف ولا قيمة إلا تثبيت وترسيخ كل مفاهيم الفوضى في قيادة وحكم مصر. وكأننا في قبيلة صحراوية تحكمنا قوانين الغابة. عدم وجود نظام ثابت وواضح هو سيد كل المواقف.
إن الأحداث الأخيرة في قصة هذين الطفلين تدل على فوضى أسلوب الحياة التي تتحكم فيها المركزية الشديدة. نمط القبيلة ربما يصلح في صحراء موحشة مقفرة يحكمها قانون " أبو العائلة "، لكن مصر يتحكم فيها كبير البلد بكل فوضى وحكم عسكري بعيداً عن استقرار المؤسسات والقوانين المستقرة.
وكما يظهر واضحاً في أساطير عن " عفريت " خاتم سليمان الذي يلبي الطلبات المستعصية والمستحيلة عن الحل وفق قوانين البشر المتحضرين، هكذا ظهرت حلول السيد وزير التربية والتعليم وشكرا ـ كما قالت جريدة الأهرام ـ للسيد رئيس الجمهورية. يا للعجب على الفوضى وانعدام حضارة القوانين المستقرة.
إن مصر لا توجد بها حضارة ولا رقي في حكمها، والفوضى هي سيدة كل المواقف.
لذا يجب أن نقول:
لا شكر على فوضى يا وزير التعليم.
لا شكر على فوضى يا رئيس الجمهورية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيك سوليفان: -قرار تجميد شحنة الأسلحة، لا يعني أننا سنتخلى ع


.. اتساع رقعة العمليات العسكرية في غزة رغم الدعوات الدولية لوقف




.. معارك ضارية في الفاشر والجيش يشن قصفا جويا على مواقع في الخر


.. -منذ شهور وأنا أبحث عن أخي-.. وسيم سالم من غزة يروي قصة بحثه




.. بلينكن: إذا قررت إسرائيل الذهاب لعملية واسعة في رفح فلن نكون