الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظومة نحتية لأمرأة واحدة

بشار حربي

2007 / 9 / 12
الادب والفن


إذا كان النحات الفرنسي ( أوجست رودان ) قد بحث عن القيمة التعبيرية في طريقة التشكيل نفسها ، ولم يهتم بتمثيل الجسم البشري كاملا ً ( تمثال الأديب الفرنسي بلزاك مثلا ) ، فأن النحّات العراقي المبدع هيثم حسن في معرضه models المقام في دار الأندى بعمّان والذي تضمن 20 عملا ً نحتيا ً ( موديلا ً ) قد تناول المرأة ليس بأعتبارها نموذجا ً وقيمة ً جمالية فقط ، بل تعامل معها ككائن حي رأى في جمال جسدها وسيلة ً لخلق أشكال ذات دلالات جديدة بعد أن أخضعها لقانونه الذاتي ، وقد شاء أن يتعامل معهن كمنظومة نحتية لأمرأة واحدة بأنفعالاتها المتعددة وبفضاءات تفكيرها اللامحدود وبجرأتها في عرض تحولات جسدها التي لا تتبع فيزياءه فقط ، بل تتعدى ذلك على الدوام الى فرض طاقته الكامنة على محيطها البشري والبيئوي . في حين يمكنك أيضا ً أن ترى في مجمل أعمال ( موديلات ) المعرض ، عملا ً نحتيا ً واحدا ً لنساء ٍ متعددات ولحالات أنثوية غير متشابهة . إنه لا يجسد المرأة ، بل يجسد رؤيته الداخلية لها ويعكس حجم الصراع القائم بين وجودها الجمالي وبين هواجسها وقلقها من كيفية تعامل الآخر معها ، وبالتالي فأن منحوتات هيثم حسن تمثل أنعكاسات المرأة ( بأيجابياتها وسلبياتها ) في مخيلته ، بعد أن أستوعبها ثم أفرغها عملا ً إبداعيا ً كنحّات كبير ذو تجربة متميزة ويقدم أعماله بمفاهيم حديثة ومعاصرة تعتمد على القيم التجريدية أكثر من أعتمادها على تمثيل الطبيعة .
إن هيثم حسن بمجسماته الفنية الرائعة التي مزج فيها بين متعة اللون الذي ألفته الذائقة البصرية العربية من خلال اللوحة وبين المنحوتة ذات اللون الواحد ، من خلال تقنيات عمله الجديدة ( كولاج الفايبر كلاس مع القماش الملون ) ، أو من خلال خروجه على تقليدية النحت ، حين مزج بين قول أرسطو ( إن الأنسان الذي زودته الطبيعة باليد ، فهي أقوى الأسلحة التي يستطيع أن ينتج بها من الفنون ما يكمّـل به الطبيعة ويقوّمها ) وبين ثراء قاموسه البصري وتجلياته الفلسفية في نظرته لوظيفة الشراكة الأنسانية للمرأة والرجل في مفهوم التعاطي مع الحياة وإفرازاتها المعاصرة على كل منهما كعارض ٍ ومتلقي على التناوب .
لقد ثار هيثم حسن في هذا المعرض على نفسه ورفض الخضوع الى سياقات وتراتبيات التطور التقليدي في تجربة الفنان ، وآثر أن يكون في مقدمة اللحظة في سياقها الزمني ليقدم إنموذجا ً في المعاصرة والحداثة قد يؤسس الى تجربة إبداعية كبيرة في المستقبل ، سيّما إذا عرفنا أن منحوتاته قد جسّدت إمكانات الجسد الأنثوي على التشكيل وقدمت بحرفية عالية ( من خلال تقطيع هذا الجسد وإعادة هيكلته ) المكنونات الداخلية لهذا الجسد الذي ما أنفكّ يُعلن نفسه وعلى الدوام أميرا ً لقيم الجمال .


ملاحظة : يمكن التجول في المعرض المذكور على الرابط التالي
http://haythem.net/gallery_2007.htm









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??