الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في هزيمة أمريكا و انتصارها

اسماعيل خليل الحسن

2007 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


هزمت أمريكا !!.. لم تهزم أمريكا!!
ويحتدم الجدل الذي يومئ إلى تفكيرين مختلفين لكنهما ينتميان إلى نسق فكري واحد و تريّض عقلي ساهمت السياسوية في بنائه على مدى عقود بل قرون.
فالهزيمة و النصر يتجليان لهذين النمطين حسبما تراءى لهما على المسرح السياسي من حركة الشخوص والحوار,
أما الجهد و التخطيط الذي يبذل خارج الكواليس, من إعداد الفكرة و إخراج و تأليف وهندسة ديكور, فذلك مما لا يدخل في حساب الجماعتين المختلفتين, ظاهرا, المتفقتين في الأصل.
لقد فات هاتان الجماعتان أن نصرا سياسيا قد يتحول إلى هزيمة ماحقة إذا لم يستثمر النصر, حيث أن الثبات على النصر أصعب من النصر ذاته, كذلك ينتصر المهزوم بالنقاط, حين يفشل خصمه في استثمار النصر, بينما يحسن هو إدارة الهزيمة.
فهزيمة أمريكا سياسيا وعسكريا أمر واقع لا محالة و هي نهاية كل محتل وكل مقاتل على ارض ليست أرضه وحدود ليست حدوده. لكن الأكيد أن أهداف أمريكا قد تحققت بتخريب منهجي للعراق و أفغانستان, إن عموديا كدولة ونظام سياسي أو أفقيا كمجتمع و إثنيات, حيث لن تقوم للعراق أو أفغانستان قائمة إلى زمن غير معلوم.
و لربما ينجح الاستعمار صانع هذه الدول بتخريبها ثم يفشل سياسيا ببناء دول من جديد على مكياله و معياره, فيتركهم لمصيرهم حيث يقتـّل( البدو) بعضهم بعضا, بينما يستأثر هو بخيراتهم, فهو الأولى باستحقاقها منهم ,حسب معتقده, لكن أصحاب الخطاب الظفراوي من الشعوب المغلوبة, لا يفتأون ينشدون الأشعار يمجدون أبطالا حينا,و أحيانا يتغنون بانتصارات وبطولات فردية منعزلة عن السياق العام, هي صنو الهزائم بل أشد مأساوية.
لقد هزمت مجتمعاتنا و إيديولوجياتنا قبل أن يوجه الغازي إليها ضربته القاضية, إنها الهزيمة الفكرية, التي كانت محصلة تغـوّل السياسوية على ما عداها من القوى و الفعاليات, و أصبحت هي المعبـّر الوحيد و الناطق الوحيد باسم هذه المجتمعات, التي كانت تستقيل من دورها و فعاليتها, إلى أن تهمشت و غدت هشة, رخوة, قابلة للكسر و التهشيم, مستجدية بعض حقوقها, و ممتنّـة لأنها لا تزال على قيد الحياة و أية حياة.
لا يزال الغازي "المهزوم سياسيا" أمام (ابوعنتر) الفحل, منتجا لقيم مادية و ثقافية, مستمرا بالهيمنة الحضارية على العالم, يستأثر بمعظم الكعكة العالمية, يوزعها لمركزه و أطرافه كل حسب نصيبه منها, أما نحن فلسنا سوى الكعكة ذاتها, و مالكو النفط منّـا ليسوا سوى عمال في محطة وقود يضخونه لحاملات النفط الجبارة, ولحاملات الطائرات التي ستقصف دولنا و تلغيها عندما تحين ساعة الانقضاض.
يومئذ أصبحت السياسة لعنة حين وقعت في شراك الحزبية و الإيديولوجية, و اندثرت علومها, و أقصيت الخبرات السياسية و الدبلوماسية, و تحكمت بها المزاجية, واستبدلت لغة السياسة بمقولات شعاريه, وتحكم سياسويون هواة بدلا من طبقة سياسية, فمجرد تصريح يخلق أزمة وكل فعل يزيد في العزلة, و من يدفع الثمن هو الاقتصاد و أحوال العباد, ومن ثم مستقبل البلاد, وضياع عقود من الزمن بلا فاعلية, حتى جيوشنا صار لها عقيدة سياسية بدلا من العقيدة العسكرية فانفرط عقدها من الجولات الأولى للمعركة, في حين تدخل أمم جديدة في نادي أغنياء الدول, لأن فئات الحكم فيها من النخب الوطنية المثقفة التي تعرف بلا مبالغات موقع بلادها من العالم.
ولست ضد الحزبية مطلقا, لكنني أنوه إلى ضرورة تمفصل الحياة التنظيمية, مع بقية الفعاليات و منها السياسة وترك الخبرات تقوم بدورها بحرية و استقلالية, فلا يعطى العجين للحداد و الخشب للخباز و الحديد للنجار, فلا بد من التخصص و تراكم الخبرات, و الحرفة في بناء الهياكل و المؤسسات.
عندئذ يبطل قول الشاعر العربي "يقوم مقام النصر إن فاته النصر" حيث لا بدل ضائع عن النصر, فلا تكون الهزيمة نصرا ولا فوات الهزيمة كذلك, ولا يعدل الانتصار سوى الانتصار.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح