الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس تجبي الخاوة

برهوم جرايسي

2007 / 9 / 7
القضية الفلسطينية


مرّ بشكل عابر في الأيام الأخيرة "نبأ صغير" في وسائل الإعلام العربية وغيرها، مفاده أن ما يسمى بـ "القوة التنفيذية" التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، فرضت على كل "معتقل" من أبناء قطاع غزة لديها، "كفالة" مالية تعادل 240 دولارا، للافراج عنه.
ويجري الحديث عن حوالي 200 معتقل شاركوا في صلاة الجمعة في إحدى ساحات مدينة غزة، ثم انطلقوا بمظاهرة احتجاجية ضد الممارسات القمعية، التي تنتهجها سلطة حماس الانقلابية في قطاع غزة.
ونسمع ناطقا باسم "القوة التنفيذية" يحكي لنا عن "ضبط الأمن ووقف حالة الفوضى"، مؤكدا نبأ طلب دفع "الكفالة"، كشرط لإفراج عن كل معتقل، وبعد تعهده بأن لا يشارك في أي تظاهرة يعبر فيها عن موقفه ضد ممارسات انقلابيي حماس.
من الصعب تخيل ان الاستبداد الحمساوي في غزة يصل إلى هذا الحد من الصلافة والعربدة، فمن يعرف تفاصيل الحياة في قطاع غزة، والجوع الذي يضرب الغالبية الساحقة جدا من أهالي القطاع، يعرف أيضا، أن مبلغ 240 دولارا هو مبلغ فوق الخيال لدى العائلات الجوعى، التي لا تدين بالولاء لقادة حماس، ولا تحظى بنعمهم.
ومن المثير للدهشة أن نسمع مصطلحات مثل: "ضبط الأمن" و"منع الفوضى" و"فرض النظام العام"، من عناصر حركة حماس بالذات، التي منذ دخول قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى قطاع غزة في صيف العام 1994، نقشت على رايتها نهج التمرد الدائم على كل ما تنادي به الآن.
لا يمكن الحديث عن فوضى السلاح في القطاع والضفة الغربية من دون العودة إلى بدايات هذه الفوضى، ودور حماس المركزي فيها، الذي وصل إلى درجة التحدي للسلطة الفلسطينية والنظام العام، ناهيك عما جبته هذه الفوضى من ثمن دموي باهظ من الفلسطينيين، مثل ضحايا العبث في استخدام وتخزين السلاح بين البيوت السكنية.
لقد انتهجت حركة حماس طيلة الوقت لغة التخوين ضد معارضي خطها وسياستها، وتنقلت بين مختلف المواقف المتناقضة، دون أي تفسير منطقي لروايتها المتقلبة، وفقط من أجل خدمة أجندتها، غير المنسجمة دائما مع البرنامج الوطني الفلسطيني.
فهل يمكن نسيان لغة التخوين الحمساوية ضد كل من شارك في السلطة الفلسطينية، وتخوين مسار أوسلو من أساسه؟، هل يمكن نسيان خطاب التخوين ضد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات؟، ثم التباكي عليه شهيدا.
إلا أن هذه الحركة وحين توقعت إمكانية الانقضاض على السلطة، شاركت في الانتخابات التشريعية التي لم تعترف بها من قبل، لأنها نتاج مسيرة أوسلو، وانقضت حماس على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي، بفضل قانون انتخابي لا يعكس حقا موازين القوى في الشارع الفلسطيني، فحماس مثلا لم تحصل على أكثر من 40% من أصوات الشعب الفلسطيني.
وبعد هذا انتقلت حماس من لغة التخوين، إلى اسطوانة الفساد، وهو قائم ولا نقاش في هذا، ولكن لا يمكن حصر هذا الفساد بجهة واحدة، ارتكاب مجازر بذريعة محاربة الفساد.
إلا أن كل هدف حماس من الحديث عن الفساد هو دغدغة مشاعر الجماهير الواسعة من الشعب الفلسطيني، ووجدت حماس من يساندها من جوقات إعلامية في وسائل إعلام عربية مركزية، وكل هذا لم يكن سوى تبرير انقلابها الدموي، بهدف التستر على الهدف الحقيقي لهذا الانقلاب، وما يؤكد هذا هو ممارسات حماس الحالية في قطاع غزة.
وتعود حماس اليوم إلى خطاب التخوين، وهذه المرّة ليس ضد شخصيات قيادية فقط، وإنما أيضا ضد آلاف بأسرها، فكل من يقول لا لحماس أصبح في خانة الخيانة، فهل ننتظر مجازر جديدة، أشد من مجازر حزيران (يونيو)، خاصة على ضوء ما نسمع من فتاوى وقرارات يفصلها قادة حماس حسب مقاساتهم، بهدف كتم كل صوت يقول لهم كفى.
لا يمكن التحرر من انطباع أن ما يجري اليوم في قطاع غزة هو أسلوب عصابات، والغرامات المفروضة على الغزيين الذين مارسوا حقهم في الاحتجاج، ما هي إلا نوع من الفدية وحتى الخاوة (أتاوى) يطلبها الحمساويون من خصومهم السياسيين، وهذا بحد ذاته جريمة أخرى تسجل على حماس.
إن ما يجري في قطاع غزة، هو جريمة "من صنع محلي" بحق الشعب الفلسطيني، لا يمكن تبريرها بأي من الذرائع، لأن هدف مرتكبيها واضح جدا، وهو السيطرة بالقوة على السلطة، حتى بثمن الترهيب وسفك الدماء.
إن مطلب الساعة هو وقف الجريمة الحمساوية بحق قطاع غزة، من أجل توظيف كل الجهود لوقف الجريمة الأساسية: الاحتلال.
إن شعبا يناضل منذ عشرات السنين من أجل تحرره الوطني يستحق دولة، أبعد بكثير من معالم النظام الذي ترسمه حماس اليوم في غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رجل في فلوريدا بعمر ال 66 عاما يكتشف صدفة أنه ليس أميركيا


.. العربية ويكند | استطلاعات الرأي تساعد على التنبؤ بنتائج الان




.. العربية ويكند | مركز -بيو للدراسات-: هامش الخطأ في استطلاعات


.. العربية ويكند | بلينكن يعزف الغيتار في كييف بالتزامن مع تقدم




.. العربية ويكند | زوجة الأمير هاري تكشف للمرة الأولى عن أصولها