الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدروز بين التجاذبات الدينية والقبلية والمدنية

مهدي سعد

2007 / 9 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير



الدروز طائفة جمعها مذهب واحد وعادات وتقاليد مشتركة منذ حوالي الألف عام من الزمان ، ويوحدها نسب أصيل إلى أكثر قبائل العرب عراقة .

فالذي ميز هذه الطائفة عبر القرون الماضية هو العقيدة الدينية التوحيدية التي نشأت في أحضان الدولة الفاطمية ، إلى جانب العقلية القبلية العربية بمفهومها العشائري التقليدي .

ومع ما لهذين الانتمائين من تعارض جوهري بينهما سار الدروز بوحيهما عبر تاريخهم الطويل في بلاد الشام ، وهذا التعارض ناتج عن تناقض العقيدة الدينية بما تحمله من انفتاح نحو المنطق العقلي السليم مع العرف الاجتماعي الذي يركن إلى التقليد والجمود .

هذا التناقض أوجد حالة من الخلل القيمي في الطائفة الدرزية التي تؤثر فيها العقلية القبلية العربية أكثر من الفكر التوحيدي الذي يقوم عليه المذهب الدرزي .

فهناك الكثير من الأعراف والعادات المتفشية في صفوف الطائفة تتناقض تناقضًا كليًا مع تعاليم مذهب التوحيد وعلى رأسها : التمايز الطبقي بين الخاصة والعامة ، النظرة المتخلفة للمرأة ، الصراعات العائلية وغيرها من التقاليد المنحرفة عن النسق الديني الذي جعل من المساواة والإنصاف من أهم الأركان التي يقوم عليها التوحيد .

ومع وصول مؤثرات الحضارة الغربية التي تتضارب في بعض قيمها مع كل من النظرة الدينية والمفاهيم القبلية ازدادت حدة الخلل القيمي الذي تعاني منه الطائفة ، فتعمقت المشكلة وأصبح من الصعب التوفيق بين هذا الثالوث المتناقض .

وفي الحقيقة إن أزمة المجتمع الدرزي ناتجة عن صراع تيارين مغاليين كلاهما لا يحمل رؤية عقلانية لحاضر الطائفة ومستقبلها : فهناك فئة لا يستهان بها يمثلها أغلبية رجال الدين والقوى التقليدية تنظر إلى الواقع بمفاهيم القرون الوسطى وبالتالي تحول دون تفاعل الطائفة مع المتغيرات المستجدة في العالم .

ومن جهة أخرى هناك فئة إنحرافية تنظر نظرة إستعلائية لكل قيمة دينية واجتماعية وهي الأخرى تتجه بالطائفة إلى المجهول .

والذي نتج من هذا التناقض أن الطائفة لم تحافظ على قيمها التقليدية من جهة ولم تتفاعل كما يجب مع الحضارة المدنية الحدثية .

هناك من يعتقد أن الحل لهذه الأزمة يكون بالتوفيق بين التيارين ، إلا أن أصحاب هذا الإدعاء لا يملكون صيغة فعلية لهذا التوفيق ، فتبقى فكرتهم في الإطار اللفظي فقط ، ذلك لأن كلا التيارين يلغيان الآخر أصلاً وبالتالي هناك إستحالة للتقريب بينهم وأيجاد حل لهذه المعضلة .

باعتقادي أنه فقط في حالة اقتناع الفئتين بضرورة قبول الآخر والانفتاح على أفكاره ممكن أن نجمع الطائفة على كلمة سواء تقودها إلى الإلتزام بالقيم الخلقية والانفتاح على المجتمع المدني في آن .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة