الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطحين الفاسد وتورط جامعة مرموقة في غزة ..؟

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2007 / 9 / 16
القضية الفلسطينية


ناقشنا قبل ثلاثة أسابيع قضية الطحين الفاسد الذي وزعته وكالة الغوث الدولية في غزة على اللاجئين الفقراء والمحتاجين وكان ذلك في مقالة بعنوان : " لماذا الطحين الفاسد يا سيد جون ..؟ " على الفور كان التحرك سريعا من قبل المسئولين وعلى رأسهم مدير عمليات الوكالة ، إذ قام المدير وسحب عينات من الطحين وإرسالها إلى الأردن لفحصها .. وكانت النتيجة بالتأكيد أن الطحين لا يصلح للاستخدام الآدمي وربما الحيواني أيضا !؟ جاء ذلك على لسان السيد المدير في مؤتمر صحفي عقد في غزة في وكالة رامتان الإعلامية ، وأكد أن مؤسسته كانت تعتمد على فحص الدقيق وصلاحيته في مختبرات جامعة محلية مرموقة في غزة حيث يشهد الجميع على كفاءتها وأداءها .. مندوب منظمة حقوقية في غزة كان حاضرا للمؤتمر طالب النائب العام بإجراء تحقيقا فوريا وحدد ثلاثة جهات مسئوليتها عن إيصال الطحين الفاسد للمحتاجين ، والجهات الثلاثة هي : التجار أو أصحاب المطاحن موردي الطحين الذين تعاقدت معهم وكالة الغوث الدولية ، والمسئولين عن ذلك العاملين في الوكالة ، وكذلك المسئولين عن الفحص في مختبرات الجامعة المذكورة ..
السيد جون مدير عمليات وكالة الغوث الدولية اجتمع بي قبل المؤتمر ليقدم لي بالغ الشكر لما قدمته من نقد موضوعي عن العملية التعليمية وعن الطحين الفاسد ، أكد لي أنه سيستمر في سياسته بدعم الفقراء والمحتاجين وزيادة الحصص التموينية لهم وبأنواع جيدة وبطريقة لا تسمح بالتدليس والغش ، وسيعاقب من غش الطحين بفضحه وعدم التعامل معه ، وأنه سيستمر بإصلاح العملية التعليمية وأيضا سيكون هناك إجراءات إصلاحية في قطاع الخدمات الصحية ... نعود إلى قضية الطحين الفاسد الذي دفع ثمنه الفقراء والمحتاجين ، هل ظروفنا السياسية والقانونية تسمح بإجراء تحقيق في هذه القضية ليأخذ كل مجرم عقابه ويعطى كل مظلوم حقه ؟ سؤال موجه إلى كل الحريصين على تنفيذ القانون وعلى رأسهم منظمات حقوق الإنسان ونقابة المحامين والحكومة والمجلس التشريعي الذي لم يعد له وجود ؟؟ هل عرف المجرمون أن غزة لم يعد بها قانون وأن حكومة التغيير والإصلاح لن تطالهم لعلاقتهم الوطيدة معها ؟ وأن الناس لم يتعلموا الديمقراطية بعد وطرق محاسبتهم ؟ إذا لم يكن كذلك فعلى حكومة التغيير والإصلاح أن تثبت حسن تصرفها إن كانت شرعية أو غير شرعية فهي المسئولة أولا وأخيرا عن حياة مليون ونصف مليون إنسان لتقوم على الفور بفتح تحقيق في قضية واضحة جريمتها وأدواتها والقائمين عليها بدء من موردي القمح وأصحاب المطاحن الذين ألغت معهم وكالة الغوث عقودها ، وكذلك العاملين في مختبر الجامعة الذين قاموا بفحص الطحين وتزوير الحقائق .. ومن حق الناس والرأي العام معرفة حيثيات القضية وحجم الأموال التي أهدرت وحجم الضرر المادي والمعنوي ، والأطراف المتورطة في هذه القضية ، وما هو الحكم الذي يقع على المتورطين وحجم التعويض الذي سيؤول لوكالة الغوث لإعادة توزيعه على الفقراء والمحتاجين ..؟
كلنا يعرف أن التجار ليس لهم أخلاق ولا ضمير إنساني ، وأن جشعهم في غزة فاق كل تصور وفاق كل ربح معقول ؛ فهم يربحون أضعافا مضاعفة بلا ورع أو وازع ضمير ولا ينتمون لوطن أو ثورة أو لفلسطين الغالية .. ويختبئون خلف الدين ليوهموا الناس أنهم الأتقياء ، ويقومون بين فترة وأخرى بتوزيع الصدقات التي هي فتات بالنسبة لأموالهم ؛ كي ينالوا دعوات البسطاء والمساكين .. كلنا يعرف أن الفساد استشرى في مجتمعنا نتيجة ظروف ليست خافية على أحد وكثرت الأنفس المريضة التي باعت أهلها وضميرها بحفنة زائلة من النقود .. وكلنا ثقة ومحبة بجامعة مرموقة في غزة أخذت من الدين الإسلامي الحنيف مبدأ أساسيا في تعليمها لأبنائنا حتى نالت على ثقة الجميع ، لكننا الآن مطالبون بإعادة النظر في دور هذه الجامعة إذا لم تعلن هي على الملأ موقفها مما حدث في عينات الطحين الذي يفحص في مختبراتها العلمية بدون الهروب أو البحث عن ضحايا والالتفاف على مجرى التحقيق خاصة إذا كانت هذه الجامعة ترتبط ارتباطا وثيقا بحكومة التغيير والإصلاح التي لا تبالي بما يقوم به التجار في غزة نتيجة حسابات مالية بينهما ...؟ هنا الطامة الكبرى إن اتضح أن الجامعة متورطة بالفساد وأن مسئولين وعاملين فيها زوروا الحقيقة عمدا ، قد يقول بعض العاملين أو الذين يدافعون عنها : ما ذنب العاملين إن فحصوا عينات من الدقيق سليمة أحضروها لهم التجار أو غيرهم ، فهذا عذر يكون أقبح من ذنب لأن الفاحص هو المسئول وهو الخبير في كيفية أخذ العينات ولا يجوز ترك الأمور هكذا خاصة إذا كان الأمر يتعلق بحياة الناس وأرواحهم ..؟ على أية حال الرأي العام لا يعرف ذلك والحقيقة يجب أن يعرفها الجميع .. وإن استطاعت الحكومة والجامعة إخفاء الحقيقة لانشغال الناس في القضايا الأساسية .. فسيكون اللوم الأكبر على القوى السياسية الأخرى المنشغلة في المناكفات السياسية بينها وبين حركة حماس ، وكأن الأمر والهدف لهم هو الحكم والسلطة فقط ! وليس الناس وهمومهم وقضاياهم .. الكل يعرف أن هذه القضية لو حصلت في دولة مستقرة بعض الشيء لهزت أركانها وقوضت حكمها ، أما القوى السياسية عندنا تمر عليهم قضية تمس حياة المواطنين وكأنها تعيش في بلد آخر .. لم يبقى لدينا شيء إلا أننا ننتظر ردا من حكومة التغيير والإصلاح أولا .. وبيانا وموقفا من الجامعة المرموقة ثانيا .!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة