الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس أطروحات حول انتخابات 7 شتنبر 2007

عبدالاله سطي

2007 / 9 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


انتهى العرس الانتخابي المغربي للسابع من شتنبر بمجموعة من المفاجآت فاقت تكهنات المحللين، و أتلفت حسابات المتتبعين. فكانت النتائج التي خرجت بها في واد و التوقعات التي سبقتها في واد آخر، مما يعني أن المشهد السياسي في المغرب يبقى دائما رهين لاعتبارات ثقافية واجتماعية تختلف باختلاف الضروف والمعطيات السوسيوسياسية. وهذا ما حصل بالفعل في انتخابات 2007 فبعد أن كانت المؤشرات التي اعتمدتها مجموعة من مؤسسات استطلاع الرأي، تنبئ باكتساح السلاميين للساحة السياسية وبالتالي تراجع الأحزاب التقليدية إلى الوراء جاءت صناديق الاقتراع لتفرز واقعا آخر خلخل المشهد السياسي برمته واقعا بمعطيات أخرى ومقاسات أخرى يمكن إجمالها في خمس أطروحات :
الأطروحة الأولى: تراجع نسبة التصويت إلى الحضيض بالمقارنة مع باقي الانتخابات الماضية، فمن أصل 15.5 مليون مسجل لم يذهب لصنادق الاقتراع سوى أربعة ملايين و 700 ألف، منقوص منها مليون صوت ملغاة، مما يعني أن التي ستفرزها هذه الانتخابات سوف تكون مشفوعة بثلاث ملايين مواطن فقط من أصل 30 مليون نسمة. وهذا يعني أن المواطن المغربي قد مل من العطالة التي تطبع المشهد الحزبي، بالإضافة لفقدانه الثقة في العمل السياسي وبالتالي فما الجدوى من انتخابات تحمل في طياتها وعودا لطالما لم يشهدها المواطن على أرض الواقع. وهكذا فبلغة الأرقام يكون المواطن المقاطع في هذه الانتخابات هو الرابح الأكبر.
الأطروحة الثانية: فوز حزب الاستقلال بأكبر نسبة من المقاعد(52 مقعد) متبوعا بحزب العدالة والتنمية (46 مقعد) والحركة الشعبية (41 مقعد) ثم التمع الوطني للأحرار ب (39) والاتحاد الاشتراكي (38) مقعد...ولعل المثير في هذه النتائج هو تراجع حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يعد بالكثير والذي ذهبت الثقة ببعض زعمائه للتكهن بخلق المفاجأة وذلك باكتساح المشهد الانتخابي، لكن ربما كانت المفاجأة معكوسة حيث تراجع الحزب إلى نتائج مخيبة ذهبت معها أطماع الحزب في قيادة الحكومة المقبلة، ومن التحليلات التي يمكن إدراجها في هذا السياق هي أن النتائج كانت متوقعة جدا خصوصا في المناطق الحظرية نظرا للاخفاق الذي عرفته منظومة التسيير التي اتبعها الحزب في تسيير الحقائب التي كانت موكولة له في الحكومة السابقة، بالإضافة إلى تحول الحزب من حزب يعتمد على النضال الجماهيري في استقطاب واستمالة الناخبين إلى حزب لا تهمه سوى الحقائب الوزارية وأطماع النفوذ، مما جعله يدفع فاتورة الضريبة غاليا وغاليا جدا. ومن المفاجآت الأخرى التي جاءت بها نتائج هذه الانتخابات هي تواضع نسبة المقاعد التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية مقارنة مع الزوبعة التي سبقت الانتخابات والتي كانت تنبئ باكتساح هذا الأخير لهذه الانتخابات خصوصا بعد أن غطا الحزب معظم الدوائر الانتخابية، لكن هذه التغطية الكاملة لم تمكن الحزب سوى بأربعة مقاعد إضافية مقارنة مع الانتخابات الماضية التي اقتصر الحزب في ترشيحاته فيها فقط على ثلثي الدوائر.
و إن كانت هذه النتائج مفاجئة من حيث الأرقام إلا أنها لم تكن مفاجئة من حيث تغيير ملامح الخريطة السياسية فبتشبث الكتلة الوطنية بمثاقها الذي أبرمته عشية الانتخابات لن يغير كثيرا من موازين القوى مما يوحي بعودة الائتلاف الحكومي السابق إلى الحكومة، بقيادة حزب الاستقلال هذه المرة خصوصا بعد أن أشاد الملك بعمل الاستقلاليين داخل الحكومة السابقة خصوصا في مجالات السكن والسياحة والتجهيز، والتي تعني ثلالث وزراء هم توفيق احجيرة والدويري وغلاب.
الأطروحة الثالثة: إذا كانت الإدارة المغربية قد إلتزمت الحياد في هذه الانتخابات، و إذا كانت الإرادة الملكية صبت في اتجاه أن تمر الانتخابات في ظروف الشفافية والحياد التام لوزارة الداخلية، قطعا مع دابر الانتخابات الماضية التي كانت في معظمها تخلف استياءا عاما جراء تدخل الادارة وتلاعبها بالأرقام الحقيقية. و إن كانت هذه الانتخابت تعتبر الأولى من نوعها في المغرب التي يحظرها مراقبين آجانب. إلا أن المشهد الانتخابي لازالت تلوفه خروقات من نوع آخر وفيروسات أخرى تدخلت لكي تحول دون اكتمال العهود التي قطعتها الإدارة المغربية على نفسها، هذا الفيروس هو استعمال المال، فقد سجل عدد كبير من وكلاء الأحزاب في مكاتب التصويت استعمالا كثيفا للمال من أجل استمالة أصوات الناخبين، ولعل فوز العديد من وكلاء اللوائح في العديد من الدوائر مقارنة مع وزن بعض اللوائح الأخرى أدى إلى طرح العديد من علامات الاستفهام. و إذا كانت العملية الانتخابية لهذه السنة توخي بأن المغرب أسس لمستقبل انتخابي تطبعه الشفافية الحياد التام للإدارة فعلى جميع الأطراف المعنية أن تتجند للقطع مع جميع أشكال استمالة الناخبين بالطرق غير المشروعة، سواء بالإرشاء او إقامة الولائم أو غيرها من الأشكال الأخرى التي كانت لها انعكاسات سلبية على المشهد الانتخابي لهذه السنة.
الأطروحة الرابعة: في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب السياسية تتصارع وتتطارح فيما بينها، بعرض برامجها الانتخابية و إقامة المهرجانات الخطابية، وكدها وسعيها من أجل إقناع الناخبين و استمالتهم لصاح هذا الناخب أو ذاك. كان الملك يصول ويجول في ربوع المملكة يعطي انطلاقة البرامج الحقيقية، ويؤسس لحجر أوراش البناء والتشييد. مما يبرر هجران المواطنين للأحزاب السياسية والالتفاف حول صاحب المكانة السامقة والقائم على سدة الحكم بالبلاد الملك محمد السادس الذي يعطي للمواطن برامج ملموسة و أوراش حقيقية وفرص كثيرا ما تبقى مجرد حبر على ورق على صكوك برامج الأحزاب. ولعل هذا ما يبرر من وجهة نظري نزول الملك بكل ثقله على المشهد السياسي، ففي في ظل أحزاب سياسية لا تهمها سوى مقاعد برلمانية وحقائب وزارية والوصول إلى النفوذ السياسي كان من اللازم أن ينقذ الملك المشهد السياسي من هكذا ممرسات و أن يتشبث بمقاليد الأمور، حتى تتمكن الأحزاب السياسية من مراجعة ذاتها و إعادة صياغة أطروحاتها ومرجعياتها واستراتيجياتها، لتتلاءم مع متطلبات المرحلة ولتبتعد عن الغوغائية الجوفاءن والدغمائية الفجة. و أكيد وهذا ما ستثبتها المرحلة القادمة أن الملك إذا لا حظ أن الأحزاب السياسية لا زالت متشبثة بخطاباتها القديمة ومصلحيتها المقزمة سوف لن يتريث بالاستمرار في تولي زمام الِان السياسي إلى موعد استحقاق انتخابي آخر...
الأطروحة الخامسة: ماهي الحكومة التي سوف تفرزها هذه الانتخابات؟ أكيد مادام نمط الاقتراع الذي يعتمده المغرب لا يسمح بإفراز أغلبية حزبية واضحة، وما دامت الخريطة السياسية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة لم تختلف كثيرا عن سابقتها. فكافة السيناريوهات التي يمكن أن تحبك لن تخرج من إطار عودة الائتلاف الحكومي السابق للحكومة مادامت أحزاب الكتلة التاريخية متشبثة بمثاقها التي أبرمته قبيل النتخابات ومادامت الأحزاب التقليدية الأخرى كالأحرار والحركة لا تمانع في أن تستمر في مشاركة أصدقاء الأمس في تسيير دواليب حكومة جديدة. لكن السؤال الذي يفرض ذاته من سوف يقود هذه الحكومة؟ إذا كان الملك قد وعد بتعيين وزير أول سياسي خلال هذه الانتخابات و إن كان الدستور لا يلزمه بذلك، فإنه من الطبيعي أن يكون لون حزب هذا الوزير استقلاليا مادام حزب الاستقال هو صاحب الريادة في هذه الانتخابات. وما دام كذلك فإن كل التكهنات توحي بأن يكون قائد الحكومة المقبلة من الأجيال الشابة بحزب الاستقلال خصوصا بعد أن نوه الملك في خطاباته الأخيرة بمجهودات كل من توفيق احجيرة الذي كان يتحمل حقيبة وزارة الإسكان، وغلاب في التجهيز، والدويري في السياحة، وكلها حقائب حسب جل المتتبعين حققت مردودية وعملا لا يستهان به خلال حكومة جطو. لكن تبقى هذه تكهنات وسناريوهات تحاول أن تجد لنفسها موقعا ضمن حرب السيناريوهات التي نزلت بثقلها على المشهد السياسي في المغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام