الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجرؤ اليسار المغربي على الاعتراف بهزيمته القاسية في الانتخابات الأخيرة؟

مصطفى عنترة

2007 / 9 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ما هي طبيعة العوامل التي كانت وراء تراجع الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟ ولماذا لم تستطع باقي الفصائل اليسارية تحقيق نتائج انتخابية متقدمة؟ وهل اقتنعت مختلف الأطراف اليسارية بضرورة التجميع أو البحث عن أشكال التنسيق من أجل فرض نفسها داخل المعادلة السياسية؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول ملامستها في الورقة التالية:

يعد اليسار المغربي هو الخاسر الأكبر من اقتراع السابع شتنبر، ذلك أن الإتحاد الاشتراكي للقـوات الشعبية، أقوى أحزاب اليسار، احتل المرتبة الخامسة مقارنة مع ما حققه في المحطتين السابقتين، نفس الشأن بالنسبة لحليفه في "الكتلة الديمقراطية" والحكومة حزب التقدم والاشتراكية عجز هو الآخر عن تحقيق نتائج إيجابية، في حين لم تستطع باقي الفصائل اليسارية إما مجتمعة كتحالف اليسار أو بمفردها كالحزب العمالي من تحقيق نتائج تجعلها حاضرة بقوة في المعادلة السياسية.

هذا الوضع الذي يوجد فيه اليسار عامة يجد تفسيره في عوامل ذاتية وأخرى موضوعية.

ـ الإتحاد وحليفه التقدم والاشتراكية
يمكـن تفسير أسباب الهزيمة القاسية للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مجموعة من العوامل التنظيمية والسياسية.. التي تعود في مجملها إلى التحول السياسي الذي عاشه الحزب في نهاية التسعينات وذلك إثر انتقاله إلى موقع تدبير الشأن الحكومي. هذا التحول ترتب عنه دخول الحزب في وضع تميز بحدوث انشقاقات وانسحابات أثرت بشكل سلبي في موقع وجماهيرية الإتحاد داخل الخريطة السياسية. فتنظيمات الحزب كالشبيبة والطلبة والمـرأة.. تأثرت بشكل كبير بهذا التحول وخاصة في وضعها الجماهيري وعلاقتها مع المجتمع، كما أن الشغيلة ممثلة في إطار المركزية النقابية (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) والتي كانت هي القاعدة الأساس للحزب تراجعت، الشيء الذي جعل رفــــاق اليازغي يفتقدون لسند عمالي قوي رغم أنهم سارعوا إلى تأسيس بديل عن الكونفدراليـــة.
ولم يجرؤ الحزب على الإعتراف بالهزيمة كما هو الشأن بالنسبة للحزب الإشتراكي الفرنسي في الإنتخابات الأخير، تم القيام بمراجعة هيكلية لذاته من حيث تجديد الخطاب وتطوير آليات العمل وتحديث أشكال التواصل..، إذ فضلت النخبة التي تتحكم في سلطة القرار السياسي داخل البيت الإتحادي نهج "سياسة النعامة" تارة و "الهروب إلى الأمام" تارة أخرى، مع العلم أن ما عاشه الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية بعد "حرمانه" من الوزارة الأولى ومطالبته بـ"المنهجية الديمقراطية" زمن عبد الرحمان اليوسفي كان يستدعي منه القيام بنوع من "البرسترويكا" من أجل إصلاح وتغيير هياكله في أفق الاستمرار في موقعه السياسي المتقدم.
لقد كنا ننتظر من محمد اليازغي أن يعترف بالهزيمة كما فعل فرانسوا هولاند أو سيغولين روايال وغيرهما من رفاقه في الأممية الاشتراكية، لكن العكس هو الذي حصل. فالإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ظل، مع الأسف الشديد، حبيس نفس العقلية السابقة، وقد تتبعنا التحول الذي طرأ على خطابه هذه الأيام، إذ عاد من جديد إلى لغة المعارضة والحديث عن جيوب المقاومة والمؤامرات.. والتي يحاول من ورائها التغطية على خيبته في محطة السابع من شتنبر بوجود جهات تآمرت عليه أو ما شابه ذلك.
أما حزب التقدم والاشتراكية، الحليف في الكتلة والحكومة، فقد كذبت الانتخابات الأخيرة كل الشعارات التي رفعها هذا الحزب الذي لم يتجاوز وضعه السابق رغم "الانفتاح" السياسي الذي عمقه رفاق إسماعيل العلوي بعد رفع حاجز الضوابط الإيديولوجية والسياسية التي ميزت هذا الكائن منذ النصف الأول من عقد التسعينات من القرن الماضي. فبالرغم من كون حزب التقدم والاشتراكية فتح الباب أمام بعض الأعيان..،
إلا أنه لم ينجح في الخروج من موقعه القزم.


ـ باقي الفصائل اليسارية

لم يكن وضع باقي الفصائل اليسارية كالاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي
الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي.. أحسن من الحليف الإستراتيجي الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فهذه القوى اليسارية لم تستطع أن تتحول إلى إطارات سياسية جماهيرية قادرة على التأثير في المواطن وفرض نفسها داخل الخارطة السياسية، أكثر من ذلك أنها لا زالت تجر وراءها ثقافة سياسية نخبوية وتشغل وفق آليات تقليدية وتفتقد إلى وجوه قادرة على كسب ثقة المواطن الناخب..، هذا دون أن ننسى الخلافات الجزئية التي ظلت بعض مكونات هذا اليسار سجينة لها، ولعل الصراع أو التنافس الذي حصل بين الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ونائب الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد حول الدائرة الانتخابية "المحيط" بالرباط والذي عكسته بعض وسائل الإعلام الوطنية بشكل سلبي يؤكد استمرار وجود مثل الثقافة السياسية.
أكيد أن تشـردم قوى اليسار وتوزيع أصوات الناخبين بين مختلف مكوناته ساهما في الهزيمة القاسية لليسار في الإنتخابات الأخيرة، مما أصبح يطرح مسألة توحيد الصف اليساري أو البحث عن مختلف أشكال التنسيق والعمل الوحدوي قصد مواجهة القوى المعادية للدمقرطـة والحداثة. ونعتقد أن أول خطوة في هذا الاتجاه تبدأ تجميد الخلافات والحساسيات التي ميزت العلاقة بين مختلف الفصائل اليسارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية