الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة العربي في أدب الطفل اليهودي .. رسالة إلى اللاهثين وراء التطبيع

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2007 / 9 / 9
الادب والفن


صورة العربي في أدب الطفل اليهودي .. رسالة إلى اللاهثين وراء التطبيع
التربية ، التعليم ، التنشئة ، التدريب ، التثقيف ، التأهيل ، التمرين ...إلخ ، مصطلحات متداخلة ومتباينة تشكل في مجموعها وسائل المجتمعات في تنشئة أفرادها تنشئة معينة ذات جوانب عامة وخاصة ومتغيرة . عامة في إعدادها الأفراد للحياة الكريمة بمقتضياتها وحاجاتها التي تميز المجتمعات الإنسانية كافة ، وخاصة في إعدادها لهم إعدادا خاصا سواء أكان في العقيدة أو التوجه أو المهنة أو التخصص أو الثقافة ...إلخ ، ومتغيرة تبعا للتحولات الاجتماعية والعلمية الخاصة والعامة. لا يوجد خلاف حول ضرورة تنشئة الفرد تنشئة سليمة ليكون المجتمع سليما معافى ، لكن الاختلاف قد يطال طبيعة هذه التنشئة من حيث السبل والغايات والوسائل ؛ خاصة عندما نتحدث عن تنشئة الأطفال ، وهل من تنشئة ما غير تنشئة الأطفال ؟، وكما قال علماء النفس والتربية : " الطفل كالصفحة البيضاء الناصعة ، نستطيع أن ننقش عليها ما نشاء .. أو كالعجينة التي يتسنى لك أن تتحكم بأشكالها كما تريد ..." . إذا كان الأمر كذلك وهو كذلك حقا ، فإن النقش اليهودي يبدو أكثر وضوحا في صفحات أبنائهم فقد كانوا سباقين إلى حشو أذهان الأطفال بمختلف أنواع الكراهية .. لا للعرب فحسب ، بل للجنس البشري عامة ، من خلال التأكيد على النوع اليهودي ( المتميز ) الذي لا يضاهيه أي من الأجناس الأخرى .. من هنا كانت نقوشهم الشهواء ترجمة لحصاد فكرهم الطافح بالضغينة والحقد ، وهكذا غصت آلاف مؤلفة في الصفحات البيضاء بصورة العربي " المتخلف ، القبيح ، اللص ، الضعيف ، المهزوم ، الإرهابي ... إلى غير ذلك من سلسلة الأوصاف التي يعج بها القاموس الصهيوني ، مشكلة أنواعا شتى من التماثيل التي تنطق بقباحة العربي . وما يكاد الطفل اليهودي أن يتعدى مرحلة طفولته الأولى حتى يكون قد تحصن بمستلزمات الحقد والكراهية ؛ فيتعهده معلمون حملوا الراية بأمانة وإخلاص من خلال مناهج أعدت خصيصا لتتواءم مع الأهداف الصهيوني .. وحتى تكون معالم الصورة أكثر وضوحا كان لا بد للأدب العبري أن يتدخل ويدلي بدلوه .. والحقّ أن كتاب أدب الأطفال من اليهود بارعون في هذا الميدان حيث استطاعوا أن ينقلوا الطفل اليهودي وخلال ساعات فراغه إلى مطالعة قصص تعزز في ذهنه مادة المنهاج التي لقنت له في المدرسة عن العربي بصورته القاتمة .. من بين هؤلاء الكثيرين نذكر منهم : أفنر كرميلي ، أون سيريج ، إستر شترايت فورتسل ، عاموس أريحا ، إيتان درور ، يجال موسينزون ، غليلا رون بيدر ، دافيد ديان ، حاييم إلياف ، يهواش بيبر ، إيلي موراغ . آلاف القصص في مكتبة الطفل اليهودي تحقنه بجرعات متتالية من الكراهية والبغضاء لكل ما هو عربي ، وتؤكد الجهد المبرمج الذي يبذله مؤلفو أدب الأطفال في الكيان اليهودي الإسرائيلي لتعزيز الصورة القبيحة للعربي وترسيخها في أذهان الأطفال اليهود الذين يكونون قد لقنوا دروسا بيتية ومدرسية ممنهجة في تميز النوع اليهودي وتفوقه على ما سواه .. إن نظرة على كتب الأطفال في إسرائيل تظهر أن هذه الكتب تنظر إلى العربي بمنظار الظروف الحربية التي تعيشها إسرائيل ، ولا تنظر إليه بمنظار السلام الذي قد يحل ... ولا تهيئ القارئ اليهودي لإقامة علاقات من حسن الجوار والتعاون مع العربي . من احتك باليهود خاصة عمالنا البواسل يسمعون منهم عبارات تؤكد الصفة الثابتة للعربي التي حملها الإسرائيليون من الأدب الذي ترعرعوا عليه منذ طفولتهم ؛ فهم يتعاملون مع العرب على أنهم مخلوقات عديمة القيمة والإنسانية ؛ وعندما يصفون أي عمل سيء وغير ناجع : بالعمل العربي ( عفودا عربي .. ) وعندما يقولون لشخص ما : لا تكن غبيا ، فإنهم يقولون : لا تكن عربيا ( أل تهيي عربي ..) ، وليس غريبا أن نسمع تصريحات من زعماء سياسيين لوصفهم العرب " بالإرهابيين والأفاعي والديدان والصراصير ..." أقوال استقبلها الشارع الإسرائيلي بترحاب كبير ، وصمت من العالم المتحضر ..؟
إن نفي الصفة الإنسانية عن العرب وتحقيرهم والتقليل من أهميتهم والاستخفاف بهم كمخلوقات بشرية ... أدت إلى نزع الضمير والمشاعر الإنسانية عند الجندي الإسرائيلي في المعركة ، وقادته إلى سهولة قتل العربي والقضاء عليه ، وهذا ما كشفته كل حروب إسرائيل مع العرب ، وما زالت الأيام تكشف الكثير من جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في معاركه القديمة والجديدة ، والتي كان آخرها الكشف عن قتل الأسرى المصريين في سيناء في حرب 1967 ... قال الكاتب عيدو سفير : " إننا نعيش فترة معقدة مع العرب وإنه ليس من المستحب تأليف قصصا جميلة وهادئة للأطفال تتحدث عن الأزهار والفراشات لأن هذه القصص قد تخلق أزمة في نفوس الأطفال عندما تنشب حرب فجأة وسيواجهون أزمة مصداقية .." من هذا المنطلق امتنع الكاتب عن تأليف قصصا تتحدث عن زقزقة العصافير والطبيعة الجميلة ، بل سيزودهم بأداة للقتال أكثرها نجاعة هي : القناعة الثابتة المتمثلة بالسخرية والكراهية نحو العرب أيها اللاهثون ! وراء التطبيع : لو فحصتم مكتبة الطفل العربي لن تجدوا لليهودي أية صورة فيها ، وربما تجدوه قليلا في المكتبة الكبيرة وليس بالصورة التي وصفوا بها العربي في أدبهم ، ولو تابعتم اتفاقيات التسوية ، كانت مطالب اليهود ومازالت بعدم التحريض ضدهم في إعلامكم وحذف فقرات الحقوق التاريخية من مناهجكم .. لكن هل طالبتم اليهود بسحب القصص والكتب التي تغص بالأوصاف البذيئة للعربي ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي