الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرح العراقي هل تحول الى مسرح ذكوري؟؟؟

رحاب الهندي

2007 / 9 / 15
الادب والفن



تبادر الى ذهني سؤال بعد سلسلة من العروض المسرحية الاخيرة للمسرح العراقي. هل تحول المسرح العراقي الى مسرح ذكوري؟!والمسرح الذكوري هنا يعني تلك المنظومة الاجتماعية التي تخلت عن المرأة كونها نصف المجتمع وابتعدت عن معاناتها الخاصة والعامة وقوفا الى جانب الرجل!كثيرة هي العروض المسرحية التي اهتمت فقط بعالم الرجل من دون الولوج الى العالم الانساني الذي يتكون من رجل وامرأة ومتاعب الحياة بينهما فمن مسرحيات تناقش هم المواطن (كرجل) في غرفة انعاش (وهي اخر العروض المسرحية) الى البيادق وهي تتحدث عن معاناة جنديين الى (حظر تجوال) التي تناقش ايضا معاناة رجلين فقيرين مرورا بمسرحيات متعددة كانت شخصياتها ذكورية تساندها شخصية امرأة واحدة (جنازة ميت) و(مسرحية ماكبث) في كل منهما اربع شخصيات ذكورية وامرأة واحدة!والملاحظ ان مسرحية ماكبث التي تعتمد اعتمادا مهما على شخصية الليدي ماكبث الا ان المخرج المعد اهتم اكثر بالشخصيات الذكورية.

ويبدو ان هذا التوجه الذكوري للمسرح العراقي لم يأخذ هذا المنحى الا بعد الحرب نتيجة عدة اسباب مهمة وخطيرة في ان واحد رغم ان النجمات العراقيات مازلن في تألقهن ومساحة الابداع لديهن كبيرة لم تنطفئ وهذا ما اثبتته مسرحية (العرس الوحشي) لاحمد حسن موسى (ونساء لوركا) لعواطف نعيم الذي كان فريق العمل كله من النساء النجمات ومسرحية (الفزاعة) لعباس لطيف وعباس الخفاجي، و(نساء في الحرب) لجواد الاسدي وكاظم النصار وكانت الادوار نسوية بحتة لكن الملاحظ ان نسبة هذه العروض التي تتسيد بها المرأة النجمة قليلة جدا بالنسبة للعروض التي يتسيد بها الرجال الممثلون العرض بلا منازع.الاسباب كثيرة ومتعددة وكان السؤال حاضرا وطازجا ونحن نلتقي المخرج عماد محمد الذي يستعد لخوض تجربته المسرحية الجديدة (تحت الصفر) تأليف: ثابت الليثي بطولة عبد الستار البصري ويحيى ابراهيم، وكان السؤال لماذا تلجأ في كل اعمالك للموضوع الذكوري البحت (حيث ان المخرج عماد لم يقدم في تجاربه المسرحية المتعددة اي عنصر نسائي)؟ اجاب: احد الاشكالات التي نواجهها في هذه المرحلة بعملنا المسرحي هي الوجوة النسائية ونحن بصراحة لا نمتلك عددا كبيرا من الممثلات الجيدات، فعدد المتواجدات على الساحة الان لا يتجاوز العشر وهن ما بين خارج العراق او يعملن في التلفزيون او معتكفات نتيجة الظروف الامنية التي نمر بها لذا حين افكر في عمل مسرحي فيه شخصية نسائية اضع هذه الاشكالات امام عيني فانصرف عنه والجأ الى نص مسرحي ابطاله ذكور فقط. ليس من مهمة المخرج ان يبحث عن وجوه جديدة ليكتشفها خاصة في المسرح، مهمتي ان انظم حرفة العمل داخل العرض، لذا لايمكن ان اجازف في العرض المسرحي في تقديم وجه جديد قد يسبب فشلا للعمل كله المسرح غير التلفزيون الذي يعطي فرصا متكررة للوجه الجديد في اعادة اللقطة، المسرح يعني جمهورا مباشرا لو فشلت الممثلة الجديدة في العرض لاساءت للعرض كله، المسرح يحتاج الى ممثلين جاهزين لان العمل به ليس سهلا، فممثلة المسرح المحترفة تسيطر على العرض وغالبا ما تعطيه مسحة من الجمال والنجاح لكن الوجه الجديد قد يكون مغامرة انا شخصيا لا احبذها في العروض.
المحاذير كثيرة:
الفنان سعد عزيز عبدالصاحب علق على هذا الموضوع قائلا: هذه الاشكالية في المسرح لم تبدأ في هذه الفترة، بل تدرجت بعد حرب 91 والاسباب كثيرة منها انخفاض اجور الممثلات في المسرح مما اضطر بعضهن لركوب موجة المسرح التجاري وبقيت قلة متماسكة ومتعاونة مع المسرح العام، فضلا عن قلة الاعمال المسرحية بشكل عام، لنصل في عام 2003 الى كثرة المحاذير (تابوات كثيرة ومتعددة) منها الامنية والدينية ما منع كثيرا من الممثلات من التواجد او هجرة البعض واعتكاف البعض في المنزل، ولا ننسى ان هناك شيئا خطيرا يحدث على الساحة وهو التمثيل بشروط المستوى الديني، فامتنعت كثير من الفنانات عن العمل، هناك سبب اخر وهو ان وجود ممثلة في فريق العمل المسرحي تشكل عبئاً على الفريق نتيجة الظروف الامنية وغلق الطرق وهذا ماساهم في محاولة التقليص من دورالممثلات او لابتعاد عنه نهائا.
نحن مجتمع ذكوري:
الممثل يحيى ابراهيم تحدث عن الموضوع برأيه قائلا: الممثلات لدينا قليلات اصلا، نحن مجتمع ذكوري بكل معالمه ليس فقط على نطاق المسرح بل على صعيد حياتنا الاجتماعية بشكلها العام والخاص، والمرأة غالبا مسلوبة الارادة نتيجة الاعراف والقوانين الاجتماعية وهذا بالتالي انعكس على الجانب الفني في حياتنا هناك بالفعل نجمات متألقات رائعات لكنهن ايضا مكبلات في بعض النواحي، وكلما ساءت الظروف اعتكفن او ابتعدن اللهم الا اسماء معينة مازالت تعمل، وحتى هذه الاسماء مقلة في اعمالها، ولا ننكر ان النجمات لايمكن ان يغطين مساحة كبيرة من الاعمال المسرحية لذا نحتاج الى دماء جديدة ووجوه متعددة، نحن في ازمة حقيقية وهي ازمة الممثلات نحتاج الى وجوه نسائية جديدة بكل تأكيد.
قسم الدراسات المسرحية في اكاديمية الفنون، يتميز بتخريج طاقات متجددة وشبابية، في لقائنا مع رئيس القسم د. رياض السكران اجابنا، هناك فعلا اسماء جديدة وشابة لكن للأسف يرفضن العمل في المسرح نتيجة الظروف باستثناء ممثلة او اثنتين، وغالبيتهن يتخرجن للعمل مدرسات والدليل ان لدينا ثمانية مشاريع تخرج هذا العام اي ثمان مسرحيات مختلفة، ستجدين ان معظم الاعمال تنحو للاتجاه الذكوري بسبب قلة العنصر النسوي، وحتى ان بعض الاعمال التي قد تناقش شخصية نسوية سيلجأ المخرج الطالب لحيلة بأن يمثلها رجل!!المخرجة الطالبة ثائرة علقت بقولها: كلامك صحيح وكما تعرفين ان ظروف الوضع الامني هو الذي جعل من الوجوه النسائية تختفي واما الطالبات اللاتي ترينهن في الاكاديمية فمن اجل الشهادة فقط!نحن نقدم اعمالا مسرحية لمتطلبات التخرج ولدينا اسماء طلبة كثيرون لكن الطالبات يرفضن العمل فنلجأ لنص مسرحي لايوجد به عنصر نسائي حتى لا نقع في مشكلة حيث ان طالبة واحدة فقط تمثل مع المجموعة ولايمكن لها بالطبع ان تشارك في كل الاعمال.
ذكورية المسرح الان لم تنفصل عن السابق:
د. شفيق مهدي كان له رأي بهذا الموضوع حيث بادر الى القول: اريد ان ابين جانبا مهما في استعراض الاسماء التالية، د. عواطف نعيم ومسرحية نساء لوركا (ثيمة داخلية وشكل خارجي) نساء محورهن الرجل الغائب وهذا يتشابه مع عمل مسرحي سبعيني قدمه سامي عبد الحميد عن لوركا ايضا، ومسرحية اخرى بعنوان جزيرة الماعز عن انتظار المرأة للرجل في الثمانينيات.عواطف قادت مجموعة نساء وهن معروفات في الساحة الفنية لتوازن بين المحتوى الداخلي والشكل الخارجي وانظري الى الاسماء التالية خلال الثلاث سنوات الاخيرة، ازادوهي صموئيل - عواطف السلمان -فاطمة الربيعي - زهرة بدن - اميرة جواد ـ شعاع - بشرى اسماعيل - ايمان عبد الحسن - فرح طه درويش ممثلات في صلب العملية المسرحية لكنني اقول مايقدم الان من عروض واقصد بهذا الاتجاه ذكورية المسرح العراقي لاينفصل عما كان يقدم سابقا ونستطيع ان نستعرض ثلاثين عاما ما كان يقدم على خشبة المسرح العراقي، بهذا ارى ان جهد المرأة واضح بهذا الاتجاه لننظر فيما قدمته د. شذى سالم قبل السقوط وبعده، لنصل الى نتيجة ان الامر متشابه به وهو ان المجتمع العراقي في الاساس مجتمع فيه تقدم الذكورية، لكنه ايضا مجتمع يرفض تماما ويقمع الفكرة التي تقول بأن المرأة كيان خاص لكن رغم كل هذا يكون المجتمع العراقي رغم النكسات والضربات الموجعة مجتمعا مدنيا حتى القضايا الدينية الكبرى استطاع ان يتمثلها ويهضمها بالنتيجة التي يريدها هذا المجتمع وهذا كله بسبب قوة المرأة ومحاولتها عدم تقزيم ذاتها ومكانتها. هناك اسماء جديدة ظهرت في الاونة الاخيرة ما يعزز رأى الدكتورة فاتن الجراح بتقديمها اعمالا جديدة للطفل رغم الظروف الصعبة ولا ننسى الخط الابداعي الجديد الذي انتهجته محاسن الخطيب في فن البالية الراقص، هاتان المخرجتان سرعان ما تحولتا الى شخصيات عامة في المجتمع تتكلمان في كل امور المجتمع اضافة الى تخصصها واؤكد رغم الظروف الصعبة، اذن في ظروف الامان وتحسن الوضع سنجد اسماء اخرى مثيرة ومتعددة تناقش بهدوء كميسون الدملوجي مثلا، من دون الاتكاء على حزب او شخص تعبر عن حريتها وصفوفها رغم ضيق مهبط الحرية.حين ينشر الامان جناحيه ستبرز اسماء كثيرة ما يجعلنا لاننسى الاسماء الرائعة التي ثبتت وعملت في أتون العنف والظروف القاهرة وسيفهم الجميع من اين تظهر الشمس.كلمة اخيرة:الحياة الحقيقية هي رجل وامرأة وحين نقدمها معا على خشبة المسرح ننتصر بلا شك على ان نقسم مجتمعنا بين الذكورة والانوثة لان المجتمع الحقيقي هو ان يكونا معا لا ان يعمل كل مفرده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال