الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يبحث -الغريق- عن قشته في -طبخة حصى-

جهاد الرنتيسي

2007 / 9 / 11
القضية الفلسطينية


قد تكون المراهنة على " طبخة حصى " مقنعة حين تنحسر مسارات الحلم في البحث عن " القشة " التي تقي من الغرق ، ويتحول القفز في الهواء الى فن الممكن ، وتجاهل الامر الواقع سبيلا للتغلب عليه .

ولكن قساوة الراهن الفلسطيني ، وخياراته المعدومة ، لا تبرر اجترار الاوهام واعادة تسويقها .

فالوضوح في التعاطي مع " مؤتمر الخريف " الذي دخل قاموس المنطقة من اوسع ابوابه شرط للتعامل العقلاني مع شارع لم يصح بعد من خيبات مؤتمر مدريد واتفاق اوسلو وتوابعهما .

ولتجاهل هذا الشرط تبعات تغفلها بعض اوساط المحيطين بالرئيس محمود عباس في غمرة سعيها نحو خطاب سياسي يتجاوز افرازات الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في قطاع غزة .

فالخطاب الرسمي الفلسطيني يتكئ منذ اسابيع على فرضية الخروج بتسوية سياسية من المؤتمر .

وتوحي التحولات التي ينطوي عليها الاتكاء المفاجئ بمتغيرات سياسية قادرة على فرض حلول للازمات المستعصية من خلال اجبار الجانب الاسرائيلي على تقديم التنازلات التي يحتاجها التوصل لاتفاق يفتح افاق التسوية .

الا ان هذه الايحاءات لا تقوى على التقاط انفاسها لدى مقاربتها مع المؤشرات المتداولة ، وحقائق الواقع ، واتجاهات الاحداث ، وموازين القوى .

فالاعلان الذي تضمن " مؤتمر الخريف " حلقة في سلسلة متقطعة من مبادرات اطلقها الرئيس الاميركي جورج بوش خلال السنوات التي قضاها في البيت الابيض ، واخرى اطلقها رؤساء اميركيين سابقين.

وكثيرا ما انعشت مبادرات الرؤساء الاميركيين اوهام التحرك الاميركي الجاد والمتوازن ، ورهانات الضغط على اسرائيل ، وتفهم المواقف العربية.

وفي بعض الاحيان تلازم تلاشي الوهم وتبدد الرهانات مع جلد للذات على الفرص الضائعة .

وانطوى اعلان " مؤتمر الخريف " على غموض ترك الاطراف المرشحة للمشاركة فيه حائرة حول تعريفه ،وصلاحياته ، ومدى الزامية قراراته .

وتراجعت اهمية الاعلان الى حد كبير خلال جولة كونداليزا رايس وروبرت غيتس في المنطقة حيث تبين انه في احسن الاحوال يحتل المرتبة الثالثة على الاجندة الاميركية في المنطقة بعد الملفين العراقي والايراني .

وفي ظروفها الاقليمية والدولية تحاكي الجولة التحرك الذي قام به ديك تشيني في المنطقة قبيل اندلاع حرب اسقاط النظام العراقي السابق حيث حاول القادة العرب استغلال الاندفاع الاميركي نحو الاطاحة بصدام حسين في الوصول الى تسوية سياسية للقضية الفلسطينية .

ولكن المحاكاة لا تعني التطابق ففي تلك الفترة كان للقضية الفلسطينية حضورا مختلفا على الصعد العربية والاقليمية والدولية .

و الوضع الرسمي العربي الذي تعامل معه تشيني خلال تحركه في المنطقة كان اكثر تماسكا مما هو عليه الحال لدى زيارة رايس وغيتس .

ففي ذلك الوقت عملت الادارة الاميركية جاهدة على عدم اشراك اسرائيل في مهاجمة النظام العراقي ولكن الجانب الاسرائيلي بات شريكا استراتيجيا لا يمكن تجاهله في الضربة العسكرية المحتمل توجيهها لايران .

ولا شك في ان استعادة اسرائيل لدورها الاستراتيجي الذي نحي جانبا في حرب العراق يترك اثرا على نظرة صناع القرار الاسرائيلي للعملية السلمية .

وتترافق استعادة دور الشريك في الاستراتيجية الكونية مع ضعف حكومة ايهود اولمرت امام خصومها الداخليين مما يجعلها عاجزة عن اتخاذ قرارات مصيرية مثل تقديم التنازلات اللازمة للوصول الى تسوية مع الجانب الفلسطيني وان كانت قادرة على خوض حروب اقليمية .

وهذه الحالة ليست جديدة على اسرائيل التي اعتادت خوض حروب تخلط الاوراق وتخلق وقائع جديدة للخروج من ازماتها السياسية .
وتقابل الحالة الاسرائيلية المازومة حالة فلسطينية اكثر تازما مع وصول الكتلتين الاكبر " فتح وحماس " الى حد انعدام القرة على التعايش في داخل المؤسسة الواحدة .

ومن الطبيعي ان تتيح الحالة الفلسطينية الاكثر تأزما هامشا اوسع لمناورات الجانب الاسرائيلي المازوم داخليا في ظل غياب الكوابح الدولية الامر الذي اغفله الجانب الفلسطيني تحت وطئة اندفاعه لترتيب اوضاعه وتسجيل نقاط جديدة على الحالة الانقلابية .

ولاغفال هذه الحقيقة والاستخفاف بها محاذيره على الوضع الداخلي الفلسطيني ، فمن شان الاستقواء بالمراهنة على عملية سلام كسيحة ان ياتي بنتائج عكسية ، و يمكن لتفاؤل في غير محله ان يضيف جديدا الى رصيد حجج اصحاب التفكير العدمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: الرئيس يجري تعديلا وزاريا مفاجئا ويقيل وزيري الداخلية


.. ما إجمالي حجم خسائر إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة؟




.. بعد فشله بتحرير المحتجزين.. هل يصر نتيناهو على استمرار الحرب


.. وائل الدحدوح من منتدى الجزيرة: إسرائيل ليست واحة للديمقراطية




.. وول ستريت جورنال: أسبوع مليء بالضربات تلقتها مكانة إسرائيل ا