الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستهدف الجديد هو وزارة الداخلية

حمزة الجواهري

2007 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مع اقتراب موعد تقرير كروكر وبيترايوس تنهمر هذه الأيام على الكونجرس الأمريكي تقارير أخرى مختلفة، بعضها أوصى بها الكونجرس تقوم بها مراكز دراسات استراتيجية ومراكز أخرى تملكها الدولة هدفها من حيث الأساس التحشيد المعلوماتي، حتى لو كانت المعلومات مضللة، قبل وصول التقرير العتيد، كان آخرها تقرير ديفد ووكر من مكتب المحاسبة الحكومية، يوصي التقرير بحل الشرطة لطائفيتها!
وفي تقرير آخر نشر قبله بيوم واحد بشأن الوضع الأمني في العراق، أعدته لجنة مستقلة أخرى شكلها الكونغرس برئاسة الجنرال البحري المتقاعد جيمس جونز، دعت هي الأخرى إلى ضرورة حل قوات الشرطة العراقية وإعادة هيكلتها، معتبرا أنه لن يكون بمقدورها القيام بمهامها الأمنية خلال الفترة المقبلة لكونها ذات صبغة طائفية! وبالرغم من أن التقرير لا يرى أن قوات الجيش العراقي طائفية! لكنه يعتقد أن الجيش سوف لن يتمكن من ضمان الأمن في البلاد بشكل مستقل قبل سنة أو سنة ونصف من الآن!
الغريب في الأمر أن تقرير لجنة بيكر وهاملتون الذي صدر في أوائل كانون الأول من العام الماضي كان قد أوصى أيضا بنقل القوات الخاصة في وزارة الداخلية وقوات حرس الحدود إلى وزارة الدفاع، وذلك في التوصيات50 و51 من التقرير، وفي الواقع أن التوصيات التي تقدم بها هذا التقرير تعد بمثابة خارطة الطريق للعمل في العراق حاليا والتي مازال البيت الأبيض يعمل على أساس منها، وإن تقرير كروكر وبيترايوس يعد تقريرا تقيميا لما تم إنجازه على أرض الواقع من هذه التوصيات.
الأهم من هذا وذاك، هو أن الخطوات أو التوصيات التي تقدم بها التقرير قد تم إنجازها أو في طريقها نحو الإنجاز، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه من الإنجازات، فإن التوصيتين50 و51 سوف تنجز أيضا ويعود الشرطي العراقي مجرد "أبو إسماعيل" يدخن سجائر من جميع الأنواع كما كان في السابق، ""لا يحل ولا يربط""، والجيش الجديد سيكون بعد اكتمال تجهيزه بالأسلحة الأمريكية التي سيتركها الجيش الأمريكي كما يوصي بيكر وهاملتون، سيكون هو سيد الموقف يصول ويجول تحت تصرف دكتاتور جديد وعشيرة جديدة وعلي كيمياوي جديد وبعث جديد باسم آخر جديد بعد أن يعاد تأهيل البعثيين وإعادتهم إلى وظائفهم كما يوصي بذلك أيضا بيكر وهاملتون، التوصيات من29 حتى37.
ففي جلسة استماع أمام اللجنة العسكرية في مجلس الشيوخ الأمريكي نقل التلفزيون جانبا منها، لم يستطع ووكر الصمود أمام المنطق، خصوصا بعد أن سألته أحدى السيناتورات "لمصلحة من أنت تعمل؟" هكذا وبشكل مباغت، تقلص حجمه إلى حد النصف وتلعثم كمن كشفت عورته بشكل مباغت، ليكشف بذلك عن حقيقة صارت واضحة للعيان، وهو أن الميزانيات الضخمة للعلاقات العامة للهيئات الدبلوماسية العربية قد فعلت فعلها في المعركة السياسية المحتدمة أمريكيا حول الشأن العراقي، وبنفس السياق كان السفير العراقي في الولايات المتحدة في مقابلة صحفية معه قد كشف عن ضخامة تلك الميزانيات، حيث بلغت ميزانيات بعض السفارات الغنية المخصصة للعلاقات العامة مئات ملايين الدولارات سنويا تدعمها صناديق مالية لا تنضب أموالها، في حين لم يرصد العراق دولارا واحدا كميزانية لهذه العلاقات العامة.
وهذا ما انتبهت له أيضا وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت في مقالة لها نشرتها الواشنطن بوست مؤخرا حيث أوصت أن يتم التغيير في العراق من خلال قراءة المتغيرات على أرض الواقع بشكل صحيح وليس من خلال قرارات مسبقة يتم تطبيقها وفق أسلوب المؤامرة. سأكتفي بشهادة شاهد من أهلها قبل الدخول في مناقشة لبعض ما جاء بهذا التقرير.
لابد من الإشارة إلى أن الديمقراطيين يسعون إلى سحب القوات من العراق في حال لم يتم إحراز تقدم في ملفات الأمن والأعمار والسياسة، السبب في ذلك هو أن التضحيات التي تقدمها أمريكا لم تعد مجدية في العراق، أما لو كان هناك تقدم في الوضع الأمني وتقدم على المستوى السياسي من جانب الحكومة فإن الديمقراطيين يجدون هذا الأمر أيضا مدعاة لسحب القوات لأن لم يعد سبب لبقائها هناك، أي في حال النجاح أو الفشل، فإن النتيجة واحدة وهي سحب القوات!
فلم العناء إذا بحشد هذا الكم الهائل من الدراسات والتقارير إذا لم يكن الهدف هو صناعة حلقات المؤامرة التي حذرت منها أولبرايت؟!
من معايير التقرير الذي أعده مكتب المحاسبة الحكومية الأمريكي هو أن الوسيلة للاستدلال على الجهة التي قامت بالعملية العسكرية الإرهابية هو تحديد هوية الضحية، لأنهم لا يستطيعون تحديد الجهة التي قامت بالعملية، إلى جانب ذلك هناك افتراض وضعه المحللون وهو أن الصراع في العراق طائفي. على هذا الأساس فإن تفجير شاحنة في جامع سني في مدينة الموصل يعد من فعل المتطرفين الشيعة! بغض النظر عن كون الموصل منطقة سنية، وتعج الآن بالجماعات المسلحة التابعة للقاعدة وبقايا البعث، وبهذا المعنى أيضا فإن أحداث كربلاء التي استهدفت المراقد المقدسة وراح ضحيتها شيعة كان المتسبب بها هم السنة! هذه إحدى المعايير التي اعتمدها المحللين الذين كتبوا التقرير الذي أوصى بحل أجهزة الشرطة!!
الأغرب من هذا الأمر ليس هناك أساس معلوماتي دقيق للاستدلال على الطبيعة الطائفية للشرطة سوى تلك المعلومات التي تهرج بها أجهزة الإعلام. لكن بالعودة إلى الكيفية التي تم بها تشكيل أجهزة الشرطة، نجد أن هذه الأجهزة تم تشكيلها من أبناء المدن التي تعمل فيها، أي أن شرطة تكريت من مدينة تكريت، وشرطة البصرة من البصرة، كما وتم مؤخرا تطهير14 ألف شرطي وضابط طائفي أو عنصري. مع ذلك، لنفترض أن عناصر الشرطة من الطائفيين، فهل يعقل أن يؤذي الفلوجي أخيه الفلوجي لأسباب طائفية والاثنين من الطائفة السنية؟ لكن رغم ذلك يأتي التقريرين بنتائج واحدة وهي أن أجهزة وزارة الداخلية تعتبر طائفية وينبغي حلها! أي أن الحكم قد وضع مسبقا لاستهداف وزارة الداخلية.
البنتاغون يمهد لأمر آخر برفضه حل هذه الأجهزة، معتبرا إجراء تعديلات عليها وإعادة دمج بعض الضباط ومزيد من التدريب يكفي لتأهيل الشرطة، لكن بالتأكيد سيكون هناك حل وسط بين الطرفين، وهو أن تنتهي الأمور باللجوء أخيرا إلى الصيغة التي يقترحها بيكر وهاملتون في التوصيات50 و51، وهذا الأمر متوقع جدا من خلال الأداء الأمريكي الذي دأب على إعطاء الأشياء غير مسمياتها الحقيقية، وهو بالتحديد الحكم المسبق، وإن ما يجري حاليا في كواليس البيت الأبيض والكونجرس هو خلق المبررات لتطبيقه.
ما هو أغرب من هذا وذاك، هو أن النقاط التي تتعلق بالأعمار فإن ووكر يجد أن الحكومة لم تنجز من ميزانية العام الماضي شيء يذكر وبقيت الأموال كما هي، في حين أن المعيار الذي وضع أصلا لما يتم إنجازه من ميزانية السنة المالية الجارية، وعلى هذا الأساس المضحك حد البكاء يعتبر ووكر أن الحكومة فشلت بتحقيق هذا الهدف، كما ويحاسب الحكومة على ما تم صرفه من أموال المساعدة الأمريكية رغم أنها ليست بعهدة الحكومة وليست مسؤولة عنها! خلاصة القول أن التقرير يطلب من الحكومة أن تعيد أعمار ما تم تخريبه خلال أربعة عقود الماضية بستة أشهر فقط!! القصد من ذلك هو خلق ذريعة لحل أجهزة الشرطة!! فهل حقا يتوقع كتاب التقارير الأمريكية أن العراقيين أغبياء ومتخلفين إلى هذا الحد؟!
من المعروف أن الجيش والشرطة لم تكتمل تجهيزاتها لحد الآن، في حين أن التقارير تحاول مقارنة الجندي العراقي الحافي بالجندي الأمريكي المجهز بكل شيء، بهذا المعيار كتب المحللون العسكريون تقاريرهم، رغم أن الجيش العراقي والقوات المسلحة لم تجهز لحد هذه اللحظة لا بطائرات ولا بوارج حربية ولا مدفعية ثقيلة أو خفيفة ولا مدرعات ولا دبابات ولا مصفحات ولا.. ولا... ومن يعيق عملية التسليح لهذا الجيش وباقي القوات المسلحة هو أمريكا، ومع ذلك تأتي التقارير لتقول أن القوات المسلحة العراقية غير جاهزة!! ولولا القوات الأمريكية لما تحقق شيء!! وهل فعل قرقوش شيئا من هذا القبيل في سالف الزمان؟
بات واضحا بعد خروج البريطانيين من البصرة أن الحرب الأهلية لم تحدث كما كانت تتوقع أجهزة الإعلام والمحللين السياسيين، فلم يسمع أحد طلقة واحدة، ولم تنتشر مليشيات مسلحة لتحتل مقرات الحكومة، ولم تحتل المليشيات قصور صدام لحد الآن، فإن ما سمعنا به هو أن الجميع قد وقع على وثيقة شرف لنزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة كبداية لنزع سلاح شامل وإنهاء كل مظاهر التسلح في المدينة، قرأ الميثاق أحد ممثلي البصرة في البرلمان يوم الخميس الماضي.
رغم النقص بتجهيزاته واتهامه بالطائفية، لكن لواء الشرطة الثامن هو الذي انتشر في المدينة بدلا من البريطانيين بالإضافة إلى الشرطة المحلية، وهذا يعني أن لواء واحد فقط من الشرطة العراقية استطاع فرض الأمن بشكل أفضل من البريطانيين المنسحبين، وليس كما يدعون، فلماذا لا تعمم هذه التجربة على باقي أراضي العراق، وتتفرغ القوات الأمريكية لمطاردة صنيعتها القاعدة وعدوها اللدود حتى تنتهي منها، حيث في بدئ الانسحاب التدريجي من المدن تهدأ مخاوف الجميع كمقدمة لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق وإلى الأبد؟
لأني أعتقد أن بقاء الأمريكان في العراق فترة أخرى سوف يكون سببا بعودة البعث من جديد بصدام آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة