الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس وحصاد انتخابات كانون ثاني 2006

عماد صلاح الدين

2007 / 9 / 7
القضية الفلسطينية



ساق بعض المعارضين لدخول حماس لعبة الانتخابات في يناير كانون ثاني 2006 ،وكنت أنا واحدا من أولئك المشككين بجدوى ومردود تلك المشاركة ، حججا وأسبابا عديدة لعدم اشتراك حماس في العملية السياسية تلك .

وكان من بين تلك الأسباب والحجج البارزة التي استند إليها المعارضون ؛هو أن تلك اللعبة السياسية سيكون محددها وسقفها الأول والأخير اتفاق أوسلو، المنبثقة بموجبه سلطة الحكم الذاتي ، وما يستتبع ذلك من التزامات وقيود وعوائق أمام مسيرة حركة حماس؛ في مسيرتها النضالية والوطنية المؤسسة على إستراتيجية المقاومة المسلحة أساسا إلى أن يتحقق غرض وهدف دحر الاحتلال عن كل فلسطين ضمن مسار ومنهج سياسي وواقعي يراعي المرحلية في تحقيق الانجازات ، ولعل برنامج الحد الأدنى الذي تحدث عنه الشيخ الشهيد احمد ياسين في حينها احد أهم وابرز معالم ذلك المسار والنهج .

لكن مشاركة حماس في الانتخابات المنصرمة، لم يكن لا على المستوى الاتفاقي أو الواقعي يستند إلى أوسلو أو إلى أي من ملحقاتها ، فعلى مستوى الاتفاق تمخضت تلك الانتخابات عن حوارات القاهرة في مارس آذار 2005 ، أما على المستوى الواقعي فكانت اسلو منتهية بدبابات شارون ومجنزراته التي اجتاحت مناطق الحكم الذاتي في عملية السور الواقي الإسرائيلية عام 2002.


صحيح أن دخول حماس في معترك العملية السياسية نتج عنه حصار سياسي ومالي واقتصادي ضد الشعب الفلسطيني، تحالفت في فرضه قوى دولية وإقليمية وأطراف محلية على الساحة الفلسطينية وإسرائيل بطبيعة الحال ، وما تبع ذلك من مخطط انفلات امني محكم ومدروس كانت أدواته المنفذة أطراف فلسطينية تعمل لصالح أجندة خارجية أمريكية وإسرائيلية ، إلا أن كل هذا كان ثمنا لابد من دفعه في سياق عملية التغيير والإصلاح التي قادتها حماس ، فاتفاقات أوسلو التي قلبت معايير القضية الفلسطينية وأسسها؛ فحولت الشعب الفلسطيني من شعب يقع تحت وطأة الاحتلال وسيلته الإستراتيجية هي المقاومة ،وليس عليه شيء من التزام في تدبير أموره المدنية والخدمية والإدارية، وإنما على الاحتلال توفير ذلك بموجب القانون الدولي والإنساني الدولي إلى شعب ومن خلال سلطة وهمية يقوم على حماية وتأمين امن إسرائيل بملاحقة المقاومة وقمعها والقضاء عليها وتحميله كذلك مسؤولية الالتزام بتدبير أموره الحياتية بمنأى عن الاحتلال من خلال رهن نفسه وثوابته للمساعدات المالية والخدمية الآتية من دول أوروبا وأمريكا وإسرائيل نفسها من خلال أموال الضرائب والمكوس ، ليس هذا وحسب بل إن أوسلو فرض على الشعب قيادات سياسية وأمنية تبين فيما بعد وبشكل واضح أنها مرتبطة مع الاحتلال إلى ابعد الحدود التي ما كنا نتصورها ولا حماس نفسها توقعتها إلا بعد عملية الحسم الميداني التي جرت مؤخرا في قطاع غزة من خلال الوثائق والمستندات والاسطوانات التوثيقية التي حصلت عليها حماس من مقرات الأجهزة الأمنية ولاسيما الوقائي والمخابرات . وهذه القيادة كما كنا نشير سابقا تقبل بالرؤية الأمريكية والإسرائيلية للحل ، وهي متورطة حتى الأذقان بالفساد السياسي والأخلاقي والمالي .

وعلى ما سبق، فان دخول حماس في لعبة الانتخابات وما نتج عنها من تفاعلات وإرهاصات أدت حتى هذه اللحظة في تبصير الناس بأمرين الأول : أن المال الغربي والأمريكي جاء لرهن إرادة الشعب الفلسطيني من اجل ابتزازه سياسيا وأخلاقيا بكل الوسائل والطرق لتقديم تنازلات في الحقوق والثوابت، ولعل تجربة الحصار الذي لايزال يعانيه هذا الشعب بسبب خياره الديمقراطي القائم سياسيا على التمسك بالحقوق والثوابت أكبر دليل ، وبالتالي فان تحرير الإرادة الأخلاقية والسياسية له تستلزم التخلص من أوسلو ومن السلطة بفلسفتها وهيكليتها المنسجمة مع رغبات المحتل وأمريكا والأوروبيين ، وهذا ما اضطرت حماس إليه في نهاية الأمر في قطاع غزة بعدما تبين لها وبجلاء أن جماعة أوسلو بشقيها السياسي والأمني لا تريد إطلاقا شراكة سياسية وأمنية ضمن برنامج الحد الأدنى من الحقوق الوطنية، بل تريد فقط التماهي والانسجام التام مع الرغبة والرؤية الأمريكية والإسرائيلية ، ولعل وصول الأمر إلى الارتباط بخطة عسكرية أمنية قادها دايتون ودعمتها أطراف عديدة بما فيها إسرائيل يوضح الذي نذهب إليه أيما توضيح ، أما الأمر الثاني والمهم جدا؛ وهو أن حماس استطاعت ومن خلال تتابع الأحداث أن تعري حقيقة القيادة الأمنية والسياسية المسيطرة على السلطة ومنظمة التحرير والتي تبين وبالفعل أن لا علاقة لها بالوطن والمواطن الفلسطينيين .

حماس لم تدخل السلطة لكي تنهيها ، بل هي أرادت إصلاحها كمقدمة لمشروع وطني حقيقي يسند المقاومة ويدعمها على طريق تحقيق الحقوق والتحرر ، وهي كانت تبرمج خطواتها بهذا الاتجاه ، وكانت تحسب أن في معادلة الطرف الأخر ،بكل ما فيها من عيوب، أملا بالالتقاء الممكن جدا حول رؤية سياسية وطنية جامعة ، لكن الذي فجع حماس وجعلها تحسم أمورها بشأن جماعة أوسلو والسلطة ومستقبلها هو انكشاف حقيقة المسيطرين على فتح والمنظمة بعد عرفات ، كانت حماس تتوقع منهم ما توقعته من عرفات ،الذي رفض ما هو دون الحدود الدنيا من حقوق الفلسطينيين ، لكن هؤلاء كما أثبتت المواقف والوثائق ليسوا كعرفات رغم كل أخطائه وخطاياه .

عماد صلاح الدين
6- 9 – 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل