الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتلال الامريكي للعراق ...عواقب ومخاطر

ثائر سالم

2007 / 9 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


ليس بمستطاع العراقيين، اليوم، ومعهم اغلب شعوب المنطقة ، استقراء مستقبلهم . فالمشهد ذاته يتكرر، يوميا ، منذ اكثر من اربع سنوات . عنف وحقد اعمى، منفلت، لا ضابط ولا حدود له ، يهاجم باصرار ، وباطمئنان المحمي ، وحقد المتعصب ، كل مظاهر التمدن والعمران ..التحضر والمدنية وبخطوات تسابق الزمن ، محطما ومبددا كل منجزات الشعب وكفاءات اليلد العلمية .

وفي مسعاه هذا، لابد له من تذكر القوى الديموقراطية والعلمانية ، وان يشملها ببركات حقده وجرائمه ، لايسنثني في ذلك ، حتى اولئك اللذين وجدوا انفسهم في نفس الخندق ، بسبب التصنيف او التقسيم الذي خلقه مشروع الاحتلال. التصنيف الذي قام على اساس الموقف من" العملية السياسية "، وليس على اساس الهوية الاجتماعية والوطنية، او الموقف من معايير العصر في التقدم والحرية .

تصنيف جمع في خندق واحد، قوى وتيارات متباينة الرؤى الايديولوجية والفلسفية وذات مشاريع اجتماعية ، ليست مختلفة فحسب وانما متناقضة جوهريا. وفي كلا المعسكرين المتضادين . معسكر مؤيدي العملية السياسية ومعسكر معارضيها . المتضادين ، بالدرجة الاولى، بسبب الموقف من الاحتلال والتواجد الامريكي، في العراق والمنطقة، وليس بسبب اختلافات ايديولوجية او فلسفية .

ان احد اخطر التهديدات والمشاريع التي تستهدف المنطقة، الحرية ، التنمية والمشروع الديموقراطي فيها، هي محاولة الادارة الامريكية ، خلق بؤرة نزاع ، يمكن ان تاخذ معها المنطقة برمتها وتجرها الى نزاع يكون مصيدة المنطقة ، لاستنزاف طاقاتها ومواردها واعاقة عملية التنمية فيها. وطبيعة النزاع تحمل بذاتها ممكنات وعوامل اتساعه، نظرا لامتداداته الجغرافية والتاريخية (القومية او الدينية او المذهبية) ودور ، التي يمكنها استدراج اطراف جديدة لها باستمرار .الامر الذي ربما يمهد التربة، من جانب اخر، للاحلام الاستعمارية القديمة ، لان تطل براسها مجددا، حالمة بالعودة الى عصرها الاستعماري للمنطقة، مستثمرة فشل المنطقة في تحقيق الامن والاستقرار ، وطنيا او اقليميا .

وفشلها خصوصا، في اقامة مجتمعات المواطنة والدولة الحديثة، يمنح التبريرالاستعماري القديم ، القائل بانه ليس هناك في المنطقة ، شعوبا واوطان ،انما هناك ، عشائر وقبائل ومذاهب ، متنازعة ، ولاءاتها الضيقة وهوياتها الخاصة تتقدم على هوية الوطن او الولاء له . وان الخطيئة التي ارتكبتها في سايكس بيكو، بتقسيم المنطقة الى بلدان وشعوب ، يجب ويمكن تصحيحها. وباستغلال هذه الفرصة يمكن اعادة رسم خارطة المنطقة، بما يضمن مصالحها على المدى البعيد. والاعتماد ايضا، على مساعدة اداتها المجربة وحليفتها الستراتيجية في المنطقة ، وعلى البعض من حلفائها الطارئين او المجبرين على التحالف معها.

وفي الواقع، عملت القوى الاستعمارية دوما ، على اعاقة مشروع تحديث، الدولة والمجتمع ، خصوصا في اغلب الدول، المؤثرة والفاعلة، والتي بامكانها ان تلعب دورا اقليميا هاما *. وعدائها كان في الواقع، ليس للنظم السياسية لتلك الدول، وطابعها الدكتلتوري ، وانما لظهور فرص تنمية حقيقية ، يمكن ان تفضي الى درجة من، التحرر من التبعية لاسواقها ، يمكن ان تشكل تهديدا على المدى البعيد .

لم يعد المواطن العادي مهتما، بان تكون الولايات المتحدة ، قد انجزت مهمتها ( التي لايعرفون كنهها حتى الان) ام ليس بعد ... ولا ان تكون قد نجحت في العراق او فشلت.... احتلت العراق ومن ثم حررته ....ام حررت العراق ومن ثم احتلته . فمثل هذه النقاشات والرؤى ، التي لاتحترم معاناة الناس اليومية ، وحياتهم وامنهم ، يديرها ويشغل الناس بها، الاحتلال المحتمي ، حد التخمة ، بعدته العسكرية المتطورة ، وهؤلاء الساسة من العراقيين ، المحميين بعشرات الحراس والسيارات وكل قدرات الاحتلال ، وعلى حساب موارد البلد وقوت الشعب .

هؤلاء اللذين ارتبطت مصالحهم السياسية والسلطوية ( مزايا الحكم والنفوذ) والمزايا الاقتصادية الضخمة، ( المستقطعة من ثروة البلد، وحقوق المواطنين) . امتيازات انست الكثير منهم، تاريخه الوطني ومشروع حزبه الاجتماعي ومبادئه وقيمه السياسية، والانسانية العامة .

مايهم المواطن اليوم ، ويعرفه بوضوح، انه بفضل الولايات المتحدة ، ومن سار معها ، بات بلده العراق، ساحة المعركة الاولى، لحرب الولايات المتحدة على الارهاب. ...ساحة تخوض فيها ادارة بوش هذه الحرب ، باجساد العراقيين ، وثروة بلدهم ، ومستقبل اقتصادهم وابنائهم . حربا فرضت عليهم ، لم يختاروها ولامصلحة لهم فيها ، لانها لم تكن من ضمن اجندات حياتهم ، التي دمرتها الحروب والحصار والقمع .

انها حرب اراد المحافضون الجدد ، منح الشعب العراقي، شرف خوضها، بالنيابة عنهم وعن شعبهم المغلوب على امره ، الذي لازالت اجهزة التضليل والدعاية لراس المال، تتحكم ب او تؤثر على المواقف السياسية والاخلاقية، للقسم الاعظم منه. حربا ارادوا فيها استثمار شهامة الشعب العراقي ونخوته ، لمساعدة الشعب الامريكي،" المعدم ، المنهك من حصار سنين طويلة، وحروب عديدة، خاضها العراق ضده". ولهذا جاء وقت رد الجميل ، بان يعوض الشعب الامريكي عن " ماسببه له الشعب العراقي ،طيلة سنوات الحصار والحرب عليه".

ان تناقض تلك القوى مع ذات الدول، التي سبق وان احتضنتهم وساعدتهم ، حينما كان الامر يصب في مصلحتها ، ويساعد على تحقيق اهدافها . اما اليوم، فان المشروع العالمي الاستعماري، لتلك الدول اصبح في تناقض ، ليس مع هذه القوى " الظلامية " فحسب، وانما مع كل الشعوب ومصالحها الوطنية .
انها عقبة احلام الاستعمار باعادة عجلة التاريخ الى الوراء، وعودة نظام عبوديتة للشعوب . وامر كهذا يصطدم اليوم بمقاومة جدية، من جبهة تتسع باستمرار، من القوى التحررية والتقدمية المقاومة او المعارضة للمشروع ، رغم النجاح احيانا في ابتزاز او شراء البعض من هذه القوى ، تحت يافطة الحرب على الارهاب .
ان ماارادته ادارة بوش في الواقع ، ليس سوى استنزاف وتدمير بنى البلد التحتية، وتحطيم مقومات تطوره الاقتصادي والعلمي، ولاباس ان تمكنت ، من انهاء الكيان السياسي العراقي كدولة واحدة تقوم على اسس المواطنة ...انهاء وجوده كدولة على الخارطة السياسية للعالم، الى الابد. وحماسها في تدمير وحل مؤسسات الدولة المختلفة ، والامنية والعسكرية خصوصا ، ليعاد تشكيلها فيما بعد على اسس، لايمكنها معها القيام كدولة ، بوظيفتها الاجتماعية ، السياسية، الامنية ..

... دولة لازالت غير قادرة على تقديم الخدمات الاساسية لمواطنيها ...ولا على حماية مواطنيها من جرائم عصابات الموت والجريمة والسرقة. دولة لاتتردد في ان تستعين ببعض تلك الميليشيات، وتقف متفرجة احيانا اخرى على مشاهد التهجير والقتل الجماعي والعشوائي...وهي ايضا غير قادرة على حماية حدودها وربما لم يكن مسموحا لها على القيام بذلك سابقا.

وبعد كل هذا يريدوننا ان نغمض اعيننا عن كل الذي حصل ويحصل ، ونمنح عقولنا اجازة مؤقتة او مفتوحة ، وهو الاكثر تفضيلا عندهم، لتكون مؤهلة تصديق ما يقال لها، فالحكم معهم يكون على حسن نواياهم... على اقوالهم بدل افعالهم، وبدل الحقائق على الارض، التي تفقأ العين. فهل هناك عقلانية وواقعية ، ودليلا اوضح على الحرية والديموقراطية، التي جلبوها لنا وجلببونا بها.

ان اسوأ ما في الامر، ان يتغابى بعض الساسة، عن حقيقة الوضع ،الذي بات فيه الشعب العراقي ، ليدفع تكاليف حرب لم يعد له خيار فيها . لقد اغلق المحتل، واصدقائه واتباعه من ساسة العراق ، كل المخارج على الشعب العراقي . ولم يترك له سوى الخيار، بين البقا، في وطنه ء في انتظار الموت في اي لحظة ، وبهذا يكون في مواجهة اعداء محتليه ، وربما مجبرا على مقاتلتهم ، دفاعا اضطراريا عن النفس، او خضوعا لارادة المحتل . او خيار الهرب بنفسه والهجرة من بلده .

وبهذا يكرر او يعيد انتاج ماساة شعب اخر سبقه في نعمة تحريره (من بلده)، ولتغدو قضيته ايضا قضية لاجئين عصية على الحل . حينها تكون المنطقة، مضطرة الى، انشغالها بقضية ثانية، ربما يتخفف بها الضغط الدولي والاقليمي على المحتل الاول ، ويخرجه من عزلته التي وضعته فيها سياساته الظالمة والعدوانية والاحتلالية. وليضع على دول لاتحتمل ظروفها ، الاقتصادية خصوصا ، عبئا مضافا، يريده ايضا وسيلة ابتزازا وضغط ، على دولة تخالفه الرؤية وتعارض احتلاله وتخشى تمدده نحوها . ان تقوم بالنيابة عن دولة التحرير، العراقية والامريكية ، بتحمل اعباء هؤلاء المواطنين.







*{ التجربة المصرية منذ زمن محمد علي ، عبد الناصر ، وحتى السادات وحسني مبارك.
اوالتجربة الايرانية .. ابتداء من مصدق، والشاه ، وحتى النظام الحالي . فحجة الخوف من استخدام عمليات التخصيب لليورانيوم، في انتاج اسلحة دمار شامل، لا يمكنها ان تبرر حرمان شعب ، من حقه في الاستفادة من ، احد اهم ضرورات التنمية وعملية تحديث المجتمع والدولة. اضافة الى ان هذا الامر متاح للعديد من الدول ، بل وبات امرا لاغنى عنه في مستقبل تطور اي بلد.
وحتى في تجربة التحديث العراقية للدولة والمجتمع، لم تعادي في البداية (دكتاتورية نظامها السياسي والقمع الذي مارسه )، ولا حتى الحرب العراقية ـ الايرانية ، التي ازهقت فيها ارواح الملايين من الشعبين، كونه امر يصب في سياسة، الاستنزاف والاحتواء المزدوج، التي تحدثت عنها مرارا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى